ظهر قائد "الحرس الجمهوري" في الجيش السوري طلال مخلوف، وهو يجري تسوية أمنية، في أحد مراكز العاصمة دمشق، رغم أنه أحد الضباط الكبار الذين ارتكبوا جرائم وانتهاكات بحق السوريين منذ آذار/مارس 2011.
وأعلنت "إدارة العمليات العسكرية" خلال الفترة الماضية عن إجراء تسويات لعناصر وضباط النظام السابق في مختلف المحافظات السورية، قبل أن تنشر صحيفة "الوطن" التي كانت مقربة من نظام الأسد، مقطع فيديو، ظهر فيه مخلوف وهو يقول أن الموظفين في مراكز التسوية يتعاملون بلطف واحترام شديد، وأن "هذا يدل على أنهم يفكرون بمنطق الدولة، ما جعلني أشعر بالأمان، كنا سابقاً نشعر أن هناك خللاً كبيراً بتركة مريضة".وطلب مخلوف من باقي الضباط عدم الخوف، وقال: "من لم يرتكب شيئاً، جرائم وانتهاكات بحق السوريين، لا داعي أن يخاف"، علماً انه في الواقع أحد قادة الفرق العسكرية المشاركة بقتل السوريين وتهجيرهم خلال ترؤسه "الحرس الجمهوري"، الذي ساهم بارتكاب جرائم بحق السوريين في مختلف المناطق، حسبما نقلت وسائل إعلام سورية.وظهور مخلوف بهذا الشكل أثار مخاوف من مسار العدالة في البلاد حيث أبدى معلقون خوفهم من أن تشمل عمليات العفو مجرمي الحرب الذين ساهموا في قتل السوريين، فيما قال آخرون أن التسوية لا تعني عدم رفع دعاوى قضائية لاحقاً ضد هذه الشخصيات.و"الحرس الجمهوري" يعتبر من قوات النخبة سابقاً في سوريا، وتمتع بنفوذ خاص في دمشق وتسليح متميز. ومع بداية الثورة السورية كان مخلوف قائداً لـ"اللواء 105"، الذي شارك بقمع المظاهرات السلمية، وفي العام 2016 عين قائدًا لـ"الحرس الجمهوري". وفي كانون الأول/ديسمبر 2011، ورد اسم مخلوف في تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" بعنوان "مسؤولية الأفراد والقيادة عن الجرائم ضد الإنسانية في سوريا". وذكر التقرير أن مخلوف أعطى أوامر لعناصره بإطلاق النار على مظاهرات في دوما وحرستا.وأشارت تقارير حقوقية أيضاً إلى أن جيش النظام المخلوع استخدم مستودعات "اللواء 105" لتخزين مواد كيماوية من "المعهد 1000" التابع للبحوث العملية، قبل قدوم المراقبين الدوليين إلى سوريا من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118، في نيسان/أبريل 2013.وعين مخلوف، مطلع العام 2016، قائدًا لـ"الحرس الجمهوري"، وشارك بعمليات السيطرة على أحياء حلب الشرقية، وتهجير أهلها أواخر 2016، واستمر في منصبه حتى العام 2018، حيث خلفه العميد مالك عليا. وشارك مخلوف بقصف واقتحام الغوطة الشرقية ووادي بردى بريف دمشق وعدة مناطق أخرى على مدار سنوات إلى أن تم تهجير أهلها.ويخضع مخلوف لعقوبات من الاتحاد الأوروبي نتيجة الجرائم التي ارتكبها أو شارك في ارتكابها بحق المدنيين. كذلك يخضع لعقوبات بريطانية منذ العام 2015، ولعقوبات أميركية منذ العام 2017.وأثارت التسوية استياء واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن هذه النوعية من القرارات تبقى غير مفهومة، خصوصاً أن جنرالات الأسد من هذه النوعية كانوا مساهمين حقيقين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولا يمكن ببساطة تجاهل ماضيهم والحديث عن عفو يشملهم، فيما حذر آخرون من أن هذا التساهل قد يشكل بداية للحرب الأهلية في البلاد، لأنه قد يمهد لانتشار حالات الانتقام خارج نطاق القانون، على سبيل المثال.وأشار آخرون إلى أن هذه الشخصيات التي تلاحقها وتحاكمها دول أوروبية وغربية مثل ألمانيا، تلاقي العفو في الداخل السوري، ويظهرون ليتحدثوا أمام الإعلام بكل بساطة وكأنهم لم يفعلوا شيئاً، ويبرروا ما جرى بأنهم كانوا مخدوعين، فيما تعهدت السلطة الجديدة في دمشق بمحاسبة الإعلاميين والفنانين الذين حرضوا على قتل السوريين.