فتاة لا مساحة لها إلا ضمن بيتها، وبتصرف عجيب غريب، وربما أقل من عادي أصبحت تحتل السوشال ميديا وشاشات فضائيات اعتادت البحث عن فضائح وسخافات وسذاجات... وكانت السورية ليا خير الله، وكنت أود أن لا ذكر هذا الاسم حتى لا أشارك بصناعة فقاعة الصابون اليتيمة!
رجل المرحلة السورية ولا أدري ما اسمه الحقيقي لكثرة ما أسموه وما قيل عنه، وما كتب بالسوء سابقاً واليوم مديحاً، وفجأة طلبت أميركا من الإعلام أن يصبح نبياً، وما اسرع العربان بتحقيق ذلك!
كما لا أدري ما هو حزبه لتعداد تنقله من حزب إرهابي إلى حزب يعشق الدماء، ولنتفق على إسم ( الجولاني)! كان الجولاني في الشارع بعد أن خُطف الرئيس السابق بشار الأسد أو هرب" يبقى الفعل مغيباً"، وبعد سقوط النظام الشبيه بكل الأنظمة العربية، اقتربت منه فتاة، ومن ملابسها فقيرة وساذجة، طلبت التقاط صورة، فطلب منها الجولاني المتدين أن تضع غطاء على رأسها...وهكذا حصل!
الموضوع تافه وساذج، ويتكرر يومياً من قبل رجال الدين والمتزمتين والطبيعيين، ولا أحد يتحدث أو يعير هذا أي اهتمام!
وبدأ الإعلام العربي الأعرابي والسوري بتناول القضية فتحاً خطيراً، وأن هذا الجولاني قمة بالتواضع والفهم والدين، وحالة نادرة الوجود...وبذلك وبتعصب قد انطلقوا بصناعة الديكتاتور الجديد، والصنم الذي سيعبدونه كما عبدوا غيره بعد أن صنعوا صنمهم!
وللتذكير فقط...حينما طلبت مذيعة BBC إجراء الحوار مع الرئيس الإيراني الشهيد الرئيسي طلب منها بأدب أن تضع الغطاء الحريري على رأسها، رفضت طلبه، وبدأت الصحف الأعرابية والغربية وكل الفضائيات بتناول هذا الحدث بالكفر، واتهم رئيسي وهو رجل دين بخيانة الإنسان، وبأنه من المتخلفين...ومن ثم قامت المذيعة بإجراء الحوار مع الكرسي تعبيراً لرفضها ارتداء الحجاب بحجة الحرية الشخصية!
بينما الجولاني زينت له الفضائيات والمقالات لكونه في الشارع رفض أن تتصور معه فتاة إلا إذا قامت بارتداء الحجاب...أين كذبة الغرب بالحرية الشخصية!
ولكن المشكلة ليست هنا، وكلنا يعلم من يحرك الإعلام حول الجولاني الجديد الذي يدربونه على ارتداء الملابس المعاصرة وربطة العنق، المشكلة تنافس وسائل الإعلام لإجراء حوارات مع تلك الفتاة، والتي بدورها تفوقت بالخيال والوصف والشرح والكذب على حالها من حدث وقع بأقل من دقيقة، ولم تلتفت إلى الحرية الشخصية كما تدعي ويدعون!
والعجيب مذيعة أكبر من أمي استقبلت تلك الفتاة لتحاورها بحماسة كما لو كانت عائدة من تحرير غزة والأندلس دون أن تسألها عن حريته الشخصية، وترمي زيت تجربتها من خريف ربيعها!
يا إعلام سوريا قبل غيركم أين سيدات سوريا الأوائل، أين مثقفات الشام، وأين رائدات في مجالات متنوعة، وأين الناجحات في الطب والهندسة والعلوم المعاصرة والأمومة...؟!
كل هذه الكوكبة مغيبة في إعلام العرب وبالتحديد إعلام سوريا، واعتماد زرع العباطة والخبل والهبل وانكسار الروح حتى تغرق بالشهوات... أما مذيعات كل العصور فغابت الشمس عنهن لتطلع عبر استضافة هكذا نوعية فارغة لتزداد مساحة الجهل، وجاهلة تستقبل جاهلة، وجاهل يستقبل الجاهل، وفي النهاية إعلام العباطة يستمر بعباتطه حتى لو تغير هذا النظام أو ذاك!