أسوة ببدايته انتهى العام 2024 بلا خطة ورؤية واضحة لوزارة التربية حول العام الدراسي الحالي.بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبدء مرحلة حرب الإسناد في تشرين الأول العام 2023، نزح سكان القرى الحدودية فيما لم يكن العام الدراسي في القطاع الرسمي قد بدأ بعد. أُربكت وزارة التربية ولم تقدم على أي خطوة عملية، بل قررت تمديد إقفال المدارس في القرى الحدودية والمحاذية لها. واستمرت المدارس هناك بالإقفال، فيما لم يلتحق الطلاب والأساتذة في المدارس الرسمية في مناطق النزوح، كما طلبت الوزارة حينها. ولم يبدأ التعليم عن بعد لصفوف الثانوي إلا مطلع العام 2024.أما في العام الدراسي الحالي فقد تحولت جميع المدارس الرسمية إلى مراكز إيواء، ولم تنجح وزارة التربية في وضع خطة لتعليم الطلاب في ظل توسع الحرب على لبنان. بل وضعت خطة شكلية لتعليم الطلاب لثلاثة أيام ولم تتمكن من تأمين التعليم الحضوري حتى بعد مرحلة اعلان وقف إطلاق النار، نتيجة تبعات النزوح والدمار.من المفترض أن تبدأ الوزارة العام الدراسي حضورياً بعد عطلة الأعياد بدوام كامل لمدة أربعة أيام بالأسبوع. لكن أسوة بالعام المنصرم، ما زال مصير طلاب القرى الحدودية مجهولاً، ويضاف إليهم طلاب المدارس المدمرة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. خطة استجابة وامتحانات رسميةبعد اندلاع الحرب على قطاع غزة، أُربكت وزارة التربية في كيفية مقاربة التعليم في القرى الحدودية، التي باتت شبه خالية من السكان في مطلع العام 2024. وكانت الوزارة بدأت بوضع خطة استجابة لتعليم نحو عشرة الاف طالب، بالتعاون مع خمس جهات دولية، منها اليونيسف واليونيسكو والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. أتت الخطة بعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب. وقامت على إنشاء عشرة مراكز استجابة في قرى تبنين وشوكين والكفير ودير قانون والعباسية والغازية وصيدا (الجنوب) وبرجا والضاحية (جبل لبنان) وبيروت، بهدف تعليم الطلاب وإلحاق الأستاذة النازحين بها.لم يلتحق الطلاب في هذه المراكز إلا بما ندر، وذلك بسبب طبيعة النزوح وتشتت سكان القرى الحدودية في المناطق. وأبلغ دليل على فشل الخطة بإيصال التعليم للطلاب كان الامتحانات الرسمية في شهر تموز الفائت. فبسبب عدم تعليم طلاب الجنوب كسائر طلاب لبنان، فرضت حركة أمل ما عرف بـ"الرزنامة التربوية الجنوبية" لرفض سلخ الجنوب عن باقي المناطق. فالوزير الحلبي سبق وقرر إجراء امتحان رسمي لكل لبنان وامتحان رسمي خاص بالقرى الحدودية، وكادت هذه القرارات أن تؤدي إلى إشكاليات طائفية. لكن عادت وفرضت حركة أمل تسهيل الامتحانات للطلاب انطلاقاً مما تعلمه طلاب القرى الحدودية. فتقرر تخفيض المناهج ليناسب مع ما تعلمه طلاب الجنوب، وامتحان الطلاب من خلال المواد الاختيارية. وتقرر شمل المسابقات بأسئلة اختيارية أيضاً، لمراعاة طلاب القرى الحدودية. ورغم كل التسهيلات كانت الامتحانات فضائحية أيضاً.لا خطة تحاكي توسع الحرببعد فضيحة الامتحانات الرسمية ومع استمرار الحرب في لبنان، لم تعمل وزارة التربية طوال فصل الصيف على خطة استباقية للعام الدراسي الحالي، ومحاكاة شن العدو حرباً موسعة على لبنان. بل إن الوزارة، التي تشارك في اجتماعات لجنة إدارة الكوارث، سلمت لجنة الطوارئ لوائح بعشرات المدارس لاستخدامها كمراكز إيواء في حال توسع الحرب على لبنان.