أعلن الناطق الرسمي بإسم الخارجية الإيرانية إسماعيل باجي، الإثنين في 23 الجاري، أن روسيا وإيران قد توقعان الشهر المقبل على معاهدة للتعاون الاستراتيجي الشامل بين البلدين، حسب صحيفة الكرملين vz. وكان التوقيع على هذه المعاهدة قد تم تأجيله أكثر من مرة منذ العام 2022، وآخرها كان في تشرين الأول/أكتوبر المنصرم خلال قمة دول بريكس في مدينة قازان الروسية. وإعلان إيران هذه المرة من جانب واحد عن قرب التوقيع على هذه المعاهدة، التي تشمل التعاون العسكري أيضاً، يشير، من بين أمور أخرى، إلى استعجالها في قوننة التعاون العسكري مع روسيا، بعد خسارتها سوريا وطرق إمداد حزب الله بالسلاح في لبنان.
والملفت أن الإعلام الموالي للكرملين يولي إيران في الأيام الأخيرة اهتماماً ملحوظاً، لا يخفي القلق على مصير نظام الملالي فيها، خصوصاً بعد الاستعدادات الإسرائيلية المكشوفة لتوجيه ضربة مؤلمة لبرنامجها النووي. وترافقت هذه الاستعدادات مع إعلان ترامب عن عدم استبعاده نشوب حرب مع إيران، وتوجيه نتنياهو رسالة إلى الشعب الإيراني تحدث فيها عن قرب "تحرره من النظام الذي يضطهده". كما أن الإعلام الإسرائيلي الناطق بالروسية تتوالى فيه هذه الأيام النصوص التي ترى أن سقوط الأسد في سوريا أتاح لإسرائيل فرصة نادرة لتوجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني.صحيفة القوميين الروس المتشددين SP نقلت إلى الروسية في 23 الجاري نصاً كانت مجلة American Conservative قد نشرته في 17 الجاري، وعنونه كاتباه Douglas Macgregor و James Carden بالقول "إيران: الحرب المقبلة التي تختار أميركا خوضها"، وأتبعاه بآخر ثانوي "الولايات المتحدة معرضة لخطر الانزلاق إلى حرب دموية لإعادة تنظيم موازين القوى في المنطقة في أعقاب انهيار سوريا". أما الصحيفة الروسية، فقد عنونت نصها بالقول "ترامب رهينة: سيتعين على أميركا أن تخوض الحرب مع إيران، ومن ثم مع تركيا".
استهل الكاتبان الأميركيان نصهما بالقول إن السلام في الشرق الأوسط لا يزال بعيداً، ونتنياهو لا يزال، كما في السابق، عازماً على توسيع نطاق عمليات إسرائيل العسكرية. وتقاسم سوريا الفعلي بين إسرائيل وتركيا، هو مقدمة للحرب الكبرى مع إيران. ونقلت عن Times of Israel قولها إن القوات الجوية الإسرائيلية تواصل تعزيز قدراتها القتالية، والتدرب على "ضربات محتملة لإيران".
وأضاف الكاتبان، أن أولوية نتنياهو هي تدمير إيران قبل انتصار روسيا في الحرب الأوكرانية، وقبل أن تصبح سوريا ميدان معركة بين الأتراك والإسرائيليين. وهذه ليست مجرد نهاية "النظام العالمي القائم على القواعد" في واشنطن، بل هي بداية الفوضى. فالجيش الإسرائيلي والقوات الموالية لتركيا في سوريا أخذوا ينظرون لبعضهم البعض عبر خط التماس الذي يمتد من الشرق إلى الغرب جنوبي دمشق. وليس لدى نتنياهو أي أوهام بشأن تضارب المصالح بين أهداف أنقرة الاستراتيجية طويلة المدى في المنطقة، وعزم إسرائيل على المطالبة بغنائم الحرب السورية.
ورأى الكاتبان أنه، بالإضافة إلى المشاكل المالية الخطيرة والسخط العام في الداخل، يواجه دونالد ترامب الآن الحاجة الخطيرة إلى صرف انتباهه عن حروب لم يبدأها، ولن تجلب أي فائدة استراتيجية لأميركا وإدارته. إن دعم أميركا لحرب نتنياهو في الشرق الأوسط من شأنه أن يعرض الأمن القومي الأميركي للخطر، ويترك واشنطن وجيشها واقتصادها رهينة لأي اتجاه استراتيجي يختاره نتنياهو. ويقولان إنه كما لا يمكن حل أي مسألة تتعلق بأمن أوروبا الاستراتيجي من دون مشاركة روسيا، كذلك لا يمكن لواشنطن أن تضمن الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال دعم طموحات إسرائيل الإقليمية من دون قيد أو شرط.موقع Vesti-Ynet الإسرائيلي الناطق بالروسية، نقل في 22 الجاري عن صحيفة يديعوت أحرونوت التابع لها، أن رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد بارنيا أوصى القيادة السياسية بتوجيه الضربة لإيران، وليس للحوثيين، رداً على الهجمات الصاروخية على إسرائيل من اليمن. وبرأيه، من الضروري التعامل مع القوة الرائدة الرئيسية، أي إيران. وطرح موقفه هذا في الاجتماعات المعنية بالأمر التي عقدت في الأيام الماضية.
