2024- 12 - 21   |   بحث في الموقع  
logo المفتي دريان التقى أهالي الموقوفين الاسلاميين logo هل هرب أحمد بدر الدين حسون إلى فرنسا؟ logo تحذير من البيض والدجاج المهرّب من تركيا وسوريا logo تعيين أول امرأة في الإدارة السورية الجديدة logo الإنترنت الفضائي "ستارلينك" يزدهر عبر السوق السوداء في إيران logo تمديد ولاية "الأندوف".. رغم تمدد إسرائيل خارج المنطقة العازلة logo زمن "النفضة" القضائية: هل يتحرر القضاء من سطوة الأحزاب؟ logo جعجع التقى سفير فرنسا
لبنانية النزاعات الداخلية
2024-12-21 09:55:43


تتحرك اللبنانية في كل ظرفٍ وفي كل مناسبة. تتلوّى هذه اللبنانية وتنساب، كنهرٍ حيناً، وكأفعى رقطاء في أحايين، وعندما تَدْهَمُها عاصفة سياسية شديدة، تبتكر عناصر نجاتها، مما يضع المراقب في حيرةٍ من أمره، هو الذي تنبّأ باحتمال هلاكها.
وضعت الحرب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية نقطة وقْفٍ لاشتداد أوارها، لكنها لم تضع اللبنانيين على جادة مراجعة حسابات اليوم التالي، ولا هي بدَّلت من لغة مناهجهم ولا من قواعد اشتغالها.
أضافت الواقعة السورية إضافة مدهشة عندما أطاحت بنظامها، لكن اللبنانية لم تأخذها دهشة، بل نادَتها رغبتها القديمة التي تعتمد لشهيتها طبقاً توظيفيّاً، من دون التحسّب إلى ما فيه من نفعٍ ظاهر أو من ضرر باطن... وهكذا، وفي حلبة المخاطر المصيرية، تتابع اللبنانية وأهلها، تواتر أيامها تحت ذات الشمس التي لا تحمل جديداً.لبنانية ما بعد الحرب:لبنانية الما بعد، جملة مقصودة لذاتها، فالحرب التي عاشت عمرها القصير، هي الحرب الأخيرة على الحدود، مثلها مثل نظيرتها الفلسطينية، التي كتبت صفحة ختامها بعيد انطلاق شرارتها الأولى بقليل.
وللتمييز، لأن التمييز حاجة سياسية لبنانيّة ماسّة، يعلو جدار فصْلٍ واضح، بين الحرب وبين مسألة الصراع مع إسرائيل، فهذا الأخير سيظل موضوع ثباتٍ لم تهزّه الحروب المتوالية التي اندلعت منذ الاستيلاء على فلسطين، وحتى أشكال ومنوّعات العدوانية التي ما زال يعتمدها كيان الاستيطان فوق الأرض الفلسطينية، وفي مدى لبنان، ومعه عدد من جغرافيات البلدان العربية.
على التمييز الضروري، المنوّه عنه، تنهض أسئلةُ، ماذا عن ما بعد الحرب؟ وماذا عن ديمومة الصراع؟ الأسئلة الأولى هي موضوع النقاش العاجل، والأسئلة الثانية، هي موضوع النقاش الآجل، والأسئلة بشطريها، موضوع واحد للمسؤولية اللبنانية الوطنية الواحدة، عن شؤون كلّ ما له علاقة بالداخليّات المتعثّرة، أهليّاً واجتماعيّاً، وسياساتٍ وإدارة علاقات.النقاش الحربي:يتقدم موضوع "المقاومة" وسلاحها، النقاش المحتدم اليوم، بصفته موضوعاً خلافيّاً، يتعذّر وضع قطاره على سكّة توافق لبنانيّ عام. الالتفاف الذي دارت حوله التوافقية الاضطرارية، في صيغة جيش وشعب ومقاومة، فكّت عُرى صياغته نتيجة الحرب الأخيرة، ونقلته إلى صياغات سجالية "نافرة" الحروف و"هجوميّة" الكلمات، وما لا يجاهر به المعنيّون، يحمله تأويل نصوصهم، وتَشِي به نبرات أصواتهم، العالية والخافتة.
ينطلق سجال المقاومين من نفيٍ لواقع واقعي، فيلاقيه معارضون ومعترضون، من نفي لواقع واقعي مشابه. القاسم المشترك بين النفيين، عدم اعتراف المقاومين بحقيقة النتائج التي انتهى إليها القتال مع العدو، وعدم فهم المعارضين حقيقة أن المقصود بالسجال تجاوزَ المقاومين، فبات ينال من موقع بيئتهم الأهلية، ذي الخصوصيات الواضحة بين الأهليات المشاركة في اللبنانية.
