تسير مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى تحت مظلة من نار تستمر إسرائيل في إستخدامها قتلا وتدميرا لتمارس المزيد من الضغط على المقاومة الفلسطينية لتقديم تنازلات تستطيع حكومة بنيامين نتنياهو من خلالها أن تحفظ ماء وجهها أمام المجتمع الاسرائيلي.
في المقابل تؤكد المقاومة يوما بعد يوم أنها عصية على الانكسار والهزيمة، وهي تسطر أروع ملاحم البطولة في التصدي للعدو الاسرائيلي وفي إيلامه، وكان آخر إبداعاتها أمس عملية إستشهادية نفذها أحد المقاومين بعد إرتدائه زيا عسكريا إسرائيليا وتفجير نفسه بعدد من الجنود الصهاينة.
وبالرغم من كل هذا التصعيد، فإن كل المعنيين في هذه المفاوضات يؤكدون أن الأمور تتجه نحو مزيد من الايجابية، وأن التوافقات بين الوسطاء قطعت شوطا كبيرا، لكن يبدو كما هو في كل المفاوضات أن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، وهذا ما تخشاه إسرائيل التي تريد أن تحقق في وقف إطلاق النار ما لم تستطع تحقيقه خلال عدوانها المستمر منذ 441 يوما.
لا شك في أن المفاوضات قطعت الكثير من المراحل سواء لجهة هدنة الستين يوما، والانسحاب الاسرائيلي التدريجي من قطاع غزة خلال هذه الفترة، مع تعهد أميركي قطري ومصري بأن تتحول هذه الهدنة الى وقف دائم لإطلاق النار، وأن يصار بعد ذلك الى التوافق على آليات إعادة الاعمار، ومساعدة الفلسطينيين على مواجهة أعباء وتداعيات هذا العدوان.
أما بالنسبة لصفقة تبادل الأسرى، فقد بات معلوما أنه تم التوافق على المرحلة الأولى التي تقول بأن تفرج حماس عن الأسرى لديها دون الـ19 عاما وفوق الـ50 والنساء، على أن يفرج العدو الاسرائيلي عن عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين لديها من نفس العمر ومن النساء، وتشير المعلومات الى أنه سيصار الى الافراج عن 33 معتقلا فلسطينيا مقابل كل أسير إسرائيلي.
وتؤكد المعلومات أن ما يقلق الاسرائيلي هي المرحلة الثانية المتعلقة بجنوده وضباطه الأسرى، إضافة الى الأسرى القتلى بفعل القصف الاسرائيلي، والذين ما يزال بعضهم تحت الأنقاض ولم يتم إنتشالهم بعد.
وفي هذا الاطار، تشدد حركة حماس على الافراج عن كبار القيادات المعتقلة في سجون الاحتلال أمثال المناضلين عبدالله البرغوثي ومروان البرغوثي وأحمد سعدات وغيرهم كثير، الأمر الذي يعتبره نتنياهو نكسة من شأنها أن تؤثر على مستقبله السياسي، خصوصا أنه لم يحقق أهداف الحرب التي دمر غزة من أجلها، وهي “القضاء على حماس وإستعادة الأسرى بالقوة”، وأن من قتلهم من قيادات المقاومة الفلسطينية خلال الحرب، سيضطر لإخراج غيرهم من السجن وهم قادرون على قيادة الشارع الفلسطيني ولم تبدل أيام وليالي السجن من عقيدتهم الجهادية بل زادتهم إيمانا بالمقاومة وإصرارا على تحرير الأرض ودحر الاحتلال.
وطبعا، فإن إتمام صفقة التبادل على هذا النحو، ستضاعف من الانقسامات في المجتمع الاسرائيلي وستضع نتنياهو أمام مساءلة داخلية، خصوصا أن الصفقة لم تقدم جديدا لإسرائيل، وبدل الانتظار كل هذه الأشهر، كان يمكن أن يصار الى إبرامها منذ الأيام الأولى أو بعد شهر أو شهرين، وقبل أن تقتل الصواريخ الاسرائيلية نصف عدد الأسرى، وهذا يؤكد أنه كان لدى حكومة نتنياهو رهانا وقد فشلت في تحقيقه.
لا شك في أن المقاومة الفلسطينية تمتلك ورقة رابحة سواء بالجنود أو الضباط الأسرى أو القتلى، حيث سيكون لديها في المستقبل القريب الكثير من نماذج الطيار رون أراد والتي ستحاول من خلالها أن تضغط على إسرائيل للإفراج عن أكبر عدد من المعتقلين الفلسطينيين.
تدرك حكومة نتنياهو أن الضغط على المقاومة باستمرار القصف وإرتكاب المجازر لن يجدي نفعا، لذلك فإن تفاصيل صفقة التبادل تحولت اليوم الى لعبة عض أصابع، لن تكون حتما في مصلحة إسرائيل لا سيما بعد العملية الاستشهادية التي نفذتها المقاومة أمس.
The post الشيطان يكمن في تفاصيل صفقة التبادل.. نماذج “رون أراد” تضغط على إسرائيل!.. غسان ريفي appeared first on .