ازدهرت السوق السوداء في إيران لأجهزة استقبال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك"، التي أطلقتها شركة "سبايس إكس" التابعة لرجل الأعمال إيلون ماسك.وعلى مدى العامين الماضيين، تمكنت شبكات تهريب ومنظمات مدافعة عن حرية الإنترنت من إدخال هذه الأجهزة إلى داخل البلاد، لتوفر اتصالاً غير خاضع للرقابة لآلاف الإيرانيين في ظل نظام يفرض قيوداً صارمة على الإنترنت، حسبما نقلت مجلة "فوربس".وتعتبر إيران من بين الدول التي تفرض أكثر القيود صرامة على الإنترنت في العالم. وتحظر السلطات كثيراً من التطبيقات مثل "إنستغرام" و"سلاك"، وتفرض رقابة شديدة على المحتوى الرقمي. كما يتم اعتقال الأفراد الذين ينشرون محتوى يمكن أن يعتبر "مناهضاً للإسلام" أو "معارضاً للجمهورية الإسلامية".في هذا السياق، أصبح "ستارلينك" وسيلة للالتفاف على القيود وإتاحة الإنترنت المفتوح لمستخدميه. ومنذ أن أتاح ماسك، خدمة "ستارلينك" في إيران العام 2022، شهدت البلاد انتشاراً متزايداً لهذه التكنولوجيا، رغم الحظر الحكومي والعقوبات المشددة. واليوم يستخدم حوالي 20 ألف شخص، الخدمة، للحصول على إنترنت عالي السرعة وغير خاضع للرقابة، ما يجعل من الصعب على السلطات الإيرانية السيطرة عليه.وتواجه أجهزة "ستارلينك" تحديات من بينها التكلفة العالية. وتباع الأجهزة في السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 700 و2000 دولار أميركي، مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 250 دولاراً في الولايات المتحدة. كما يتطلب تشغيل الخدمة دفع اشتراك شهري بقيمة 70 دولاراً، مع رسوم إضافية لتفعيل الجهاز في بلد غير الذي تم شراؤه منه. وتعتبر هذه التكاليف باهظة للغاية في بلد يبلغ متوسط الدخل الشهري فيه حوالي 250 دولاراً.وشهدت التقنية دعماً من ناشطين ومنظمات معارضة، حيث ساعدت شبكات تهريب محلية ودولية في إدخال الأجهزة إلى إيران. كما قدمت "سبايس إكس" تعديلات تقنية على الأجهزة لتسهيل استخدامها، مثل تصميم أعمدة قابلة للطي وأسلاك قابلة للاستبدال، ما ساعد في جعل "ستارلينك" أكثر مرونة وسهولة في النقل، ليزيد من انتشارها بين المستخدمين في البلاد.ورأى ناشطون أن "ستارلينك" يمثل ثورة تقنية لمواجهة القمع الرقمي الذي تمارسه السلطات الإيرانية. وقال أحمد أحمديان، مدير منظمة "المقاومة الشاملة"، أن "ستارلينك" يمكن أن يلعب دوراً محورياً في كسر الحصار الرقمي المفروض على الإيرانيين، تماماً كما ساعد "راديو أوروبا الحرة" في مواجهة دعاية الاتحاد السوفياتي سابقاً.ورغم الجهود الإيرانية للسيطرة على هذه الأجهزة، تظهر التقارير صعوبة تتبعها بسبب تصميمها المدمج وسهولة نقلها. ومع استمرار انتشار "ستارلينك"، يظل الوصول إلى الإنترنت غير المقيد أملاً للعديد من الإيرانيين الذين يسعون للحرية الرقمية والتواصل المفتوح.