دفع ديبلوماسي مكثف انطلق باتجاه لبنان قبل جلسة 9 كانون الثاني الانتخابية. لا يزال اسم قائد الجيش جوزاف عون هو الاسم المتقدم، الذي يحظى بتقاطع داخلي وخارجي، ولكن دونه موانع كثيرة أبرزها موقف التيار الوطني الحرّ، الثنائي الشيعي، والقوات اللبنانية التي لم تعلن تبنيها أو دعمها لترشيح قائد الجيش حتى بعد عودته من السعودية. إلى جانب عون تنحصر الترشيحات بثلاثة أسماء أخرى، مدير عام الأمن العام اللواء الياس البيسري، جهاد أزعور وسمير عساف. الأجندة الدوليةمهمة الرئيس أصبحت معروفة بالنسبة إلى المجتمع الدولي، الذي يريد إنجاز ترتيبات أمنية شاملة وإرساء الاستقرار، لا سيما في الجنوب مع تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، على الرغم من الخروقات الإسرائيلية، بالإضافة إلى إيجاد علاج لمسألة سلاح الحزب. وبالتأكيد هناك المهمة الأخرى المتصلة بإعادة الإعمار ووضع خطة إصلاحية على المستوى الاقتصادي. لذلك فإن المعركة تتركز بين مرشحين أمنيين- عسكريين، أو اقتصاديين.
ما تبلغه مختلف الأفرقاء، أن المطلوب التزام لبنان بالأجندة الدولية المفروضة، وخصوصاً مسألة السلاح والاستقرار والإصلاحات. ولذلك كل الضغوط تركز على أن أي رئيس يجب أن يلتزم بهذه المعايير والمواصفات التي تم وضعها بين الدول الخمس المعنية بلبنان. تستغل إسرائيل الوضع القائم حالياً في سبيل توسيع نطاق اعتداءاتها في الجنوب. وهي تتذرع بأن حزب الله لم ينسحب بأسلحته من منطقة جنوب الليطاني. في المقابل، فإن حزب الله وحركة أمل ينظران إلى ما تقوم به إسرائيل كمحاولة لفرض أمر واقع عسكري يكون له انعكاسات سياسية. بمعنى أن تفرض إسرائيل مع أميركا معايير سياسية يفترض بأي رئيس أو حكومة الالتزام بها، وتغيير موازين القوى. برّي والاتفاق وهوكشتاين بحال تحقق كل هذا في جلسة 9 كانون الثاني، فإن عملية الانتخاب ستنجز وسينتخب الرئيس. أما بحال استمر التضارب في التوجهات الداخلية ولم يحصل التوافق على أي مرشح، فإن الجلسة قد لا تنتج رئيساً. وفي هذا السياق يؤكد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنه حريص على انتخاب الرئيس، وهو سيبقي الجلسة مفتوحة وبدورات متتالية لأجل الخروج برئيس.
ويوم الخميس سيلتقي برّي برئيس لجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار برفقة السفيرة الأميركية، وسيشدد على ضرورة ضمان أميركا التزام إسرائيل بالاتفاق، وعدم مواصلة الخروقات والاعتداءات وعمليات التفجير. فلا أحد يضمن ما الذي سيقدم عليه حزب الله، وأنه حينها يمكن للاتفاق أن ينهار.
في هذا السياق، يحظى جوزاف عون بدعم أميركي واضح للرئاسة. بعض المعلومات تتحدث عن زيارة يمكن أن يجريها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للبحث في سبل تطبيق الاتفاق، والتفاوض مع برّي حول إمكانية انتخاب الرئيس. ولا يخفى أن هوكشتاين يفضل وصول قائد الجيش إلى الرئاسة. في هذا السياق، برزت زيارة قائد الجيش إلى السعودية، والتي كانت إيجابية وفق ما تشير مصادر متابعة، وتم إبلاغه بأن السعودية حريصة على الجيش وعلى الأداء الذي مارسه عون على رأس المؤسسة العسكرية، متعهدة بتوفير كل سبل الدعم له وللمؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة.
التحرك السعودي
هنا يبرز تحرك سعودي على الساحة اللبنانية، من خلال زيارة سيجريها وزير الخارجية فيصل بن فرحان. وهو أول وزير خارجية سعودي يزور بيروت منذ تولي الملك سلمان الحكم. يشير ذلك إلى رفع درجة الاهتمام السعودي بلبنان. كذلك فإن مستشار الوزير السعودي للشؤون اللبنانية يزيد بن محمد بن فرحان، والذي يواكب هو الملف اللبناني قد يسبق وزير الخارجية بيومين، لعقد لقاءات مع مختلف القوى السياسية، بانتظار وصول وزير الخارجية فيصل بن فرحان لعقد لقاءات مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب، ودعوة عدد من المسؤولين إلى غداء في السفارة السعودية.تفيد المعلومات بأن الزيارة السعودية، تمثل تحولاً أساسياً في مسار المقاربة السعودية في لبنان، لا سيما أنها الزيارة الأولى التي يجريها وزير الخارجية منذ سنوات طويلة. وهي تجري بتنسيق كامل مع الأميركيين والفرنسيين، وستتضمن الزيارة إشارات واضحة حول انتخاب رئيس الجمهورية، والمواصفات التي تم وضعها من قبل اللجنة الخماسية، مع الإشارة إلى الثقة العامة والمطلقة بالمؤسسة العسكرية وكيفية إدارتها من قبل قائد الجيش جوزاف عون. وهذا ما ستتم مناقشته مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في محاولة لفتح كوة وإنجاز الاستحقاق.