نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر من الإدارة السياسية الجديدة في سوريا، أن القائد العام للإدارة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، عقد اليوم الجمعة، في دمشق، "لقاءً إيجابياً" مع وفد دبلوماسي أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف.
وقال المصدر رداً على سؤال للوكالة بشأن اللقاء: "نعم صحيح، جرى اللقاء وكان إيجابياً، وستصدر عنه نتائج إيجابية إن شاء الله".مخاوف أمنية
يأتي ذلك فيما أعلنت السفارة الأميركية في دمشق، إلغاء مؤتمر صحافي كان من المقرر أن تعقده باربرا ليف بعد الاجتماع مع الشرع، "لأسباب امنية"، وفق ما قالت متحدثة من السفارة للصحافيين.
وقالت رنا حسن من طاقم السفارة في دمشق: "للأسف.. تم إلغاء المؤتمر الصحافي لأسباب أمنية"، من دون أن تحدد ماهيتها.
وكان من المقرر أن تتحدث ليف للصحافيين في أحد فنادق العاصمة السورية، بعد عقدها والوفد المرافق لها سلسلة لقاءات.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية على موقعها الرسمي الصحفيين إلى حضور إحاطة صحافية افتراضية حول سوريا، عبر منصة "زووم". وذكرت أن باربرا ليف والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستينز، سيحضران الإحاطة للإجابة عن أسئلة الصحافيين.
وهذه أول بعثة دبلوماسية رسمية تُرسل إلى دمشق منذ بداية الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011، وانتهت بهجوم خاطف لفصائل المعارضة، أدى إلى سقوط نظان الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وفراره إلى روسيا.التدخل بسوريا "حماقة"
وأدى سقوط الأسد إلى جدال داخل أروقة الحكومة الأميركية وجماعات الضغط (اللوبيات) وأجهزة الإعلام، حول ما ينبغي للولايات المتحدة أن تفعله في سوريا.
ويقول ستيفن كوك، الباحث في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في مقال بمجلة "فورين بوليسي"، إنه "لم يتفاجأ بهذا الجدل الذي بدأ بعد نشر الرئيس المنتخب دونالد ترامب مدونة على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد فيها أن سوريا ليست معركتنا".
وتزامن ذلك تقريباً مع تصريح للرئيس الحالي جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها والأطراف المعنية في سوريا، لمساعدتها على اغتنام الفرصة لإدارة المخاطر التي تواجهها.
ويرى الكاتب أن واشنطن بحاجة إلى الجمع بين وجهتي نظر بايدن وترامب، من أجل وضع إستراتيجية معقولة للشرق الأوسط، خصوصاً أنهما قدما بتصريحاتهما، خطوطاً تقريبية عريضة لكيفية تعامل الولايات المتحدة "بشكل لائق" مع سوريا.
وما إن ظهرت مدونة ترامب وتصريح بايدن حتى بدأ المعلقون في تحليلهما، إذ رأى بعضهم أن انتهاج سياسة على نحو ما اقترحه الرئيسان قد يضيع "فرصة تاريخية" من واشنطن، لأن التلميحات المبكرة للإدارة الجديدة تشي بأنها ستتوخى "الشمولية والاستقرار" في تعاملها مع الشأن السوري. فيما جادل معلقون آخرون بأن سياسة عدم التدخل الأميركية في الحرب السورية هي التي ساعدت في إطالة أمد معاناة السوريين على مدار 13 سنة.
ويفترض الباحث الأميركي في مقاله، أن هذا هو السبب الذي جعل صانعي السياسات يرون أنه من الضروري أن تساعد الولايات المتحدة في ضمان انتقال سلس ومستقر في دمشق.
لكنه يعتقد، مع ذلك، أن الاقتراح بأن يكون للولايات المتحدة دور ما في صياغة نظام جديد في سوريا هي "فكرة حمقاء"، لأنها "لا تستند إلى أي رؤية أو فهم معين لتلك الدولة، بل بالأحرى إلى عادات بعض أفراد مجتمع السياسة الخارجية الذين يجدون صعوبة في تصديق أن أميركا لا تملك حلاً لكل مشكلة تقريباً".
ويعتقد الكاتب أن التنوع العرقي والديني في سوريا يضفي على التحول إلى نظام ديمقراطي، قدراً من الصعوبة مما يجعل النتيجة "غير مبشرة كثيراً". ويضيف أن احتمال أن تنزلق سوريا إلى حالة من عدم الاستقرار مع انتهاز من وصفهم بـ"المتطرفين" حدوث فراغ في السلطة، يجعل مهمة القوات الأميركية في تلك الدولة، والبالغ عددها 900 جندي، "أكثر إلحاحاً" مما كانت عليه قبل بضعة أشهر فقط. ويعتقد أن سحبهم الآن، في لحظة عدم الاستقرار القصوى في سوريا، سيكون "نوعاً من الحماقة".