فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، مكثفاً هجماته على المستشفيات، ومهدداً حياة مليوني نازح، حذر مسؤولون في جيش الاحتلال الإسرائيلي، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من استعادة حماس لقوتها السياسية، في ظل غياب السياسة الواضحة تجاه قطاع غزة، وبالتالي خسارة "إنجازات الحرب"، وعودة الوضع إلى ما قبل عملية طوفان الأقصى.
السلطة الفلسطينية أو حماس؟
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الاثنين، عن المسؤولين، قولهم إنه يجب الاختيار بين نقل السلطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية، أو الحكم العسكري، لكن نتنياهو يرفض كلا الخيارين. كما يحذّر المسؤولون من أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة مشابه، وأن المخاوف هي من تسرّب الحالة الغزية إلى هناك أيضاً.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين على دراية بصورة الوضع السياسي والأمني، ويدعمون اتفاق وقف إطلاق نار شامل أو جزئي وفوري، ويحذّرون نتنياهو مراراً وتكراراً من أن غياب النقاش واتخاذ القرارات بشأن الإدارة والسيطرة المدنية على القطاع بعد الحرب سيؤدي إلى وضع تستعيد فيه حماس قوتها السياسية وتدير شؤون القطاع.
عودة حماس
وقال المسؤولون إنه في غياب البديل، ""لن يكون هناك مفر من عودة حكم حماس." وأضافوا "يجب اتخاذ قرار الآن، قبل الصفقة. حتى في صفقة صغيرة، ستعود حماس إلى السيطرة الكاملة. إذا لم يتم اتخاذ قرار، فإننا نفقد مكاسب الحرب ولا نحقق أحد أهدافها، وهو إسقاط حماس".
وبحسب الصحيفة، فإن هذا الموقف مشترك بين مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وأن "هناك من يدركون ما لم يستوعبه المستوى السياسي بعد أو يرفض قبوله، وهو أنه رغم تدمير القدرات العسكرية لحماس تقريباً بالكامل ... فإن القدرات السياسية لا تزال قائمة".
هدف مصيري ولكن..
ونقلت عن المسؤولين قولهم إن "إسقاط حكم حماس هو هدف مصيري، لكنه في هذه المرحلة ليس أكثر من شعار" وأن "الطريقة لإعطائه مضمونا، تكمن في ثلاثة خيارات: الأول هو السلطة الفلسطينية، بدعم مالي من الولايات المتحدة ودول الخليج، مما سيخرج حماس... ويقود إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، في خطوة تاريخية ستغيّر الشرق الأوسط. لكن نتنياهو رفض ويرفض هذا الخيار. العذر هو سيطرة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على زمام الائتلاف، لكن الحقيقة هي أن الليكود وحزب جدعون ساعر سيجدان صعوبة كبيرة في تمرير مثل هذا القرار بين مؤيديهم".
أما الخيار الآخر، بحسب المسؤولين، فهو "إقامة حكم عسكري في غزة. وعندها سيوزّع جنود الجيش الإسرائيلي الطعام، وستدير دولة الاحتلال البنية التحتية للصحة والرفاه، وسيدفع المواطنون الإسرائيليون ثمن ذلك إلى جانب الأموال التي تُنفق على غلاء المعيشة في إسرائيل، والذي من المتوقع أن يتفاقم بشكل كبير هذا الأسبوع، فيما نتنياهو، الذي يعرف الثمن الاقتصادي والدولي يرفض أيضاً هذا الخيار". أما الخيار الثالث، الذي يحذّر منه المسؤولون في المؤسسة الأمنية، فهو "اتخاذ قرار بعدم اتخاذ قرار، بحيث يواصل جيش الاحتلال العمل في غزة، وهذا سيؤدي إلى إعادة بناء حكم حماس".
حملة مكثفة على المستشفيات
ميدانياً، كثف الجيش الإسرائيلي، اليوم، هجماته على المستشفيات في قطاع غزة، فيما ردت المقاومة باستهداف "غلاف غزة" بثلاث قذائف صاروخية. وقال جيش الاحتلال إنه رصد إطلاق 5 قذائف من شمالي القطاع اعترض اثنتين منها وسقطت الأخرى في مناطق مفتوحة، معترفا من ناحية أخرى، بمقتل أحد جنوده، في معارك شماليّ القطاع.
