تعايش قوات الأمم المتحدة المؤقتة "اليونيفيل" في جنوب الليطاني، الحروب الإسرائيلية على لبنان، منذ قرابة الـ47 عاماً. وفي كل حرب من هذه الحروب، التي جاءت للمساهمة في العمل على محاولة إنهائها والإشراف على تطبيق القرارات الدولية، تجد نفسها أمام تحديات كبيرة، تتعدى مهمة إنتدابها، من قبل مجلس الأمن الدولي.
حلت قوات اليونيفيل في جنوب الليطاني، في التاسع عشر من آذار 1978، للإشراف على الإنسحاب الإسرائيلي، بعد أيام من إجتياح القوات الإسرائيلية، التي أطلقت عليه (عملية الليطاني)، وذلك بناء لقراري مجلس الأمن الدولي 425 و426.
مرت هذه القوات، التي صارت معززة، بعد قرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي أوقفت بموجبه حرب تموز العام 2006، بمخاضات عديدة، فلم يحظى عملها برضى كامل الأفرقاء على جانبي الحدود، وخاصة إسرائيل، التي طلبت منها خلال التوغل في الجنوب، مغادرة حوالي ثلاثين موقعاً، فدفعت منذ قدومها إلى الجنوب أكثر من 335 فرداً من أفرادها بحوداث مختلفة.
وخلال السنتين الماضيتين، وأثناء كل عملية تجديد لولايتها المحددة بسنة، كانت تضج أروقة مجلس الأمن الدولي بنقاشات ومواقف مختلفة، لكل من لبنان وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، حول المهام المطلوب من اليونيفيل تتفيذها، فدعا مجلس الأمن في آخر تجديدين إلى حرية عمل هذه القوات، وهو القرار الذي لم يلق الإستحسان في الجانب اللبناني، بإعتبار ذلك تخط لقرار مجلس الأمن 1701.
وكان العام 2024، بعد آخر تجديد لولاية اليونيفيل، في آب من العام نفسه عاماً مفصلياً وتثبيتاً لدور اليونيفيل، والتي هي أحد اركان اللجنة الخماسية المكلفة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، برعاية أميركية، والذي بدأ سريان تطبيقه في السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي.عام التحديوفي تقييمها للعام 2024، تصف اليونيفيل العام المذكور، بأنه العام الأكثر تحدياً لها منذ عام 2006. وتقول نائبة الناطق الرسمي باسم اليونيفيل كانديس ارديل لـ" المدن"، ظلت عمليات تبادل إطلاق النار التي بدأت في تشرين الأول 2023 قريبة بشكل عام من الخط الأزرق حتى التصعيد الدراماتيكي في أيلول/ سبتمبر 2024. تعرّض أفراد ومواقع اليونيفيل لعدد من الضربات المباشرة وغير المباشرة من كلا الجانبين، مما أدى إلى إلحاق الضرر بمواقعنا وإصابة عدد من جنود حفظ السلام.
أضافت: "على الرغم من التحديات المتزايدة، حافظ جنود حفظ السلام (اليونيفيل) على مسارهم واستمروا في تنفيذ ولايتهم إلى الحدّ الذي يستطيعون". مشيرة إلى "مواصلة اليونيفيل مراقبة انتهاكات القرار 1701 والإبلاغ عنها، والتي تزايدت بشكل كبير خلال العام، ولكن جميع الأطراف تدرك أن التنفيذ الكامل للقرار 1701 يظل الإطار الأكثر قابلية للتطبيق من أجل تحقيق السلام الدائم في جنوب لبنان، وسوف نستمر في دعمهم في هذا الصدد".وحول الجهود التي بذلتها اليونيفيل، والصعوبات التي واجهتها عند التوغل الإسرائيلي، توضح أرديل: "أن جنود حفظ السلام واصلوا المهام المنوطة بهم بموجب القرار 1701، ودعموا لبنان وإسرائيل في تنفيذه. وعلى الرغم من التحديات التي واجهت قدرتنا على أداء مهامنا، فقد تكيّفنا وواصلنا العمل بأفضل ما في وسعنا. وقمنا بدوريات حيثما أمكن وواصلنا رصد انتهاكات القرار 1701 والإبلاغ عنها إلى مجلس الأمن. كما واصلنا التنسيق مع السلطات على جانبي الخط الأزرق لدعم الوصول الإنساني وإصلاح البنية الأساسية وغيرها من الأنشطة لدعم سكان المنطقة".
وقالت أرديل "لقد جعل الوضع الأمني عملنا أكثر صعوبة، وخاصة بعد بدء التوغّل الإسرائيلي في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر وطلب الجيش الإسرائيلي منا مغادرة 29 موقعاً من مواقعنا بالقرب من الخط الأزرق. لكن بقي جنود حفظ السلام في مواقعهم، مع أن أفرادنا ومواقعنا تعرّضت لإطلاق النار والإصابة عشرات المرات. ومع ذلك، وخلال هذه الفترة الصعبة، ظلّ رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام على اتصال دائم بالسلطات اللبنانية والإسرائيلية، وحثهما على التهدئة والعودة إلى وقف الأعمال العدائية. وكان خط الاتصال المباشر الذي حافظت عليه البعثة مع الأطراف بالغ الأهمية".
ولفتت انه "منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، أصبحت اليونيفيل عضواً في اللجنة بقيادة الولايات المتحدة التي تشرف على تنفيذه. وقد عملت اليونيفيل على تسهيل عمل الآلية ودعم الأطراف في تنفيذ القرار 1701".الاتفاق تطور مرحب بهورداً على سؤال حول ما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار كافٍ لحل النزاع؟ أشارت إلى أن "التفاهم على وقف الأعمال العدائية يشكّل تطوراً مرحباً به، وهو يُظهِر أنه حيثما تتوفر الإرادة لدى الأطراف، تصبح العودة إلى الأمن والاستقرار أمراً ممكناً. إن ولاية اليونيفيل لا تزال كما هي ولم تتغير ـ فنحن ما زلنا هنا لدعم لبنان وإسرائيل في تنفيذهما للقرار 1701". مؤكدة أن "جميع الأطراف تتفق على أن هذا هو الإطار المناسب للعودة إلى وقف الأعمال العدائية. والمطلوب هو الاستمرار في الالتزام بوقف الانتهاكات للقرار 1701، وأن تعمل الأطراف على بناء الثقة من خلال الوفاء بالالتزامات التي قطعتها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر. ونحن ملتزمون بدعمهم بأي طريقة نستطيع".
وفيما يتعلق بتنفيذ هذا الاتفاق، وخاصة إنسحاب إسرائيل في غضون 60 يوماً؟ قالت أرديل "نحث الجيش الإسرائيلي على المباشرة بانسحابه، والقوات المسلحة اللبنانية على الانتشار بسرعة في تلك المناطق، من أجل العودة إلى الاستقرار. ونحن نعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية في سعيها إلى تسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات في الجنوب. ولكن في النهاية، فإن الأمر متروك للأطراف، ويعتمد نجاح وقف الأعمال العدائية على التزامهم. وسوف تدعم اليونيفيل هذا الأمر بأي طريقة ممكنة"..وعما إذا كان هناك تغييراً في مهام اليونيفيل أو عديدها أو نطاق انتشارها؟ ردت بالنفي قائلة: "لا تزال ولايتنا وانتشار قواتنا كما هما. وفي الوقت الحالي، يواصل أكثر من 10 آلاف جندي حفظ سلام من 48 دولة العمل مع البعثة في مختلف أنحاء منطقة عملياتها في جنوب لبنان".