2024- 12 - 28   |   بحث في الموقع  
logo مخطط إسرائيل لإضعاف دول المنطقة وإسقاط النظام الإيراني logo العودة إلى دمشق: قصر أحمد الشرع وسوق الحميدية (4) logo 12 أسبوعا لعملية شمال غزة: ما خطة الاحتلال الحقيقية؟ logo بالفيديو: حريق ضخم داخل مستودع في طرابلس logo بالصور- قطاع الانتشار في التيار الوطني الحر احتفل بالأعياد logo سوريا لا تخطط لإنهاء وجود القواعد الروسية باللاذقية وطرطوس logo النائب حسن فضل الله: مسؤولية الدولة مواجهة خروقات العدو. logo في الخيام.. الدفاع المدني ينتشلُ جثمانين لشهيدين
ترجمة لبنانية للثلاثية الذهبية: جيش وشعب ومقاومة
2024-12-27 12:55:46

جرى تقديم ثلاثية جيش – شعب – مقاومة، على أنها ثلاثية افقية تتساوى فيها أهمية وموقع واهداف أطرافها الثلاثة من أجل تحقيق غاية نهائية مضمرة هي صيانة سيادة لبنان تجاه العدو الإسرائيلي. الاأن ذلك لا يعدو كونه صورة خادعة لثلاثية أخرى هي الحقيقية والمعبرة عن العلاقة بين مكوناتها. وفيما نحن أمام مرحلة إعادة تشكيل مؤسسات الحكم في لبنان، وربما إعادة تشكيل السلطة (لأن السلطة خارج مؤسسات الحكم الدستورية)، بالتداخل مع إعادة تشكيل الثقافة السياسية السائدة بما في ذلك على المستوى الشعبي، لا بد من تفكيك المعاني الفعلية لهذه الثلاثية التي تلازم اعتمادها مع تفكيك مؤسسات الحكم، واضمحلال فكرة الدولة ومبدأ علوية القانون.الجيشالعنصر الأول في هذه الثلاثية هو الجيش، أي الجهاز العسكري للدولة المناط به الحفاظ على الحدود والمساهمة داخلياً في توفير الأمان للمجتمع وحماية الدستور. وقد اختار أصحاب الثلاثية الجيش بدلاً من الدولة (وهو التعبير الممأسس الأكثر تعبيراً عن إرادة الشعب في النظام الديمقراطي)، في عملية اختزال مقصودة للدولة في جهازها العسكري من أجل الإيحاء بحصر وظيفة الدولة (الجيش) في مساندة المقاومة. كما أن هذا الاختزال يعبر عن أيديولوجية أصحابها المعسكرة وغير الديمقراطية، بما يساهم في اضعاف فكرة الدولة نفسها بما هي دولة مدنية وديمقراطية وتعبيراً ممأسساً عن العقد الاجتماعي. وفي العقود السابقة تعاقبت أطراف سياسية متعددة على هذا الاختزال، سواء من خلال خطاب تقديس الجيش أو التهجم عليه. ويشترك الموقفان في تقديم الجيش بما هو مؤسسة معزولة عن باقي بنية الدولة، وتقديسه أو التهجم عليه لا بصفته جزءا من الدولة بل بديلاً عن فكرة الدولة نفسها، التي تختزل حينها في فكرة القوة والعنف وفي جهازها العسكري. وهذا يحرف انتباه المواطنين عن مساءلة الأطراف السياسية عن تصورها للدولة ووظائفها وسياساتها.الشعبأما العنصر الثاني في هذه المعادلة – الشعب - فهو لا يزيد عن كونه شعاراً ديماغوجياً، ويجب فهم المعنى الحقيقي المقصود بالشعب من خلال توسطه بين الجيش والمقاومة. إنه ببساطة الوسيط بين جهازين مسلحين شرعي وغير شرعي، ووظيفته أن يشكل جسراً بينهما بما يضفي المشروعية على الجهاز المسلح غير الشرعي بالمعنى القانوني. ومن هذه المشروعية الشعبية تنبثق شرعية قانونية وسياسية من خلال تبني هذه الثلاثية في البيانات الوزارية. إن علاقة الشعب بالدولة مختلفة جوهرياً عن علاقته بالجيش. فالشعب هو مصدر السلطات وهو يمكن أن يتفاعل مع الدولة ويؤثر فيها وفي سياستها من خلال احزابه ونقاباته والتحركات الشعبية. أما علاقته بالجيش فليست كذلك نظراً لأنه جهاز تنفيذي وليس سلطة منتخبة لها سياستها ومسؤوليتها. فالجيش محصن إزاء مطالب الشعب (ويجب أن يكون كذلك ما عدى حالات خرق الدستور. إن صيغة جيش (بدل دولة) – شعب – مقاومة تعطل فعالية الشعب كمؤثر في سياسات الدولة، وتحصرها بتحويل الشعب إلى "جماهير" مؤيدة ومصفقه للثلاثية وغايتها النهائية أي دعم المقاومة؛ وبمعنى آخر وظيفة الشعب هنا هي شرعنة الجيش الموازي للجيش الحكومي/جيش الدولة. وخيار الشعب في التأييد والتصفيق للجيش مفروض تحت طائلة تفسير الخروج على ذلك على أنه اعتراض على الدولة نفسها؛ والخيار المتمم هو التأييد والتصفيق للمقاومة تحت طائلة التخوين والعمالة للعدو.