توسعت الحرب على لبنان وكانت الوزارة بلا خطة. وكان العام الدراسي يهم بالانطلاق في القطاع الخاص. لم يتمكن وزير التربية عباس الحلبي من فرض برنامج أو خطة واحدة لتعليم الطلاب. فالمدارس الخاصة كانت تضغط لبدء العام الدراسي رغم توسع الحرب على لبنان وإقفال جميع المدارس الخاصة والرسمية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وكانت النتيجة أن المدارس الخاصة بدأت التعليم عن بعد أو حضورياً بحسب قرار إدارة كل مدرسة، فيما المدارس الرسمية كانت إما مقفلة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية أو تستخدم كمراز إيواء لاستقبال النازحين.بعد وقف إطلاق النارتأخر انطلاق العام الدراسي في القطاع الرسمي بسبب عدم وجود خطة لدى وزارة التربية للتعامل مع الواقع الجديد الذي فرضته الحرب. وبعد مراوحة وأخذ ورد بين الداعين لتأجيل العام الدراسي أو انطلاقه حيث أمكن، حصلت مقايضة بين الوزير الحلبي والثنائي الشيعي. فمقابل سماح الوزارة لمدارس الجنوب والبقاع والضاحية اختيار الطريقة المناسبة للتعليم، جرى التساهل مع الحلبي لإطلاق ما اسماه خطة لتعليم الطلاب حضورياً في المراكز التي حددتها الوزارة. ووضعت الوزارة خطة لتوزيع التلامذة النازحين وغير النازحين في هذه المدارس في دوامين قبل الظهر وبعده. وحددت مدة الدراسة الأسبوعية بثلاثة أيام، مع اعتماد نظام المداورة مرتين بالأسبوع. لكن تبين أن الوزارة أعدت خطة من دون العودة إلى روابط المعلمين ومديري المدارس لمعرفة مدى إمكانية تطبيقها. وامتنعت غالبية المدارس عن تلبية دعوة وزير التربية لبدء العام الدراسي. واقتصر الأمر على التعليم في بعض المناطق المصنفة آمنة، وذلك بعدما تعدلت الخطة على أرض الواقع ولم يبق منها أي شيء يذكر.توقفت الحرب، ولم يصل التعليم إلى الطلاب حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار. فقد تبين أن المدارس غير قادرة على استقبال الطلاب بعد إخلائها من النازحين. ولم ينتظم التعليم الحضوري في هذه المدارس إلا في بداية الشهر الحالي، أي في آخر شهر في الفصل الأول من العام الدراسي. أما بما يتعلق بالمدارس المدمرة أو تلك التي لحقتها أضرار كبيرة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، فواصلت التعليم عن بعد، ومصير إعادة إعمارها لا يزال مجهولاً.بعد عطلة الأعياد يفترض أن ينطلق التعليم الحضوري وبدوام كامل في كل القطاع الرسمي. لكن الاستثناء سيكون في القرى الحدودية وفي المدارس التي تعرضت لأضرار كبيرة يصعب إصلاحها في الوقت الحالي. وقد طلبت الوزارة من المديرين في هذه المدارس البحث عن مباني بديلة لتعليم الطلاب حضورياً. نوع من الحلول العشوائية غير المبنية على رؤية وخطة واضحة. وفي حال لم تجد الوزارة الحلول العملية لهؤلاء الطلاب، يعاد السيناريو عينه للعام المنصرم. أي تضطر الوزارة إلى تخفيض المناهج لتتناسب مع ما يتعلمه هؤلاء الطلاب بتقنيات التعليم عن بعد. وهذا ينعكس على الامتحانات الرسمية، تماماً كما حصل في الامتحانات السابقة.