2024- 12 - 28   |   بحث في الموقع  
logo مخطط إسرائيل لإضعاف دول المنطقة وإسقاط النظام الإيراني logo العودة إلى دمشق: قصر أحمد الشرع وسوق الحميدية (4) logo 12 أسبوعا لعملية شمال غزة: ما خطة الاحتلال الحقيقية؟ logo بالفيديو: حريق ضخم داخل مستودع في طرابلس logo بالصور- قطاع الانتشار في التيار الوطني الحر احتفل بالأعياد logo سوريا لا تخطط لإنهاء وجود القواعد الروسية باللاذقية وطرطوس logo النائب حسن فضل الله: مسؤولية الدولة مواجهة خروقات العدو. logo في الخيام.. الدفاع المدني ينتشلُ جثمانين لشهيدين
سوريا: دليل المطمئن في الليالي القلقة
2024-12-27 11:25:44


عليّ أن أجيب على هذا السؤال إذاً، فالجميع يكرّره علي من دون توقف: لماذا تبدو هادئاً ومتفائلاً؟
أمضيت 35 عاماً من حياتي أحاول فهم سوريا، وقررّت منذ 13 عاماً أنها اختصاصي الوحيد، وأنها الموضوع الذي يستحق إنفاق حياتي لدراسته. وحصيلة ما عرفته عنها يجعلني أميز المؤقت عن الدائم فيها، العميق عن السطحي، هدوؤها في تلقي الهزات الكبرى، الوقت الذي تحتاجه لتمتصها وتستوعبها، براعتها في هضم الجديد واستقلابه.
واكبت يوماً بيوم، ما الذي فعلته بأبناء فلاحين جاؤوا دمشق في الستينات ضباطاً محمولين على أفكار يسارية راديكالية، وحوّلتهم خلال عقدين إلى تجار موبايلات ومرتديلا ولوحات إعلانية. ثم كبتاغون حين شحّت سوق الاتصالات.
قرأت وسمعت من أساتذتي الأكبر سناً عن العاطفة الجامحة التي أوقعت السوريين في غرام عبد الناصر بعد حرب السويس، ثم عرفت أنه أنفق كل ذلك الرصيد خلال ثلاث سنوات من الاحتكاك المباشر معهم.
يمكنني ذكر مئات الكتب والأشخاص الذين ساعدوني في الوصول لهذه القناعة، لكن لمن يريد أن يمتلك نصف تفاؤلي فقد يفيده هذا الدليل (الأمثلة):
ـ اقرأ أي كتاب جيد عن تاريخ الدولة الأموية.
ـ اقرأ كتاب "دمشق في عصر المماليك" لنقولا زيادة.
ـ اقرأ كتاب سياسة علماء دمشق (1516 -1916) لحسان القالش، وهو من أفضل الكتب التي قرأتها عن سوريا في العصر العثماني.
ـ اقرأ كتاب "بلاد الشام في مطلع القرن العشرين" لوجيه كوثراني.
ـ تحدّث إلى شخص من آل الشلاح (فعلتها مع ثلاثة أجيال منهم، بدر الدين وراتب وعمر). وإن لم يتح، فأي عائلة تجارية دمشقية أو حلبية تفي بالغرض، بشرط ان تكون محافظة على المهنة ذاتها لثلاثة أجيال على الأقل.
ـ اقرأ مقالاً أو فصلاً من كتاب لحسين الشرع.
ـ اقرأ تقريراً (لأي سنة كانت) لمركز أوبسالا لبحوث الصراعات والحروب الأهلية.
ـ لا تقارن سوريا بأفغانستان ولا بالعراق، وبالطبع لا بمصر ولا تونس.
ـ قم ببضع زيارات للمسجد الأموي في دمشق، وتأمل في تفاصيله.
ـ قم بزيارة لقبر محي الدين بن عربي، ولمقبرة باب الصغير، ولحديقة مدرج جامعة دمشق في موضع قبر ابن تيمية (المختفي منذ ست سنوات).
ـ حاول البحث عن قبر معاوية الثاني ابن يزيد (في زقاق ضيق بتفرع عن سوق البزورية).
ـ ارجع بأرشيف الصحافة بضع سنوات للوراء، وحاول فهم خريطة العلاقة بين الفصائل التي تشاركت إنجاز الحلقة الأخيرة من إسقاط نظام الأسد.
ـ إذا بقي لديك بعض الوقت، ابحث عن إمكاناتها الحقيقية من حيث العدد والعدة.
ـ حاول تذكّر طريقة الأميركيين في التعامل مع قوى الأمر الواقع في الأحداث الكبيرة في دول العالم، والمدة الوسطى للانقلاب على وعودها.
ـ أجرِ بعض التجارب الاجتماعية مثل: اطلب مساعدة من حموي، تناول طعاماً في حلب، ابتسم في وجه فلاح علوي، اسأل كردياً عن أغنية...
ـ أغلق الفيسبوك لأسبوع، أو لا تأخذ منشوراته بجدية.
ـ احذف من سجل ذاكرتك كل ما يتبين أنه خبر مزيف.
ـ ابحث عن جواب لهذا السؤال: "بعد فوزها في انتخابات 1943 كان أول قرار اتخذته الكتلة الوطنية بالإجماع هو تعيين محافظ لدمشق، من كان ذلك المحافظ؟" أو لا تبحث سأخبرك بذلك: عزيز بيك الهواش.
وبطريقك، اسأل عن أسماء من رفضوا أن يكونوا رؤساء دويلات مقابل وحدة سوريا.
يمكنك أن تضيف إلى هذا الدليل أي تجربة تخص الحواس العارية، من قبيل التجوال في الشوارع، تشمم رائحة الأحياء، سماع أصوات الحياة في أي سوق، النظر في قعر عيون الناس، تلمّس أي جدار بين الباب الشرقي وباب الجابية، وهكذا.
نعم أنا سعيد بانزياح تلك الصخرة من طريق سوريا، ولست قلقاً من المطرقة التي هوت بالضربة الأخيرة عليه، أو على الأقل لست قلقاً بما يكفي للتشاؤم.
ولو أردت جواباً مناكفاً مباشراً بسيطاً فسيكون: أنا لا أعرف أحمد الشرع؟ ربما، لكنني أعرف سوريا.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top