2025- 01 - 25   |   بحث في الموقع  
logo اتفاق وقف النار في غزة بين المُعلن والمَخفي logo دليل الجامعات السورية.. اعتراف بمؤسسات النظام وتهميش الثورة logo إسرائيل تماطل بالانسحاب: واقع عسكري لفرض وقائع سياسية logo حقيبة المال بين المداورة والمحاضر: هل يحسم الدستور السجال؟ logo مصير اتفاق وقف الأعمال العدائية وإشكاليات تطبيقه logo اللبنانيون يتخوفون من الخيبات: رهان على الخارج لإنجاز الحكومة logo “اتهامات خطيرة”.. مذكرة توقيف بحق فادي الخطيب! logo اذا لم تنسحب “اسرائيل”.. مقاومة جديدة ستنطلق
في ذكراه الـ60: العقاد وأربع نساء
2024-12-31 00:25:41


مضى على رحيل الأديب عباس محمود العقاد(1889-1964) ستون عاماً ولا يزال يذكر في تاريخ الأدب العربي الحديث بموسوعيته وانتاجه الغزير (أكثر من مئة كتاب) ومواقفه بالدفاع عن الحرية، وعلاقته المميزة مع المرأة.
لا تزال تلك الصيحة التي أطلقها في مجلس النواب المصري ترن وتحمل جرأته وصلابته وقوة قناعاته. "من أجل الدستور يجب أن يسحق أكبر رأس في مصر". ودفع ثمنها تسعة أشهر في السجن بتهمة التعرض للذات الملكية. كان فعلاً الصوت الأعلى المدافع عن الحريات في مصر. أيد الثورة الشعبية الأولى في مصر، ولم يمنعه انتماؤه لحزب الوفد من معارضة زعيم الوفد سعد زغلول انتصاراً للشيخ علي عبد الرازق وكتابه "الإسلام واصول الحكم" 1925. ورغم خلافه الشخصي مع طه حسين فقد دافع عنه في محاكمته على كتابه "في الشعر الجاهلي". كما لم تغره هالة أو واجهة في مصر، فقد هاجم أمير الشعراء أحمد شوقي لأجل شعر مختلف. وهاجم المنفلوطي في نثره التقليدي. قدر العقاد قيمة الفرد المميّز في الأمة ودوره البناء في المجتمع. وهذا ما يفسر ربما سلسلة "العبقريات" التي أنتجها ولعلها التعبير الأبلغ عن نظرته. برع العقاد في المقالة النقدية الأدبية والفكرية والسياسية. وأغلب كتاباته بُنيت على أساس فكري متين ودراسة بحثية معمقة. كان العقاد ركناً فاعلاً في الحياة السياسية والثقافية ومارس حريته بلا حدود حتى أنه انقلب على حزب الوفد عندما حاول النحاس باشا أن يلجمه في بعض مواقفه التي كان سعد زغلول ليتساهل فيها معه.
(العقاد وهند رستم)وماذا عن المرأة في حياته وقصص الحب وهو العازب الشهير؟ لعل القصة الأشهر في حياته هو حبّه للأديبة مي زيادة وكانت أشهر منه ونافسه بحبها جبران، ثمّ تفردّ في قلبها إلا أنها وضعت جبران في قمة قلبها. وكان العقاد يسخر من مي وعشاقها ويقول: "إن قلبك مثل نادي محمد علي لكثرة ما يتردّد عليه من عظماء". هو الذي استعار بيتين من شعر ابن الرومي لكي يصفها:
وغَريرٍ بحسنها قال صِفْها
قلت أمْران هَيِّنٌ وشديدُ
يسهل القول إنها أحسن الأشْ
ياءِ طُرّاً ويعْسرُ التحديدُ
وبحسب مصطفى أمين أن مي أحبّت العقاد الرجل وعشقت جبران الكاتب. كانت مي تقول عنه "إنه سريع الغضب سريع الرضا وتسمي حبه "الحب المتعب". وفي كتابها" ليالي العصفورية" الذي كشف عنه الروائي واسيني الأعرج تقول: "ماذا لو كان العقاد وفيا لحب نبت كبيراً قبل أن يموت بسرعة. قتلته غيرته المميتة من جبران".
(سارة والعقاد)أما القصة الثانية أو المرأة الثانية في حياته فكانت سارة. سارة التي عشقها وكتب كتابأ باسمها(1938). عشقها وذاب في حبّها. وقضى معها أشقى أيامه وأقساها. لم يكن اسمها الحقيقي سارة. هي في حقيقتها- يقول العقاد- تجربة نفسية كان لا بدّ أن تكتب وكتبها. هل هي قصة واقعية ام خيالية؟ حدثت حقاً أو كانت قابلة للحدوث. علاقة استمرت لسنوات وانقطعت لسنوات. بقيت سارة الرواية الوحيدة في حصاده. استحوذ عليه الشك مثلما استحوذ عليه اليقين. الفتنة والغموض والأسرار. كتب قصتها المشهورة وكانت لم تزل على قيد الحياة. كانت امرأة تهوى اللعب في القلوب. يطردها من بيته ولا تلبث ان تعود. يموت حبها في قلبه مرات، ثم يشتعل من جديد حين تشرق أو تعود.
