قبل أسابيع قليلة على الجلسة المحددة لانتخاب رئيس للجمهورية، يتصدر المشهد الرئاسي أولوية الحدث اللبناني، سواء كانت الجلسة حاسمة وحتمية لانتخاب رئيس في ظل الشكوك الكبيرة التي تعتري المعطيات المتوفرة لغاية اليوم، بما يختص بعدم التوصل لسيناريو نهائي ينتج رئيساً أو سنكون أمام جلسات متكررة. وتأتي الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية مع كل الدلالات التي تحملها لناحية توقيت الزيارة، وخصوصاً أنّ اسمه يتصدر بقية المرشحين، لتفتح باب السجال بين الأفرقاء السياسيين وهو ما شهدناه اليوم بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر".
التيار يرفض عون واليوم اعلن التيار الوطني الحر رسمياً رفضه لترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، اولاً "بسبب أدائه" كما جاء في بيان للتيار، و"ثانياً لأن أمر طرحه مخالف للدستور". وأردف البيان "نأمل من القوات ورئيسها أن يعلنوا بوضوح موقفهم من ترشيح قائد الجيش وان يعلنوا كيف يمكن ان نطمح لعهد اصلاحي يبدأ بمخالفة الدستور؟". التيار أضاف "بالمناسبة، يكفي أن تسمعوا رأي خبيركم الدستوري الاستاذ سعيد مالك بالموضوع".موقف جعجعويأتي بيان التيار بعد وقت على إعلان رئيس حزب القوات سمير جعجع موقفه من دستورية أو عدم دستورية انتخاب قائد الجيش، واعتباره أنّه "أصبح واضحاً ان محور الممانعة لا يريد العماد جوزيف عون". جعجع قال خلال العشاء السنوي لمنسقية عاليه في القوات إنّه "تبين لي من خلال الاتصالات في ملف الرئاسة أنّ المنظومة لا تزال موجودة وهي تستمر بعملها كمنظومة وكأن شيئًا لم يكن"، لافتا إلى أن "محور الممانعة لا يريد عون، وبطبيعة الحال، التيار الوطني الحر أيضًا لا يريده، وهم يخططون لإسقاطه في الانتخابات". وأضاف جعجع "المنظومة تعمل ليلًا ونهارًا لتهريب رئيس للجمهورية لا يحقق طموحات الشعب اللبناني، وإنما يضمن لهم استمرار المرحلة الماضية. وفي المقابل، نحن مستمرون في العمل بكل جدية لمنعهم من تحقيق ذلك، ولن نسمح لهم بإعادة إحياء أنفسهم من جديد من خلال رئيس ينفذ أجندتهم".لعبة الأرقاموفي لعبة الأرقام قال جعجع "محور الممانعة ومعه "التيار الوطني الحر"، لا يريدون وصول العماد جوزيف عون. وهؤلاء وحدهم يمكنهم تعطيل انتخابه، لأن العماد جوزيف عون، بصفته قائدًا للجيش، يحتاج إلى 86 صوتًا لانتخابه". وتوجه جعجع بالقول "لقد بدأوا منذ الآن بنغمة انتخاب العماد عون يحتاج إلى تعديل دستوري، ولا يمكن أن يتم ذلك من دون تعديل دستوري، في حين أن غيره لم يكن بحاجة إلى تعديل دستوري، أما بالنسبة له، فلا يمكن انتخابه إلا بتعديل دستوري". وتابع: "ليس هذا فحسب، بل إنهم يقولون إن التعديل الدستوري يجب أن يتم تبعاً للآلية الدستورية، الأمر الذي يتطلب وجود حكومة مكتملة الصلاحيات، وأن يكون لدينا رئيس للجمهورية. بالإضافة إلى ذلك نسمع أيضاً أنه كي يتم التعديل، نحن بحاجة إلى دورة عادية للمجلس النيابي، مع العلم أن المجلس النيابي سيخرج من دورته العادية في نهاية الشهر وبالتالي، عندما تنعقد جلسة الإنتخاب في التاسع من كانون الثاني، يكون المجلس خارج الدورة العادية".موقف الحزبوعلى خط المواقف السياسية المتعلقة بانتخاب رئيس، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله: "إننا في حزب الله نريد رئيساً صناعة لبنانية، وأن يُنتخب بإرادة لبنانية، ووفق المواصفات التي تؤدي إلى تحقيق مصلحة البلد". فضل الله أكدّ بأنّه "نحن نقول بأننا نريد ما يفضله الشعب اللبناني والمصلحة اللبنانية وإرادة الكتل النيابية، وليس لدينا مانع أن تقدّم لنا الدول الخارجية المساعدة والعون، ولكن من دون أي شروط، ونرفض أي إملاءات خارجية للإتيان بأي رئيس للجمهورية".
وإذ أكد فضل الله أنّ الحزب يمضي بخيار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية طالما أنّه لا يزال مرشحاً للانتخابات، أشار إلى أنّه "ما دام هو مرشح فنحن من الطبيعي أن نبقى داعمين له، ولكن إذا قرر أمراً آخر، فإنه يتم التداول والنقاش بالأسماء الأخرى، ونرى ما هي المصلحة للبنان، وكيف يمكن لنا أن نوصل هذا الرئيس وفق القواعد التي نؤمن بها، ولكن إلى الآن ليس هناك أي أمر محسوم في أي اتجاه، وكل ما يحكى ما زال في إطار النقاش، وليس هناك من اسم محسوم، لأن الكتل ما زالت تتحدث مع بعضها البعض".