هل التقطت “أنتينات” الرئيس السّابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط كلمة السّر الخارجية، قبل غيره، ما جعله يسارع إلى الإعلان عن دعمه ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، أم أنّ الأمر كان مجرد إجتهاد شخصي وسياسي منه جاء في توقيت غير مناسب، وأسفر عن إرتدادات ما تزال تتفاعل؟
فما كاد اللقاء الديمقراطي يعلن، في 17 كانون الأوّل الجاري، بعد اجتماع حرص الزعيم الدرزي على حضوره، تأييد عون، حتى بدأت الردود تنهال عليه تباعاً من قبل القوى والتيّارات المسيحية رفضاً واحتجاجاً على هذا الترشيح، أو تحفّظاً وصمتاً يُخفي رفضاً ضمنياً له، ما جعل كثيرين يبدون خشيتهم من أن يكون موقف جنبلاط وردود الفعل عليه قد أدّى، بشكل أو بآخر، إلى إحراق ورقة الجنرال كما جرى إحراق ورقتي النائب ميشال معوض ووزير المالية السّابق جهاد أزعور قبله، وجعل بالتالي حظوظه بالوصول إلى قصر بعبدا تتراجع.
عدم موافقة الكتل المسيحية أو تقاطعها مع موقف جنبلاط إزاء دعم ترشيح عون، لم تنفع معها كلّ التبريرات اللاحقة التي ساقها “بيك المختارة” ونوّاب كتلته دعماً لعون، من أنّه “يمثّل مؤسّسة مهمّة هي مؤسّسة الجيش اللبناني، وقام بعمل ممتاز من أجل إستقرار لبنان”، والنّظر إلى ترشيحه للرئاسة ودعم إنتخابه على أنه “مهم جدّاً في هذه المرحلة للإستقرار والأمن في البلد”.
فبعدما كان رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل لا يترك مناسبة إلّا ويؤكّد فيها موقفه الرافض إنتخاب عون، إنطلاقاً من حسابات سياسية وشخصية، جاء موقف جنبلاط ليجعله يتشدّد أكثر في موقفه، عندما رأى أنّه ليس جنبلاط من يرشّح أحداً من المسيحيين لرئاسة الجمهورية، وصولاً إلى حدّ وصفه ترشيح عون بأنّه يشبه ترشيحه النائب السّابق المحسوب عليه هنري حلو للرئاسة عام 2014، قبل أن يقوم جنبلاط بسحبه بعد التوافق على انتخاب قائد الجيش، عامها، ميشال سليمان للرئاسة.
إضافة إلى ذلك فإنّ التعويل على موقف للقوات اللبنانية إزاء ترشيح عون مختلف عن رفض التيّار البرتقالي له، لم يكن في محله، وهو ما أكّده عضو كتلة الجمهورية القوية النائب غيّاث يزبك، أول من أمس، بأنّ عون “ليس مرشحنا”، مبدياً إستغرابه إستعجال جنبلاط ترشيحه الذي “لم يستفزنا” على حدّ قوله، لكنّه أشار إلى أنّه “كنّا نفضّل إنضاج العمليّة لتكون خارجة من إجماع وطني أو من أرجحيّة وطنيّة”.
موقفا التيّار والقوّات يعني أنّ الثنائي المسيحي الأكبر في مجلس النوّاب لن يُصوّت نوابهما لعون، ما سيجعل ترشيحه ضعيفاً، سياسياً وميثاقياً، وإذا أضيف إلى موقفي الكتلتين مواقف كتل ونواب ليسوا متحمسين لانتخاب عون، لأسباب مختلفة، فإنّ ذلك لا يعني فقط أنّ حظوظ قائد الجيش بالفوز شبه معدومة، بل إنّ جلسة 9 كانون الثاني برمتها أصبحت مهدّدة بالإلغاء أو تطيير نصابها، ليس فقط في ضوء عدم وجود مرشّح يحظى بإجماع نواب الكتل المسيحية، إنّما أيضاً بسبب غياب توافق داخلي حول مرشّح إجماع، بانتظار كلمة سرّ خارجية لا يبدو أنّها ستأتي قريباً.
موقع سفير الشمال الإلكتروني