أما القصة الثالثة أو المرأة الثالثة في حياته فكانت الفنانة مديحه يسري. رأى صورتها في إحدى المجلات ولم يعد يستطيع النوم أو أن ينسى جمال العيون. اسمها الحقيقي هنومه خليل وكانت تلميذة في مدرسة الفنون في شبرا. وصلت إلى صالونه- صالون العقاد الشهير. سألها: ماذا تقرا؟ وما هواياتها؟ قالت: "الرسم والتمثيل". سألها: "هل قرأت شيئا للعقاد"؟ قالت: "لا ". فضحك. أعطاها العقاد من خزانته كتاب "عبقرية محمد" فقرأته. أعطاها "عبقرية عمر" و"عبقرية علي" وكتابه عن سعد زغلول. حكى لها عن سارة. وضع لها جدولاً للدراسة وحصصاً بالانكليزية والعربية وسير الفنانين وسماع الموسيقى. وصار اللقاء بينهما خليطاً من العلم والأدب والموسيقى والحب والهوى.
أربع سنوات في حب تلميذة. طلب إليها أن تصنع له بلوفر بيديها لكنها أخذت المقاسات وأعطتها إلى المصنع وقدمته إليه. كتب: "خوني فأنت أحلى من الوفاء". تساءل الأصدقاء كيف يتفاهم العلامة مع فتاة لم تحصل على شهادة الإبتدائية. هي تريد أن تكون نجمة سينما وهو يريدها نجمة أدب. ذات مرة قال لها: "إن سارة عكس مي، والفرق بينهما كالفرق بين الملاك والشيطان. أنت الإثنان معا". وفي النهاية هربت إلى ضفة الفن ومن غيرته ورقابته. غادرت وانضمت الى مكتب محمد عبد الوهاب ومجموعة فيلمه الجديد. مثلت دوراً امام المطرب محمد أمين وأحبها وتزوجته. استدعى العقاد الرسام صلاح طاهر وطلب إليه أن يرسم صورة لهنومه والذباب يغطي وجهها. دخلت في علاقة مع الفنان أحمد سالم. ثم تزوجت من المطرب محمد فوزي. وتطلقت منه وأصرت أن لا تعود إلى العقاد. وأصرت على الصداقة معه بلا نجوى ولا عشق ولا غرام.
تبقى القصة الرابعة والأخيرة أو المرأة الرابعة في حياة العقاد ولو أقتصرت على لقاء وحوار. كان ذلك قبل وفاته بسنة. لقاء بين فتنة الاغراء وفتوح العقل. عباس محمود العقاد والممثلة هند رستم. في 18 كانون الاول من عام 1963 سجلت مجلة" آخر ساعة" وقائع وتفاصيل اللقاء ووصفته بأنه" لقاء العقل والاغراء". قال لها العقاد إنه وجد فيها سارة جديدة. قال لها: "كلميني عن مشاكلك كانثى". اطراها بالقول "إنك نجمي المفضل". وإنك"ملكة التعبير وليس ملكة الإغراء". ورشحها لدور سارة. سألته: هل يؤمن بحب المرأة؟ أجاب: "بل أؤمن بالحب والإرادة وأنا ضعيف أمام العاطفة. وازاء ذلك ألجا إلى الفن والعقيدة الدينية لأن الإرادة لا تكفي". سألته: "مم يخاف العقاد؟
قال:"الفقر". وهل الرجل مغر؟ أجاب: "القوة هي الإغراء في الرجل والعقل هو الحيلة". وفي الترميز بين الرجل والمرأة قال: "الرجل هو الشمبانزي والمرأة هي الارنب. الشمبانزي حساس. والأرنب ناعم يتجسس ويتحسس ومولع بالسراديب". أمسك كفها طويلاً وشرح لها الارتباط بين الكف وشخصية الانسان.
وبقدر ما كان العقاد عملاقاً وجريئاً وشخصيته صلبة ومتوهجة وأقرب إلى شخصية زعيم سياسي أو رئيس حزب بقدر ما كان إنساناً مرهفاً ومهجوساً بالمرأة وذلك الطريق المعقد الذي اسمه الحب. ومعه أيضاً ذلك الخيط الناحل بين الحب والتملك والحرية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top