لقد انعكس النفي وشبيهه، في اللغة وفي المواقف المتدرّجة، فاقترب بيان المقاومين من المكابرة التي يصعب تسويقها وترويجها في الحالة اللبنانية الراهنة، ولامس خطاب المعترضين ومواقفهم، حدود طلب "الانتصارية" لتوظيفها في المجال اللبناني العام. والحال، فإن الرفض المكابر ممتنعٌ على أصحابه، والانتصاريّة اللامسؤولة، ممنوعة وخطيرة، على أصحابها، وعلى "جيران" هؤلاء الأصحاب.النقاش السلمي:انتقال اللبنانيين من حالة الحرب ضد العدو، إلى حالة السلامة الداخلية، وإلى حالة إشاعة وسريان قواعد السلمية السياسية الراسخة، هذا الانتقال يتطلب ترسيخ حصوله كحالة جديدة مفهومة، لدى أطراف السجال السياسي الداخلي. الإقرار بالواقع الجديد، يطرح مسائل الانتقال إلى نقاش حيثياته، وإلى استعراض جديده، وإلى اختيار المداخل المناسبة لفكّ تعقيداته. لماذا كل ذلك؟ لأن استقامة الحالة اللبنانية، في المرحلة الجديدة، لا يمكن أن تكون في المتناول، إذا ما استعادت "حليمة" اللبنانية "عادتها القديمة".
في السياق يتم تناول البنيان القتالي "للمقاومة"، مثلما يتم الوقوف على موقع حزبها، "حزب الله" اللبناني، ومن هاتين النقطتين، وبالتلازم معهما، تكون الإطلالة على الشيعية وعلى الشيعة، من مداخل إعادة القراءة المتأنّية لمسألة التوازنات اللبنانية الجديدة، التي يجب تعريفها وتصريفها، وليس من مدخل اختلال التوازنات التي تغري هذا الطيف أو ذاك، باستثمارها وبتوظيفها.
من التكرار المفيد، مسألة نزع سلاح المقاومة، ليست المسألة المطروحة، بل المطروح هو استيعاب التجربة والبنية القتالية المقاومة، تمهيداً لإعادة إدراجها في حساب الدفاع عن لبنان، ما دام أن الجميع معترفٌ بديمومة الصراع، ومعترف بديمومة الخطر الإسرائيلي على لبنان، ليس في مضمونه الأمني وحسب، وإنما في مضامينه الاقتصادية والمالية والمجتمعية والسياسية.
إذن، وباختصار مكرّر: المطلوب اللبناني، الذي يتجاوز النزاعية الأهلية، هو استيعاب حالة المقاومة اللبنانية، وتسييلها ضمن قنوات الرسمية، والقوننة التي لا مرجعية لها سوى مرجعية "الدولة" اللبنانية ومؤسساتها الرسمية.
في مجاراة ذلك، على المعترضين ملاقاة المستوعَبين في فسحة لقاء رحبة، وفي اشتقاق سياسات متوازنة، تعيد إنتاج المؤسسات الرسمية، ومرجعاتها التمثيلية، على الصعد التنفيذية والتشريعية والاجتماعية، وإذ يحتل موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يكون تسهيل عملية اختيار رأس الهرم الرسمي، مسؤولية مباشرة تقتضي المباشرة بتأمين مقومات النهوض بمضمونها.
بين استيعاب الأهلية "الطافرة"، واستيعاب هواجس الأهلية "القلقة"، تسقط سياسات وفرضيات الأهليات "الظافرة"، في شروطها المحليّة، وفي استجاباتها الخارجية. لقد بات راسخاً في الأذهان، أن المحليّة الشرطية، والخارجية الاستتباعية، لم تَعُدْ على اللبنانيين، إلاّ بمرارة النتائج، وبالنزاعات المستدامة، التي حملت طابع العنف مرات، ولم تحمل طابع الاستقرار العميق ولو لمرّة واحدة، والحال، فقد باتت اللبنانية معروفة بقلقلتها، هي التي أرادت "لذاتها" صفة الفرادة في محيطها، الذي اهتزّ وسقط، فتفوقت عليه بامتياز الرسوخ في "طائفيتها" المختلطة، التي كانت "عِلّة" نشأة، واستمرّت سببَ عِلَلٍ للنظام وللانتظام، وللسكنى والاندماج، فوق جغرافيا مشتركة، تصير وطناً مشتركاً لمواطنين أحرار.
نحو لبنانية جديدة؟ نعم، فالجديد صار واقعاً عالميّاً، ولا بدّ من الانتساب إلى هذا الجديد... انتساباً لبنانيّاً مبتكراً، ولبنانية واقعية مستنيرة جديدة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top