مع دخول الحرب على قطاع غزة، يومها الـ447، واستمرار الاحتلال في ارتكاب مجازره، التي لم تستثنِ أحداً، لا الكوادر الطبية، ولا الصحافيين، ولا النساء أو الأطفال، لا تزال مفاوضات وقف الحرب تراوح مكانها، على وقع الشروط الإسرائيلية المستجدة، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، خصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يسرائيل كاتس، اللذين أثارا استياء المسؤولين في فريق التفاوض الإسرائيلي.
بين نتنياهو وكاتس
ويواصل نتنياهو الحديث عن تقدم بمفاوضات صفقة غزة، إلا أنه يواصل تهديد مسار المفاوضات، إذ قال في مقابلة مع "ول ستريت جورنال"، يوم الجمعة الماضي، إن الحرب على غزة "ستستمر حتى القضاء على حماس تماماً"، مضيفاً أن "إسرائيل لن تقبل باستمرار وجود الحركة على حدودها". وهذا ما شجع وزير دفاعه كاتس، على القول من محور فيلادلفيا، ليل أمس الأربعاء، إن "السيطرة الأمنية في قطاع غزة ستظل بيد الجيش الإسرائيلي"، وإنه سيحتفظ بمواقع سيطرة في القطاع. وهذا ما أزعج المسؤولين في فريق التفاوض الإسرائيلي، فنقلت "يديعوت أحرونوت" عنهم، قولهم "إنه من الصعب أن نسمع تصريحات كاتس في محور فيلادلفيا، بأن السيطرة الأمنية على غزة، ستظل بيد الجيش الإسرائيلي، وأنه لن يكون هناك حماس، وأن الحرب لن تنتهي، من دون أن نستشيط غيظا".
وأضافوا "نحن في أيام حاسمة، حيث يتعين اتخاذ قرارات مهمة، مثل الحصول على قائمة الأسرى (الأحياء، من حركة حماس). هذه الأيام تتطلب مرونة والتعبير عن إرادة حسنة، فهي اللحظات الحاسمة في المفاوضات. لا يمكننا أن نعلن أننا لن ننهي الحرب وأن الجيش سيظل مسيطرًا على غزة".
ضرر كبير
وبحسب المسؤولين، فإن تصريحات نتنياهو وكاتس، تسببت في ضرر كبير، فهي تستفز حماس، التي لم تتضرر، بل الأسرى هم من تضرروا. لكن المفاوضين اعتبروا في المقابل، أن فرص التوصل إلى صفقة لا تزال قائمة، لكن هناك حاجة لمواصلة الضغط، وحثّوا على "الإرادة السليمة والمرونة"، وقالوا: "علينا الذهاب إلى صفقة بهدف الوصول إلى المرحلة الثانية والثالثة وإعادة جميع الرهائن بما في ذلك الجنود"، متسائلين: " إذا قلنا لحماس لا يوجد مرحلة ثانية أو ثالثة، نحن سنسيطر، لماذا سيوافقون على تنفيذ المرحلة الأولى؟". وتابعوا: "هذه التصريحات لا تساهم في تقدم المفاوضات، بل تخلق عقبات وقد تضر بالمفاوضات، وتقلص فرص إعادة الأسرى".
لإعادة تقييم المهام
من جهتها، أفادت صحيفة "هآرتس" أنه إذا لم يتم التوصل إلى صفقة مع حماس قريباً، سيكون من الضروري "إعادة تقييم المهام" في غزة مع القيادة السياسية. ونقلت عن مسؤولين في الأجهزة الأمنية قولهم إن "الهدف من العمليات العسكرية هو زيادة الضغط على حماس، من أجل التوصل إلى صفقة. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريباً، علينا التفكير في اتخاذ خطوات أخرى لزيادة الضغط على الحركة".
ووفقًا للمسؤولين أنفسهم، "يجب فحص ما إذا كانت العمليات العسكرية في شمالي غزة تحقق الضغط المطلوب على حماس"، فيما يعترف الجيش الإسرائيلي بأن استمرار الحرب، يؤدي إلى تصاعد التدهور الأخلاقي والقيمي في الجيش". وذكرت الصحيفة أن كبار المسؤولين العسكريين، يرون أن الحرب على غزة قوّضت "القيم وأدت إلى تدهور أخلاقي في الجيش".وتعليقاً على انتقادات المفاوضين، قال مكتب نتنياهو إنها "صدىً كاذب لدعاية حماس من قبل جهات مجهولة في فريق المفاوضات، التي تعمل بناءً على أجندة سياسية"، مضيفاً أن "رئيس الحكومة ملتزم بإعادة جميع الأسرى إلى ديارهم، وتحقيق أهداف الحرب في غزة". وتابع: "مِن الأفضل لهؤلاء أن يركزوا على مهمة إعادة الأسرى، ويتوقفوا عن اللعب لصالح حماس".