وفي إطار حملته المستمرة، ضد المستشفيات في قطاع غزة، اعتقل جيش الاحتلال 4 مرضى من بين عشرة، أثناء نقلهم من مستشفى الإندونيسي إلى مستشفى الشفاء، من خلال منظمة الصحة العالمية، بحسب ما ذكرت وزارة الصحة في غزة، مؤكدة أن أحد المرضى الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال، بحالة حرجة للغاية. وأضافت أن سبعة مرضى وعشرة من الكوادر الطبية، لا يزالون في مستشفى الإندونيسي في ظروف مأساوية.
وقصفت قوات الاحتلال شقة سكنية في محيط ملعب فلسطين في مدينة غزة، ما أدى إلى سقوط شهيدين، فيما استهدف بالمدفعية حيي الصبرة والزيتون جنوب شرق المدينة، وشن غارات على شمالي القطاع. وتعرضت رفح إلى قصف مدفعي، في حين جرى قصف شاطئ منطقة المواصي من الزوارق الحربية. كما تعرضت النصيرات إلى قصف مدفعي وغارات جوية.
مليونا نازح يعانون ظروفاً قاسية
في غضون ذلك، وفي ظل استمرار حرب الإبادة، التي يخوضها الاحتلال، غرقت مئات الخيام، في مخيمات النزوح في مناطق متفرقة من دير البلح ومواصي خانيونس جنوب قطاع غزة، فجر اليوم الاثنين، جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على القطاع.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان، من المنخفض الجوي عالي الفعالية الذي يؤثر على قطاع غزة، مطالبا المجتمع الدولي والدول العربية "بفكفكة الأزمة الإنسانية وإنقاذ واقع النازحين بشكل فوري وعاجل".
واكد أن مليوني نازح يعانون ظروفا قاسية في قطاع غزة، بالتزامن مع المنخفضات الجوية وفصل الشتاء وموجات الصقيع الشديد.
وفي تقرير منفصل، نشره بمناسبة مرور 450 يوماً على الحرب، أعلن المكتب الحكومي في قطاع غزة، أن 88 ألف طن من المتفجرات ألقاها جيش الاحتلال على قطاع غزة، مشيراً إلى أن 1413 عائلة فلسطينية ابادها الاحتلال ومسحها من السجل المدني، بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، وأن 238 طفلاً رضيعاً ولدوا واستشهدوا في حرب الإبادة الجماعية، وأن 853 طفلاً استشهدوا وعمرهم اقل من عام. وأضاف المكتب، منهم 44 استشهدوا نتيجة سوء التغذية ونقص الغذاء والمجاعة.
وأوضح التقرير أن 2300 جثمان سرقها الاحتلال، من العديد من مقابر قطاع غزة، لافتاً إلى أن 12 ألفاً و 125 امرأة فقدت زوجها في الحرب.
"أونروا" تحذر من مجاعة
وفيما حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من "اقتراب المجاعة" في قطاع غزة، الذي يعاني سكانه من انعدام الأمن الغذائي ونقص المساعدات الإنسانية، في ظل الحرب. عبّرت منظمة العفو الدولية عن شعورها بالقلق البالغ، على مصير مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة حسام أبو صفية، بعد اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي مطالبة بإطلاق سراحه فورا ودون شروط.
من جهته، أكد مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، أن النظام الصحي في قطاع غزة تحت تهديد شديد، مشيراً إلى "أن مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية في مكان غير معروف ونطالب بالإفراج عنه."
مقتل جندي اسرائيلي
ويأتي ذلك في وقت تواصل فصائل المقاومة نصب الكمائن والاشتباك مع القوات الإسرائيلية المتوغلة في القطاع، إذ أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن مقاتليها اقتحموا نقطة عسكرية إسرائيلية شرقي جباليا، واشتبكوا مع الجنود بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل أحد جنوده وإصابة اثنين آخرين بجروح في شمال القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية. وقال إن
أحد المصابين ضابط من لواء "غفعاتي" وأن إصابته خطرة، وبذلك يرتفع عدد قتلاه إلى 40 جنديا خلال العملية الأخيرة في جباليا.