عام آخر ينقضي وأضواء المقرّ الأول في الدولة اللبنانية مطفأة. في واحدة من أصعب السنوات التي مرت على لبنان وعاشها اللبنانيون، كان رأس الدولة مقطوعاً. وعند طيّ صفحة هذه السنة يستقبل اللبنانيون عاماً يفترض أن يكون مفعماً بآمال البناء والمأسسة والشرعية والاستقرار والسلم، لكن تبقى الانطلاقة بغياب هذا الرأس.2025 عام فراغ جديد؟عند محاولة القراءة في ما مضى في العام الذي نودع، والبناء على معطيات كواليس الصالونات السياسية المعنية "بطبخة الرئاسة" عشية جلسة انتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني 2025، لا يبدو أنّ التطورات تشي بمتغيرات جذرية، باستثناء التغير المستمر في بورصة أسماء المرشحين الرئاسيين، بغضّ النظر عن مدى جدية طرح البعض كمرشحين أساسيين، أو إدخال أسماء آخرين في سوق التداول، في اطار لعبة المزايدات أو تحسين شروط أي تفاوض بين هذا الطرف أو ذاك.أزعور إلى الواجهةيقال أنّ الثنائي أمل-حزب الله أبقى على ترشيح رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، أو أقله لم يعلن جهارة تخليه عن ترشيح فرنجية وأبقاه معلّقاً، لوضعه بوجه ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، فيعطّله من دون أن يصطدم به ويصبح الترشيحان ضدّين يلغيان بعضهما البعض.
فمثلما حصل بين سليمان فرنجية ومرشح تقاطع المعارضة والتيار الوطني الحر الوزير السابق جهاد أزعور. المفاجأة هذه المرة، وبحسب ما روت مصادر معنية بالمشاورات الرئاسية، أنّ هذه المشاورات كشفت أن أزعور "قد يكون هو الحل المطلوب للاستحقاق الرئاسي ويصبح وفاقيًّا مقبولًا، من تقاطع المعارضة – باسيل يضاف إليه اليوم تقاطع باسيل- الثنائي والمعارضة.وبالتالي، هكذا يكون أزعور مرشح التقاطع الاميركي- الشيعي – السعودي".معادلة باسيلهذه الأوساط التي تابعت بتمعن المعادلة التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في خطابه الاخير، وان كانت لا تتفق معه على جملة من الامور على حد تعبيرها، ربطت معادلة التقاطع "الازعورية العونية" بأبعاد معادلة باسيل، من خلال دعوته إلى انسحاب "سليمان فرنجية وجوزف عون معًا تحت عنوان حفظ الكرامة من الخسارة أو مخالفة الدستور". عند هذه النقطة يطرح السؤال: "هل ينقلب المشهد، ويصبح أزعور مرشح الأعجوبة الرئاسية"؟رئيس بختم الهيكان الوزير السابق الراحل جان عبيد، المرشح الرئاسي الضمني لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في زمن الوصاية السورية بوجه حليفها حينها قائد الجيش العماد اميل لحود، والمرشح غير المعلن لرئيس مجلس النواب نبيه بري الدائم في مرحلة ما بعد هذه الوصاية، وهو خال مرشح " التقاطع" جهاد أزعور، كان جان عبيد يقول إن رئاسة الجمهورية في لبنان مرسوم يصدر بختم الهي.
فهل يحصل ابن شقيقته اليوم على ختم لم يحظ به خاله طيلة حياته؟في معلومات خاصة بـ"المدن"، عاد اسم أزعور ليتردد "ولو بشكل خجول في الصالونات الرئاسية، ولاسيما مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أصبح أكثر ليونة في النقاش حول الاسماء، ليس فقط باسم كتلته انما باسم حزب الله أيضا". وفي موضوع أزعور، أكدت مصادر معنية بالمشاورات الرئاسية أن الرئيس بري "بلش ياخد ويعطي معنا، حتى باسم أزعور بياخد وبيعطي. ولكن الامور تحتاج الى مزيد من الوقت لبلورة أي موقف أو قرار في ما خص هذا الترشيح، أو غيره من الترشيحات".معادلة أزعور عونفي بداية الفراغ عند تقاطع المعارضة والتيار الوطني الحر حول الوزير السابق جهاد أزعور، شكل الاخير رمز المواجهة بوجه مرشح الثنائي سليمان فرنجية. اليوم بالنسبة الى الثنائي نفسه، "أن تفرض عليه قائد الجيش العماد جوزف عون، كمرشح رئاسي أساسي من دون منازع"، كأنك تفرض عليه أزعور "كمرشح تحد بوجه مرشحه فرنجية، الذي كان يصر على فرضه على الاخرين".
هذا لا يعني أن الامور تتجه الى تبني الثنائي ترشيح أزعور أو التقاطع عليه مع التيار ومع المعارضة، انما على الأقل عاد التداول باسمه "كمرشح مخرج" من بين مرشحين محتملين آخرين جديين، على قلتهم.صعوبة التوافقفي المحصلة، جهاد أزعور المتواجد في لبنان لتمضية عطلة الأعياد، من دون أن يكشف حتى الساعة، ما اذا شملت زيارته الخاصة لقاءات رئاسية، تحول من موقع مرشح التقاطع بين المعارضة وفي مقدمها القوات اللبنانية مع التيار الوطني الحر، الى مرشح يمكن التوافق عليه أيضا مع ثنائي أمل حزب الله. وتشدد مصادر على تواصل مع المعارضة والثنائي وحتى مع أزعور، على أن "هذه الـ "يمكن" تبقى كغيرها من الترشيحات والاسماء غير نهائية، كلما اقترب موعد التاسع من كانون الثاني المقبل، وحتى الربع الساعة الاخير". ولكن هل سيصطدم هذا التقاطع، اذا تم، برفض مستجد من قلب صفوف المعارضة نفسها، حيث خرج الى العلن من بين صفوفها عدد من الأقطاب الذين قدموا أنفسهم على أنهم مرشحين "توافقيين". والأهم من ذلك، هل التحفظ الذي بدأ يتبلور أكثر فأكثر من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على تبني ترشيح قائد الجيش سينسحب على جهاد أزعور، بعدما بدأ جعجع يقدم نفسه على أنه أبرز المرشحين وأهمهم وأحقهم، لاسيما بعد وقف اطلاق النار بين حزب الله واسرائيل وفي ظل المتغيرات المرتقبة في لبنان، وما يجري اليوم في سوريا والمنطقة، ورهاناته "على الهزيمة التي مني بها محور الممانعة"، والتي تفتح أمامه طريق بعبدا من مداخلها كافة بزخم اقليمي دولي.
يفتح العام الجديد أبوابه على جملة من الترشيحات الجدية، وتلك التي تطرح للاستهلاك ليس إلّا، ولكن الأهم أنّ باب مقر الرئاسة في بعبدا سيفتح لأجل مرشح أوحد قد يكون اسمه قد حسم في مكان ما بانتظار ترجمته في مجلس النواب وإلا فإن موعد ٩ كانون الثاني قد تليه مواعيد التوافق والتقاطعات الموزعة بين محلية واقليمية ودولية