2024- 12 - 23   |   بحث في الموقع  
logo شيخ العقل ينوه باللقاء مع الشرع والبشير والتأسيس عليه: “قلق الأقلية يحتاج إلى عدل الأكثرية” logo مولوي من الرياض: سنبني لبنان بالوحدة logo الصفدي من دمشق: الإدارة الجديدة يجب أن تأخذ فرصتها logo فياض: الإعتداءات الإسرائيلية تشكل تهديدا جديا لورقة الإجراءات logo "الضمان" حوَِّلَ للمستشفيات 207 مليارات ليرة خلال العام الجاري logo ارتفاع مؤشّر أسعار الاستهلاك لشهر تشرين الثاني logo الأمطار مستمرة.. متى يستقر الطقس؟ logo ميقاتي في الجنوب للمرة الثانية: معنويات الجيش عالية ونقدر تعاون اليونيفيل معه
الفنان المجري بيلا تشيني: واقعية لم تتلاش
2024-12-23 10:25:52

قد يكون الفنان المجري تيفادار تشونتفاري (1853- 1919) معروفاً في بلدنا نظراً لأنه كان زارنا في بداية القرن الماضي، وترك أعمالاً مرموقة مثلّت مشاهد من بعلبك وغابة الأرز، وهي الآن تزيّن جدران الغاليري الوطنية المجرية في بودابست. لكن معرفتنا بمواطنه بيلا تشيني (1911- 1999) بقيت محدودة، بالرغم من مكانتها في المشهد التشكيلي المجري منذ منتصف القرن الماضي وحتى نهايته.وفي حين لم يحتفظ المعرض الوطني المجري بأكثر من عشرة أعمال من أعمال تشيني يظهر فيها تأثير المدرسة الإيطالية، تليها ثلاثة أعمال من أربعينات القرن العشرين تحمل بصمات الواقعية الاجتماعية، فضلاً عن حياة الفلاحين في المجر في الستينيات، ومع ذلك، لم يتم شراء أي من اللوحات التي تصور إيطاليا في النصف الثاني من القرن المذكور، لكنه أصبح أحد أكثر الفنانين المجريين طلبًا في السبعينيات، كما صار من أشهر الفنانين المجريين في السنوات الأخيرة. يرجع هذا، في شكل أساسي، إلى ما يسمى بالشغف الرجعي، لأن أعمال تشيني تشع بالزمن الذي ولدت فيه: أثاث المتاجر النموذجي، واللافتات النيون المضيئة، والملصقات، والملابس، والتفاصيل والنكات.
أثر المدرسة الإيطاليةكان بيلا تشيني قادرًا على السفر إلى إيطاليا كباحث روماني، وإذ عاش هناك بين عامي 1938 و 1939، فقد تأثر في بداية حياته المهنية بعمالقة الرسم في عصر النهضة، وخاصة دومينيكو غيرلاندايو وبييرو ديلا فرانشيسكا. وعندما عاد إلى وطنه، كان مهتمًا بـ"الزخارف المجرية"، والثقافة الشعبية، والأساطير القديمة ذات الأصل المجري. شهدت أربعينيات القرن العشرين ظهور نتاج تشيني ذي التقنية المحكمة، وأعماله التي تضمنت التآليف التي لا تشوبها شائبة، والتي تُظهر أفضل مهاراته في الرسم، مثل الحصاد، والدرس، وصور كالوتاسزيغ، وتخيلاته لأجواء باريس في نهاية الأربعينات، لكن عدداً قليلاً نسبيًا من أعمال ذاك العصر استطاع النجاة، إذ ضاع معظمه لأسباب مختلفة.وكما ذكرنا، فقد ارتبط أسلوب تشيني في الرسم بشكل واضح بالتقاليد الكلاسيكية لعصر النهضة، بما في ذلك فن ليوناردو دافنشي ودومينيكو جيرلاندايو، إضافة إلى الفنانين المذكورين أعلاه، وإضافة، أيضاً، إلى علاقة أعماله بالتقاليد اليونانية الرومانية. بعد الحرب العالمية الثانية، تضاءلت روابطه بالمدرسة الرومانية، واستوحى موضوعات لوحاته، المرسومة بتقنية مميزة، كما أشرنا، من الحياة اليومية. على أنه لم يتلقَ دعماً من النقّاد والمسؤولين، بل بقي مهملاً إلى درجة معينة. على الرغم من ذلك، حصل تشيني على العديد من الجوائز، ففي العام 1942 حصل على جائزة إيدي بالو Ede Balló عن لوحته "شرف ومجري" Hunor and Mayar، وفي العام 1943 حصل على جائزة مؤسسة فيرينك جوزيف بودابست سيكسفوفاروس. وبعد الحرب، حصل في العام 1948 على جائزة مسابقة اللوحات الجدارية لوزارة التعليم العام، إضافة إلى حصوله على جائزة وزارة التربية الشعبية في معرض الفنون الجميلة المجرية.