تهديد لنتنياهو
ورداً على مماطلات الحكومة الإسرائيلية، لوّحت عائلات أسرى إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة باللجوء إلى المحكمة العليا.
وهددت العائلات، في رسالة بعثوها إلى رئيس الحكومة، اليوم الخميس، نتنياهو بالقول: "سنلجأ إلى المحكمة العليا إذا استمررتم في التخلي عن أعزائنا الموجودين في أسر حماس في غزة"، واضافوا أن الدولة تنتهك قانوني أساس في ظل امتناعها عن التوصل إلى صفقة وفشلها بـ"تحرير" الأسرى.
وقالت العائلات إن "رفض إنهاء الحرب يعني تعريض حياة الأسرى للخطر، وهذه التصريحات التي تأتي في خضم المفاوضات تعني المزيد من التأخير والمماطلة في تقدم المفاوضات وتقليص فرصة إعادة الأسرى أحياء".
الاحتلال يواصل مجازره
ميدانياً، واصل جيش الاحتلال، هجماته ضد قطاع غزة، فارتكب مجازر جديدة في مناطق متفرقة من القطاع، أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال. وحذر مسعفون من أن عدد الشهداء مرشح للارتفاع، نظراً إلى أن هناك العديد من الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض.
واستهدف جيش الاحتلال، مراكز الإيواء وخيام النازحين، وجدد هجماته على المستشفيات في شمال القطاع، وفجر روبوت أمام مستشفى كمال عدوان، كما نفذ غارة على محيطه.
وكثفت الطائرات الإسرائيلية، قصفها الجوي العنيف على حيي الصبرة والزيتون ومحيط مسجد بلال بن رباح جنوب شرق مدينة غزة، في وقت كثفت المدفعية الإسرائيلية قصف المنازل السكنية في مختلف مناطق القطاع.
استشهاد 5 صحافيين
واستشهد 5 صحافيين جراء قصف إسرائيلي، استهدف مركبتهم في محيط مستشفى العودة في النصيرات وسط غزة. وكان الصحافيون يعملون لصالح قناة "القدس اليوم" التلفزيونية.
وفيما أكد، مكتب الإعلام الحكومي بغزة ارتفاع عدد الشهداء الصحافيين إلى 201 منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، أدان مركز حماية الصحافيين الفلسطينيين بأشد العبارات المجزرة التي أسفرت عن استشهاد الصحافيين، الذين كانوا يؤدون عملهم الصحفي والإنساني عندما تم استهدافهم. وطالب المكتب "الاتحاد الدولي للصحافيين، واتحاد الصحافيين العرب والمنظمات الصحفية حول العالم مطالبون بإدانة هذه الجريمة المروعة والتحرك الفاعل للمساءلة بشأنها"، باعتبارها جريمة حرب.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، وفاة 3 أطفال حديثي الولادة بسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة خلال 48 ساعة في قطاع غزة، مشيرة إلى أن انعدام الأمن الغذائي بين الأمهات، أدى إلى حالات مرضية جديدة بين الأطفال.
في المقابل، أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، عن مقتل ضابط برتبة نقيب، خلال معركة وسط قطاع غزة، وهو قائد فريق في كتيبة 6551.
ضبط شبكة تجسس إسرائيلية
من جهته، أعلن جهاز أمن المقاومة عن ضبط شبكة أجهزة تجسس في أحد مشافي مدينة غزة، كان الاحتلال يهدف من خلالها إلى مراقبة حركة المواطنين، تمهيدا لاستهدافهم.
وأشار الجهاز، إلى أنه، تلقى معلومةً من أحد المواطنين، تفيد بوجود "حجر بناء" غير طبيعي من ناحية الشكل في إحدى مشافي مدينة غزة، التي اقتحمها جيش العدو خلال "المناورة البرية" في عمق مدينة غزة. وأضاف أن قوة أمنية متخفية تحركت نحو المشفى المقصود، وبعد الفحص الأولي، تبين أن "حجر البناء" معاد تشكيله، بما يتيح إخفاء جهاز تجسس داخله، وأنه مرتبط بأجهزة تجسس أخرى في محيط المشفى ومزود بأجهزة تصوير مخفية ومموهة بأشكال مختلفة.