فرضت الحرب المجنونة على لبنان غياباً موحشاً لمعارض الكتب بنسختيها الفرنكوفونية والمحلية عن المشهد الثقافي محلياً، ما قلص فرص اختيار بعض الكتب لتقديمها هدية ميلادية للشخص نفسه أو لمقربيه.لكن عشاق القراءة، ومنهم المغتربين القادمين لقضاء عطلة العيد في وطنهم الأم، وجدوا "بدلاً عن ضائع"، ترجم عملياً في ترددهم على المكتبات ومنها مكتبات أنطوان وإصدارات منشورات هاشيت/أنطوان لشراء كتب جديدة منها إستقطاب لافت لكتاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "مكان بين الأمم" المترجم للعربية بنسخة صادرة عن الأهلية للنشر وللتوزيع في عَمان، مع إقبال مميز على شراء الكتب التاريخية الموضوعية عن لبنان وروايات عدة، منها لكل من جبور الدويهي ورجاء نعمة مثلاً في معرض كتب مستعملة بغالبيتها، نظمتها نهاية الأسبوع الماضي مبادرة "زاروب الثقافة" في منطقة رأس النبع، وهي المحطة الأولى في سياستها التوسعية في بيروت، بهدف تعزيز المعرفة بين "البيئة الحاضنة" هناك ومحيطها.ماذا في التفاصيل؟ كشفت المسؤولة عن مبيعات الكتب المحلية باللغتين الفرنسية والإنكليزية في دار أنطوان/هاشيت فيفيان أبو عيد لـ"المدن" أن "نسبة الإقبال على شراء الكتب (حتى إعداد هذا التحقيق) هي أقل مما كانت عليه العام الماضي، رغم أننا نتطلع الى ارتفاع ملحوظ في المبيعات بعد مجيء المغتربين اللبنانيين إلى وطنهم الأم لقضاء عطلة العيد"، مشيرة إلى أن "بيع الكتب إلكترونياً هو للمقيمين في الخارج، في ما زالت الغالبية من المقيمين هنا تقصد المكتبات لشراء كتبها، حتى لو أثار عنوان مؤلف انتباهها عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
أكدت أن "عشاق المطالعة يقصدون المكتبات لشراء كتب عدة منها المطبوعة محلياً ويتفاوت سعرها بين 10 و20 دولاراً أميركياً للمؤلف الواحد، و4 دولارات لكتاب للأطفال، وقد تصلح لتقديمها هدية في زمن الميلاد".قالت "البعض يتوق غالباً الى شراء كتب أسماء علم لامعة أمثال أمين معلوف أو لكتّاب نالوا جوائز أدبية عالمية منها إقبال على شراء كتاب "حوريات" لكمال داوود الحائز جائزة غونكور 2024"، موضحة أنه "يميل محبو القراءة الى شراء كتب صادرة بالإنكليزية منها "ملحمة فلسطين" لروجيه بجاني مثلاً".وشددت على أنه "يتمايز محبي مطالعة الإصدارات في اللغة الفرنسية بشغفهم في الإطلاع على تاريخ لبنان من خلال شرائهم الإصدار الأخير لمئوية جريدة الأوريان لو جور "المفعم" بذاكرة 100 عام عن تاريخ وطننا، إضافة الى إقتنائهم كتب أخرى في هذا الفضاء وتحديداً مؤلف عن "أصحاب المقامات" في لبنان لـ لميا ماريا أبي اللمع، فضلاً عن روايات "مطعمة" بالسياسة منها وثائقي مكتوب عن مجزرة الدامور لزينة زيربه، ورواية شخصية إنسانية وسط صراع مع منظومة القيم في الحياة لأرمان فارس بعنوان إنجراف الحواس".أما المسؤول عن الكتب المحلية الصادرة باللغة العربية عن الدار نفسها محمد سلطان فقد ذكر لـ"المدن" أن "أسعار هذه الإصدارات هي في متناول الجميع وتتراوح أسعرها من 6 دولاراً الى 12 دولاراً للمؤلف الواحد"، لافتاً إلى أن "غالبية القراء يسألون عن عناوين كتب عن تاريخ لبنان بكل مراحله لمؤرخين بارزة وهم كمال صليبي، فيليب حتي وفواز طرابلسي وسواهم، وذلك في محاولة لفهم ما يجري من مصادر بحثية، إضافة الى بحثهم الدؤوب عن روايات متنوعة لكل من عباس بيضون في مؤلفاته العديدة منها "حائط خامس"، "وخريف البراءة"، و"إفرح يا قلبي" لعلوية الصبح، مع تشديده الى إقبال لافت على شراء كتب حنان الشيخ ومنها روايتين عن حرب لبنان "حكاية زهرة" و"بريد بيروت"، مع تخصيص سلسلة خاصة مترجمة عن اللغة الأجنبية بعنوان " ديبو -الذئب" صادرة عن دار أنطوان/ هاشيت وهي تتناول حكايات عن الذئب وتصرفاته مع مجتمعه".أما منسق مبادرة " زاروب الثقافة" في رأس النبع هادي بكداش فقد أشار لـ"المدن" أن "هذه المبادرة تترجم عملياً مع كل من مكتبات السبيل، جمعية مبادرة أهالي رأس النبع، مكتبجي، مكتبة ومنشورات كل من صنوبر بيروت وأبعاد".كيف يصف الإقبال على هذا المعرض؟ أجاب الى انه "استقطب نحو 200 مواطن جاؤوا مع أولادهم لشراء كتب بغاليتها مستعملة وتتفاوت أسعارها بين 100 الف ليرة و400 الأف ليرة للكتاب الواحد، مع توفير كتب جديدة لمن يرغب"، موضحاً "أننا لم نوفر أي فرصة لعرض اي كتب دينية، بل وفرنا خيارات عدة منها الكتب التاريخية عن لبنان والروايات المتوفرة باللغات الثلاثة العربية، الفرنسية والانكليزية".