"لم نعتد على التعامل بغير الليرة السورية، ولهذا السبب نتردد كثيراً قبل أن نبيع بالليرة التركية أو الدولار"، هذا ما قاله عبد الله كدرو، بائع الأحذية الرجالية في شارع العبارة في قلب مدينة حلب التجاري لأحد الزبائن من ريف حلب الشمالي، بعد أن دفع له ثمن الحذاء بالليرة التركية.
في شارع شكري القوتلي العريق، ينادي بائع على عربة متنقلة "كستنا الكيلو بـ30 ألفاً، والكيلوين بـ50 ألفاً". يسأله أحد المارة: "بتبيع بالتركي؟"، فيجيبه: "لا روح صرف سوري". يقول بائع الكستناء لـ"المدن": "بالأمس خسرت بسبب فرق التصريف، اشترى مني زبون كيلو بـ90 ليرة تركية، لكن بسبب فروق الصرف، خسرت 5 آلاف ليرة سورية". ويضيف "التعامل بأكثر من عملة خسارة للبائع والمشتري، بسبب الفارق الكبير الذي يذهب للصرافين".صاحب مطعم "فلافل الفيحاء" الشهير، اضطر كما يؤكد لـ"المدن" أن يتعامل بالليرة التركية، موضحاً: "غالبية الزبائن من إدلب وريف حلب ولا يحملون إلا الليرة التركية، لذلك بدأت أتعامل بها بعد أيام قليلة من تحرير المدينة من النظام البائد".يعرض الصرافون العملة السورية على أرصفة شوارع حلب، وسعر الصرف يحدده مزاج البائع والطلب، وفق ما رصد مراسل "المدن".فوضى أسعاروبسبب سعر الصرف غير المنضبط، تتفاوت الأسعار بشكل كبير في الشارع الواحد، ولاحظ مراسل "المدن" هذا التفاوت من خلال التقصي عن سعر سلع محددة في أكثر من محل ومنطقة.ويقول الخبير الاقتصادي خيرو العبود، إن حلب كانت مثل بقية المدن السورية لا تتعامل إلا بالليرة السورية، حيث يجرم النظام السابق التعامل بالعملات الأجنبية.ويضيف لـ"المدن" أن اقتصار التعامل على عملة واحدة، مهما كانت قيمتها، يفرض توحيد الأسعار، غير أن السماح فوراً بتداول العملات الأجنبية، أربك السوق، وأدى إلى تفاوت الأسعار.بذلك، يعتقد العبود أنه "من المؤكد أن الأسواق في حلب تعيش حالة من الفوضى"، ويستدرك: "الواضح أن الأسواق تستعيد استقرارها، والحكومة المؤقتة تسعى إلى ذلك، من خلال تثبيت أسعار المحروقات والغاز بالليرة السورية".وحتى تستطيع "المؤقتة" ضبط الأسواق، لا بد وفق العبود من "دعم الاستيراد، والإنتاج المحلي"، وأشاد بقرار الحكومة "توزيع الأسمدة من المصارف الزراعية على المزارعين بأجل ومن دون فوائد"، وقال: "باعتقادي الأمور تسير اقتصادياً نحو الاستقرار".إدلب تتعامل بالليرة السوريةوفي إدلب، يختلف الحال تماماً عن حلب، ففي هذه المدينة التي أسقطت فصائل المعارضة نظام الأسد انطلاقاً منها، أضيفت الليرة السورية إلى قائمة العملات المتداولة (الليرة التركية، الدولار الأميركي)، في الأسواق ومراكز التسوق التي باتت وجهة لأهالي المدن التي كانت خاضعة لسيطرة النظام.وبدأت مراكز التسوق الكبيرة (المولات) بطرح عروض بالليرة السورية، بهدف جذب الزبائن من حلب ودمشق وغيرها.ويؤكد مصدر مقرب من "هيئة تحرير الشام" أن الأخيرة تشجع التعامل بالليرة السورية، متحدثاُ لـ"المدن" عن "توجيهات شفوية للتجار بقبول الليرة السورية".ووفق المصدر، فإن "تحرير الشام" تبنت الليرة السورية بعد إسقاط النظام السوري، معتبراً أن "نظرة تحرير الشام إلى الليرة السورية باتت مختلفة، والأهم أن تداول عملة واحدة في كل أرجاء البلاد يقلل من مخاوف تقسيم سوريا".ريف حلب: الطلب على الليرة بدأانتقالاً إلى ريف حلب الذي تنتشر فيه فصائل تابعة لـ"الجيش الوطني"، ما زالت الليرة التركية هي العملة الأساسية المتداولة، بجانب الدولار الأميركي.لكن صرافاً في مدينة أعزاز، يؤكد لـ"المدن" أن الليرة السورية ستعود للتداول في ريف حلب، ويقول: "بعض الصرافين شرعوا بالتعامل بالليرة السورية، لأنها عملة البلاد وليست عملة النظام أولاً، ولأن الطلب عليها بدأ يتزايد".