كتبت “اللواء”: كثرت في الآونة الأخيرة بعد اسقاط نظام بشار الأسد المطالب بضرورة إعادة النظر في اتفاقات التعاون الموقعة بين لبنان والنظام السوري السابق، فهناك أكثر من 40 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وسوريا، باتت رهن الإلغاء أو التعديل مع سقوط النظام السوري الذي صاغ كلّ تلك الاتفاقيات، إلا أن هذه الخطوة رهن إرادة الطرفين ومقاربة الحكم الجديد بعد سقوط نظام الأسد في سوريا لأنه لا بد من إدخال تعديلات عليها تحاكي المتغيرات والتحولات السياسية والاقتصادية، وحتى الأمنية التي يتأثر بها الطرفان باعتبار أنه من الممكن أن يكون التأثير الأكبر على لبنان جراء الوضع في سوريا بعد سقوط الأسد وقد يكون اقتصادياً .
أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفسور جاسم عجاقة يروي بأنه هناك 42 إتفاقية تعاون ثنائية بين لبنان وسوريا ومن بينها الإتفاقية التي وقعت عام 1951 واستمرت، وهناك أكثر من 25 اتفاقية إقتصادية ،أما الإتفاقات التي حصلت بالأخص بعد عام 1975 كان فيها نوع من الطغيان للمصلحة السورية على المصلحة اللبنانية وبالتالي من الضرورة إعادة النظر في هذه الإتفاقات.
ويؤكد عجاقة على أنه من غير الممكن أن تستمر هذه الإتفاقات على هذه الصورة القائمة من الناحية الإقتصادية على وجه التحديد بسبب غياب التوازن بين المصلحة اللبنانية والسورية بهذا الصدد،وهذا السبب يعود إلى مرحلة الوجود السوري المسلح التي كانت قائمة بعد العام 1975 ونفوذه الواضح الذي تترجم بشكل أو بآخر ضد مصالح اللبنانيين.
ويشدد على أنه المطلوب هو أن يكون هناك نوع من إعادة التوازن الجاد بين لبنان وسوريا، لأنه لا يمكن لهذا المسار القائم أن يستمر بهذا الشكل، لأن الإشكالية أكبر من الاتفاقيات القائمة لأنه في حقيقة الأمر لم يكن هناك استفادة سورية مطلقة، كما أنه لا يوجد استفادة لبنانية مطلقة أيضاً لأن المستفيد الأكبر من هذه الإتفاقيات هي عصابات لبنانية وسورية، لأنه حتى الدولة السورية في ذلك الوقت لم تستفد من هذه الإتفاقيات بسبب هذه العصابات.
ويرى أن الجانبين اللبناني والسوري لديهما مصلحة مشتركة في إعادة النظر في هذه الإتفاقيات لأنه لا يوجد أي إستفادة فعلية للبنان جراء هذه الإتفاقيات،لذلك من مصلحة لبنان المطالبة بإعادة النظر بهذه الإتفاقيات،لأن لبنان لا يمكن أن يخسر في حال طالب بإعادة النظر في هذه الإتفاقيات أو في حال ألغيت هذه الإتفاقيات لأنه في أغلب الظن من الممكن أن يكون لبنان هو الرابح الأكبر.
ويذكّر عجاقة أن عمليات التهريب التي لا زالت تحدث على الحدود اللبنانية السورية خسَّرت لبنان مليارات الدولارات، خصوصاً أثناء بدايات الأزمة الإقتصادية عام 2019 أي عندما تم تهريب الكثير من الدولارات إلى سوريا، وخلال الحرب السورية في العام 2011 كان يُستعمل لبنان كقاعدة لوجيستية للإستيراد السوري باعتبار أن المصارف السورية خاضعة للعقوبات، وهذا كان يمنع بشكل أو بآخر القدرة على الإستيراد، لذلك هناك ضرورة قصوى لإعادة النظر لمصلحة الشعبين السوري واللبناني، لأن التهريب قام بكسر جميع المنافع.
ويكشف أن أرقام التبادل التجاري بين لبنان وسوريا بدورها لا تعكس الواقع، نظراً لأنها أرقام تعتبر هزيلة وفقاً للحقيقة والواقع والمنطق الذي يقول بأن هناك دولتين جارتين،ودولة من هذه الدولتين تعتبر مساحتها كبيرة أي “سوريا» وليس لها القدرة على الإستيراد بسبب العقوبات ويكون حجم التبادل بهذه المبالغ المحددة في السنة،هذا أمر سخيف للغاية لأن الأرقام بمعظمها قائمة على عمليات التهريب التي تجري على الحدود مع لبنان، والتهريب لا يسجل في الجمارك بدوره، وحجم التهريب بدوره كان كبيرا إلى درجة أنه أسقط كل شيء، فلا سوريا تعلم حجم استيرادها من لبنان، ولا لبنان بدوره يعلم حجم استيراده من سوريا وهذا أمر خطير للغاية.
ويختم عجاقة: “من الضرورة الحفاظ على العلاقات بين لبنان وسوريا، لأن الدولتين بحاجة لبعضهما البعض وخصوصاً فيما يتعلق بإعادة إعمار سوريا، فسوريا بحاجة إلى لبنان لأن موانئها لا تكفي لكي يعيدوا إعمار سوريا عبرها بمفردهم،لذلك هم بحاجة ضرورية إلى موانئنا، وفي الوقت نفسه نستطيع الإستفادة إقتصادياً عبر إعادة تشغيل القطاع الخاص في إعادة الإعمار،والشركات التي ستأتي بدورها إلى لبنان ستأخذ من لبنان مركزاً لها بسبب استمرار وجود فصائل مسلحة في سوريا”.