موقع Detaly الإسرائيلي الناطق بالروسية نقل في 11 الجاري عن موقع Walla الإسرائيلي أيضاً نصاً بقلم البروفسور الإسرائيلي Kobi Michael تحت عنوان "سقوط الأسد: إيران تعرف أنها قد تكون التالية بالسلسلة".
قال الكاتب بأن التغيرات الزلزالية التي تجري أمام أعيننا نتيجة لسقوط الأسد، هي أحداث تاريخية تبدل قواعد اللعبة، وليست نقطة تحول محلية وإقليمية فقط، بل عالمية. فبالإضافة إلى التغيرات الجذرية في سوريا نفسها، التي ليس من الواضح حتى الآن إن كانت ستبقى دولة موحدة، أم ستنقسم إلى عدة كيانات عرقية دينية، وربما حتى معادية لبعضها البعض، فقد فجّر هذا الحدث موجة متفجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط و وما بعده. وقد أدى إلى إضعاف كبير للمحور الذي تقوده إيران، ويمثل مشكلة صعبة بالنسبة لإسرائيل. وعلى نطاق أوسع، يمثل تغييرات عالمية يمكن أن تؤثر على الحرب في أوكرانيا، وربما حتى على استقرار النظام في روسيا، الراعي السابق لنظام الأسد في سوريا.وأشار الكاتب إلى أن أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والغرب فشلت هذه المرة في توقع النتائج المترتبة على هذا الحدث والسرعة التي وقع فيها كل شيء. وليست هي المرة الأولى التي تفشل فيها وكالات الاستخبارات ذات الخبرة في تحديد طبيعة وقوة الاتجاهات المشحونة بالتغيير المفاجئ، ولكن يبدو أنه، وكما حدث مع سقوط جدار برلين عام 1989، وقعت الأحداث بسرعة فائقة وتأثير يكاد يكون خيالياً.
ورأى أن الحدث السوري وما أدى إليه من إضعاف لمحور المقاومة، فاق كل توقعات إسرائيل. وقال إن إيران التي بقيت من دون دعم "طوق النار" الذي أقامته ضد إسرائيل، وفي ظل الدعم الروسي الضعيف وسقوط النظام في سوريا، من المحتمل جداً أنها تشعر بنفسها أضعف من أي وقت مضى. فالخوف من اندلاع انتفاضة واسعة النطاق من الإيرانيين، الذين شجعهم نجاح المنتفضين السوريين، قد يدفع إيران لتسريع برنامجها النووي. ويبدو أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات واسعة لإلحاق الضرر بالمنشآت النووية الإيرانية، فضلاً عن البنية التحتية الاقتصادية والعسكرية، من أجل التعجيل بسقوط النظام.يطرح الكاتب فرضية أن تتمكن إسرائيل من التوصل إلى توافقات مناسبة مع الرئيس الأميركي المنتخب، حتى قبل دخوله إلى البيت البيض. وكبديل، يشير إلى بروز احتمال تاريخي آخر، حيث يمكن للرئيس ترامب أن يعرض على إيران من خلال قنوات سرية لتجنب النقاش العام، إنهاء جهود الحرب النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية وتوفير "بوليصة تأمين" للنظام. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تساعد في تجنب العمل العسكري الإسرائيلي في الوقت الحالي، بشرط أن يكون هناك، إلى جانب دعوة ترامب، تهديد عسكري قوي وذو مصداقية من قبله. ومن المحتمل أن تأخذ إيران، مثل العديد من الدول الأخرى على الساحة الإقليمية والعالمية، مثل هذا الاقتراح والتهديدات على محمل الجد، نظراً للتغيرات التي طرأت منذ انتخاب ترامب وبعض تصريحاته العلنية.
وكان الموقع الإسرائيلي Detaly عينه قد نقل في 15 الجاري عن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت قوله "لقد خلقنا فرصة سانحة للعمل ضد البرنامج النووي الإيراني".