ما بعد الحرب العالمية الثانيةبعد الحرب العالمية الثانية، ونظراً للتحولات السياسية التي أملتها نتائج تلك الحرب، جاءت الفترة في حياة بيلا تشيني حين أصبح من الواجب عليه التكيّف مع توقعات الواقعية الاشتراكية، كأسلوب تشكيلي يتناسب مع التوجهات الجديدة. لقد كان عليه أن يرسم عمالاً تملؤهم الحماسة من أجل كسب لقمة العيش، إضافة إلى موضوعات أخرى مشابهة. لا شك في أن أعماله العائدة لتلك الفترة لا تتوافق تماماً مع مخططاته الأخرى، ومع ذلك، سمحت له التغييرات النسبية في الظروف السياسية بالعثور على موضوعات جديدة وأسلوب جديد. لقد كانت لوحاته التي تكثف الواقع المجري، والشعور بالحياة والثقافة البصرية في الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن العشرين، هي الأكثر إثارة للاهتمام والأكثر طلبًا في الأسواق الفنية. هذه الصور كانت تنبض بالحياة وبالشخصيات النموذجية لـ"عصر كادار الموحد". (نسبة إلى János Kádár (1912- 1989) وهو رجل دولة كان من العام 1956 إلى العام 1988 القائد الرئيسي لجمهورية هنغاريا الشعبية).وفي نظرنا، فإن لوحات بيلا تشيني، قيد الحديث، إنما تشبه فيلماً شعبياً متقن الصنع، إذا ما تعاملنا معها من خلال مكانها وبيئتها، وإذا لم نخلط بينها وبين الأعمال الدرامية المؤثرة في تاريخ السينما. وإذ لا نلومها على فضائلها، فيمكننا أن نغرق فيها ونجد بعض المتعة، وأن نمنحها مكانة معينة في تاريخ الرسم المجري. وعلى سبيل المثال، إذا ما رأينا الفتيات الصغيرات اللاتي يبدون واعيات لأنفسهن - مع التنانير القصيرة المميزة والسراويل شبه المنحرفة، وتسريحات الشعر والمجوهرات والنظارات الشمسية. إن الجو القديم يبدو واضحًا في أعمال بيلا تشيني، عندما يصوّر عالم شوارع بودابست، التي تعج بالناس المندفعين، والإسبريسو الممتزج بـ"النقاش اللطيف"، الاشتراكي الصبغة.
صورة روّاد المقاهي مختلفي الإهتماماتلا بد من ملاحظة الإهتمام الذي يوليه تشيني لموضوع المقهى، وذلك في فترة تاريخية كانت المقاهي في المدن الأوروبية الكبرى، وما زالت في بعضها، مكاناً مفضلاً للقاء فئات بشرية ذات اهتمامات شتى. عمله "في الإسبريسو" (1972) يمكن التعرف من خلاله على شخصيات مهمّة في الحياة الفنية في ذلك الوقت. في خلفية اللوحة إلى اليسار، نرى النقّاد ميكلوس بال وجيولا روزسا والأمين العام السابق لجمعية الفنون الجميلة، أمّا الرسام تاماس إرفين فنراه جالسًا إلى طاولة على الحافة اليمنى من الصورة، كما نرى لاجوس نيميث أحد مؤرخي الفن الرائدين في ذلك العصر. وللمناسبة، ثمة في أعمال تشيني ما يُذكّر بأجواء بيروت في ستينات القرن الماضي وسبعيناته: جلسات المقاهي التي جمعت العاملين في مجالات الثقافة على أنواعها ونقاشاتهم المرتفعة، جنباً إلى جنب مع فتيات تلك الفترة "المتحررات" من أتباع موضة الـ"ميني جوب"، الطيبة الذكر.
إلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن الظهور المحدود والمدروس للعري، الذي يشكّل أحد الخطوط الرئيسة لفن تشيني. تلك النماذج التي صوّرها، والتي تتمتع بجمال "خالد"، هي استفزازية وحديثة في الوقت نفسه، وتنضح بالإثارة الجنسية. إنها تختلف بشكل حاد عن صور إيستفان ماكسي العارية، والتي غالبًا ما يتم ذكرها مع تشيني، والتي، على الرغم من جاذبيتها، إلا أنها، كما يمكن للمرء أن يقول، لاجنسية.
أما في صيف العام 2022، فقد نظم معرض كيسيلباخ معرضًا ناجحًا للغاية للوحات الفنان، وتباع بعض أعماله الآن في مزادات بمبالغ تصل إلى أربعة ملايين فورنت. وقد نشر مؤرخ الفن بيتر مولنوس دراسة غنية بالرسوم التوضيحية تحت عنوان "الواقعية éléssé - لوحة بيلا تشيني"، التي حرّرها مورا كيادو، والتي أشار فيها إلى أن الواقعية التي تمثلها أعمال بيلا تشيني لم تتلاش مع مرور السنين؛ بل على العكس من ذلك، لقد أثبتت أنه فنان خالد.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top