قد تكون موجة القلق التي رافقت عملية ضبط أوراقاً نقدية مزورة من فئة 50 دولاراً، استهدفت رفع وتيرة عمل الصرافين كما يروّج البعض أو ربما الإحجام عن استخدام الدولار لصالح الليرة من وجهة نظر أخرين أو ربما أيضاً لم يستهدف المروّجون للذعر من انتشار الدولارات المزورة أي من تلك الغايات. لكن في الواقع فقد استفاد عدد كبير من الصرافين من موجة القلق من الدولارات المزورة وإن كانت الموجة مبالغ فيها إلى حد كبير. يفرضون العمولات على الزبائن دون وجه حق ويتعمّدون تعزيز الإعتقاد برواج العملات المزورة بكثافة.استغلال أزمة "مبالغ فيها"انتشرت موجة القلق من دخول دولارات مزورة من فئة 50 دولاراً السوق اللبنانية منذ أيام، توقفت كافة المؤسسات والمصارف وحتى الصرافين عن التعامل بالفئة المذكورة بسبب عدم قدرة آلات كشف العملة المزورة على ضبطها. نجح عدد من الشركات والمصارف بإجراء تعديلات وتحديثات على آلاتهم لكشف العملة المزورة فاستأنفوا التعامل بها بيعاً وشراءً، فيما استمرت الكثير من المؤسسات بقرار تعليق تعاملها بفئة الـ50 دولارا ًحتى اللحظة.
تعليق التعامل بالـ50 دولاراً استمر على الرغم من تأكيد قوى الأمن الداخلي في بيان عدم وجود كميات كبيرة من العملات المزورة في الأسواق واقتصار الأمر على عدد قليل من الأوراق، ورغم توضيح نقابة الصرافين لذلك واعترافها بأن الضجة التي أثيرت بسبب الورقة المزورة مبالغ فيها، ولا أساس للحديث عن مبالغ كبيرة في السوق. واللافت أن نقابة الصرافين ردّدت مراراً إن في بيانها أو عبر وسائل الإعلام بأن الصرافين القانونيين هم الحل لعدم الوقوع في شرك العملة المزورة، فهؤلاء لديهم من الخبرة ما يكفي لتمييز الأوراق النقدية الصحيحة عن المزورة.
ولكن المشكلة اليوم تقع مع هؤلاء تحديداً، أي الصرافين القانونيين، ومن بينهم كبار الصرافين الذين من المفترض أن يكونوا مرجعاً في عملية ضبط العملات المزورة. فالصرافون اليوم يستغلون قلق اللبنانيين من الفئات المزورة ويفرضون عليهم عمولات مجحفة لا تبرير ولا توصيف لها سوى أنها "خوّة".خوّات لصالح الصرافينقد يكون عجز الكثير من التجار عن تمييز العملة المزورة مبرراً، أما الصرافون خصوصاً منهم المحترفون بالتعامل بالعملات فإنهم يميزون العملة المزورة بمجرد لمسها بايديهم، هؤلاء تحديداً يتذرعون اليوم بالخوف من وجود عملات مزورة لدى الزبائن فيفرضون عليهم خوات مقابل صرف العملة الى الليرة.
ما يحصل في سوق الصرافين أن عدداً كبيراً منهم يقومون بقبول صرف الـ50 دولار شرط تقاضي عمولة منها تتراوح بين 3 دولارات و7 دولارات أي بين 6 و14 في المئة (14%) وذلك تحت ذريعة الخوف من أن تكون العملة مزورة.
هذا الأمر غير مبرر على الإطلاق ففي حال كانت العملة مزورة فعلاً، فإنه يتوجب على الصراف في هذه الحالة التحقق منها والإبلاغ عنها لقوى الأمن الداخلي بما أن ملف العملة المزورة مفتوحاً حتى اللحظة ويجب إبلاغ الجهاز الأمني المعني بضبط إحدى الأوراق النقدية المزورة. أو ان تكون العملة صحيحة وبالتالي فلا يحق للصراف تقاضي أي عمولة عليها مقابل صرفها.
أما أن يتقاضى الصراف نسبة مئوية مهما بلغت نسبتها من ورقة الـ50 دولاراً تحت ذريعة وجود عملات مزورة بالسوق فهو شكل من أشكال السرقة وأمام مرأى من أعين نقابة الصرافين والأجهزة الأمنية.
ولا تقتصر تشبيحات الصرافين على تلك الممارسات واقتطاع نسبة 14 في المئة من دولارات المواطنين المنوي تصريفها إلا أنهم يفرضون كذلك على الزبون السداد بالليرة اللبنانية حصراً وليس بالدولار من فئات دنيا. وهذا الامر لا يتم تبريره من كافة الصرافين سوى بأنه ليس لديهم "صرافة" في حين تحقّق لهم هذه الحركة أرباحاً إضافية نتيجة الفارق في سعر صرف الدولار بين المبيع والشراء. فعملية التصريف تتم وفق سعر صرف يحدده الصراف بما يقل عن السعر المتداول في السوق وعلى الزبون القبول خوفاً من رفض الصراف صرف الـ50 دولار التي يروّج لها على أنها مزورة.