وقعت الدولة اللبنانيّة في ورطة "دولية"، تتمنى اليوم لو كان بامكانها تحاشيها، خصوصًا في هكذا ظروف استثنائية تمر على لبنان. tبعد أن أوقفت الأجهزة الأمنية الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، إبن الداعية يوسف القرضاوي التابع لجماعة الإخوان المسلمين، بات متوجبًا على السلطة السياسية اتخاذ القرار المناسب بحق المطلوب، وتسليمه للقضاء الذي يُطالب به، لكن المأزق هنا، أن مجموعة من الدول تُطالب بتسلّم القرضاوي وهي: "تُركيا، الامارات، مصر وقطر". تحقيقات قضائية صباح اليوم الإثنين 30 كانون الأول، حققت المباحث الجنائية المركزية مع الناشط المصري، عبدالرحمن القرضاوي. وبعد انتهاء الاستجواب اتخذ المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار قرارًا بتوقيفه.
وكان جهاز الأمن العام قد ألقى القبض على القرضاوي يوم السبت 28 كانون الأول عند معبر المصنع الحدوديّ أثناء دخوله الأراضي اللبنانيّة بعد عودته من سوريا وذلك بناءً على مذكرة توقيف صادرة عن القضاء المصري.
وعليه، تسلمت المباحث الجنائية المركزية الموقوف صباح اليوم الإثنين 30 كانون الأول، من جهاز الأمن العام لاستجوابه والتحقيق معه بالتهم المنسوبة إليه. وحسب معلومات "المدن" فإن القرضاوي كان قد وصل من تُركيا إلى مطار رفيق الحريري الدولي منذ أيامٍ، وبعدها عبر الحدود اللبنانيّة-السورية متوجهًا نحو سوريا لزيارتها بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقضى فيها عدة أيامٍ، واحتفل بسقوط النظام السوريّ، وخلال عودته إلى لبنان، تم توقيفه من قبل جهاز الأمن العام عند معبر المصنع الحدوديّ. وهذا يعني أنه عبر الأمن العام مرتين، وفي المرة الثالثة تم توقيفه، بسبب استخدامه جواز سفره التُركيّ.ملاحقة دوليةوأفاد المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار لـ"المدن" إلى "أن القضاء اللبناني تسلّم برقية من الامارات اليوم، وهناك برقية سابقة حُولت للنيابة العامة التمييزيّة من مصر، ويُلاحق القرضاوي بجرائم "التحريض على الارهاب والعنف ومحاولة قلب النظام وبث أخبار كاذبة".
وحسب البرقية المصرية، اتهمت الدولة المصرية القرضاوي في العام 2017 بـ"إذاعة بيانات من شأنها إلحاق الضرر بالسمعة العامة"، وذلك بسبب كلام له في الفترة السابقة تناول فيه "فشل الدولة في معالجة المشاكل الاقتصادية".
أما البرقية الاماراتية فحولت بعدما نشر القرضاوي مقطعًا مصورًا على منصة إكس خلال وجوده في سوريا، قال فيها: "أمام طوفان التغيير ولمواجهة التحديات الشريرة التي يخطط لها العالم أجمع، وعلى رأس المخططين والمتآمرين أنظمة الخزي العربي وصهاينة العرب في الامارات والسعودية ومصر...".ملفات الاستردادجرى توقيف القرضاوي عبر السلطات اللبنانية بناءً على بلاغ الانتربول الصادر عن مجلس وزراء الداخلية العرب، وحكم عليه غيابيًا بالسجن خمس سنوات في مصر. ووفقًا لمعلومات "المدن"، حوّل الحجار كتابًا لكلّ من الامارات ومصر، وأبلغهما أن القرضاوي صار موقوفًا لدى النيابة العامة التمييزية، وطلب من الدولتين إرسال طلبات استرداده لدراستها واتخاذ القرار بشأن ترحيله أو عدمه. من جهة أخرى، طالب القضاء التركي بتسليمه القرضاوي لكونه يحمل الجنسية التُركية ويقيم في تُركيا، وتماشت الدولة القطرية مع هذا المطلب، لكون والده يحمل الجنسية القطرية. في المقلب الآخر، فإن مصر والامارات تصرّان على تسلّم المطلوب لمحاكمته بحجة أنه "يهدد أمنهما ويبث الأخبار الكاذبة".ضغوط دوليةووفقًا لمصادر "المدن" فإن ضغط دوليّ يُمارس على السلطة السياسية في لبنان، وهناك ضغوط قطرية-تُركية، تُطالب بترحيل القرضاوي إلى تُركيا، وضغوط اماراتية-مصرية لتسلّم المطلوب وسجنه ومعاقبته. وحسب معلومات "المدن" فإن القاضي الحجار سيحدد جلسة لاستجوابه بعد وصول ملفات استرداده.
عمليًا، حين تلقي الأجهزة الأمنية القبض على أي مطلوب بمذكرات دولية، تُبقي المطلوب موقوفًا حتى وصول ملف استرداده، ويتم ترحيله إلى البلد الذي أصدر مذكرة توقيف بحقه، وفي حال تأخر وصول الملف، فإن القضاء قد يلجأ في بعض الأحيان إلى تركه بسند إقامة، ويُمنع من السفر. إذن، بعد وصول ملف استرداده، يتوجب على السلطة السياسية أن تصدر مرسوم ترحيله. لكن السؤال كيف ستتصرف الدولة اللبنانية في هذه القضية، وإلى أي دولة سيُرحل القرضاوي؟