المقاومةالعنصر الثالث في المعادلة الذهبية هو المقاومة، ويأتي ثالثا في الترتيب الافقي، أي انه الهدف الفعلي والنتيجة المرغوب بها، وهي شرعنة المقاومة بما هي جيش مسلح مواز للجيش الوطني. والمقصود بالمقاومة هنا هو حزب الله تحديداً وحصراً. إن استعارة تسمية المقاومة كمسمى لحزب الله هو قرصنة لحق من حقوق الشعوب، ولتجربة لبنانية تاريخية في مقاومة إسرائيل عندما كانت تحتل أراض لبنانية. وهذه العملية ضرورية من وجهة نظر المشروع السياسي لحزب الله، حيث أنه يستبدل اسمه بإسم آخر (المقاومة)، من أجل الاستفادة القصوى من المعاني الإيجابية التي يحمله الاسم الجديد، مقارنة باسمه الأصلي. ويجري استخدام ذلك في قمع الأصوات المعارضة لخياراته ذلك ان تكون ضد مقاومة إسرائيل هو خيانة، في حين ان الاعتراض هو على سياسات حزب الله. وقد رأينا بالممارسة كيف استخدمت هذه القرصنة في بناء خطاب التخوين على امتداد السنوات السابقة. بعض ردود الفعل على هذه الممارسة عززتها، اذ أن بعض الأطراف السياسية والمؤسسات الإعلامية التي تبنت علاقة التماثل بين حزب الله والمقاومة في خطابها، رسخت هذا الالتباس، وبدل أن تصحح هذه القرصنة بالإصرار على تسمية الحزب باسمه الحقيقي، ساهمت في تعميم هذا الخلط. وبتنا نسمع أن حزب الله ليس وحده مقاومة، بل "نحن أيضا مقاومة" أو "نحن المقاومة الحقيقية". مثل هذا الخطاب أتى من أقصى اليسار (الحزب الشيوعي مطلق المقاومة الوطنية) إلى أقصى اليمين (القوات اللبنانية التي تسمي نفسها "المقاومة اللبنانية" في مراحل سابقة). لقد حصل تعميم الخلط، ولم يزعج ذلك حزب الله، لأنه في أحسن الأحوال يجعل السجال السياسي محصورا بين ميليشيا/مقاومة قوية حالية (حزب الله)، وبين ميليشيا/مقاومة سابقة. ومثل هذا يعيد انتاج خطاب الحرب الأهلية لا أكثر، على الرغم من عدم وجود مقومات مادية لمثل هذه الحرب حاليا. وفي الثلاثية الذهبية يجب استبدال المفردة الثالثة – المقاومة – بحزب الله، لأن هذا هو معناها الحصري.
اذا أخذنا ما سبق بعين الاعتبار، يتعين إعادة تفسير وإعادة صياغة الثلاثية وفقاً لمعانيها الفعلية. كما يعني أيضا تصحيح بنيان هذه الثلاثية من البنيان الأفقي الثلاثي إلى بنيان عمودي أحادي. فالثلاثية الحقيقية هي الأحادية التالية: حزب الله – الدولة – الشعب في علاقة هرمية عمودية تعني ما يلي: حزب الله المسلح يهيمن على الدولة، والاثنان يعملان معا من خلال المافيات والزعامات المتحكمة بمفاصل الدولة والاقتصاد والإعلام، على تهميش الناس وإخراج المواطنين من العمل السياسي المؤثر، والاستمرار في نهب مواردهم وتعريض سيادة لبنان الخارجية للمخاطر.الهيمنة الحزبيةهذه الأحادية في الهيمنة الحزبية على الدولة ومحاولة تكريسها في الفضاء العام، أوصلت لبنان إلى ما هو عليه الآن من انتهاك سيادته وهزيمته أمام إسرائيل وتعرضه للإذلال الذي نشهده يومياً منذ وقع حزب الله وحكومته ورئيس مجلسه النيابي على الاتفاق مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. ومن عجيب المواقف حالياً هجومهم على الجيش (العنصر الأول في ثلاثيتهم الذهبية) محملين إياه مسؤولية نتائج "الميدان" التي صنعوها ووقعوا عليها (ونحن لا نعرف حتى الآن مقدار التنازلات التي وقعوا عليها). حكومة حزب الله لا تزال هي التي تصرف الاعمال وتطبق الاتفاق، لذلك بات واضحاً ان إسرائيل مستمرة في أعمالها الميدانية لتحقيق مكاسب إضافية، برضا خارجي، وبموافقة ضمنية من حزب الله وحكومته ورئيس برلمانه الذين اخروا متعمدين البدء بإعادة تشكيل مؤسسات الحكم.
لقد بات واضحاً أنه لا اللبنانيين، ولا أياً من دول العالم، ولا إسرائيل، تعتبر أن هناك سلطة أو حكومة في لبنان. بالنسبة إلى إسرائيل والخارج، الطرفان المتواجهان في هذه اللحظة هما إسرائيل وحزب الله وحكومته (الكومبارس)، تماماً كما كان عليه الوضع قبل توقيع الاتفاق في 27 تشرين الثاني/نوفمبر. فحتى الساعة لم يدخل طرف فاعل جديد على المعادلة، ولن تكون للبنان القدرة على الاعتراض على ما يجري واستعادة بعض التوزان في تنفيذ الاتفاق مع إسرائيل، قبل أن تتشكل حكومة جديدة بعد انتخاب رئيس جديد. طبعاً على افتراض أن لا يعاد انتاج رئيس وحكومة من الطينة نفسها، بل أخرى بديلة لثلاثية الحكم الحالية حزب الله – رئيس مجلس النواب – رئيس الحكومة، الملحقة بالولايات المتحدة وإسرائيل.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top