في تطور صادم، كشفت صور ومقاطع فيديو انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، عربات تشويش تابعة للنظام السوري في مقبرة جماعية اكتشفت في منطقة القطيفة بريف دمشق، لمنع اكتشاف المقبرة من قبل الأقمار الاصطناعية، في خطوة تسلط الضوء على الأساليب المعقدة التي استخدمها النظام السابق لإخفاء جرائمه.
وكشف رئيس منظمة "الطوارئ السورية" الحقوقية، معاذ مصطفى، أن الموقع في القطيفة شمالي دمشق، يحتوي على ما لا يقل عن 100 ألف جثة لأشخاص قُتلوا على أيدي النظام البائد. وأوضح مصطفى في تصريحات لوكالة "رويترز" أن هذه المقبرة الجماعية هي واحدة من خمس مواقع حددتها المنظمة، مرجحاً وجود مواقع أخرى لم تُكتشف بعد، وأن بين الضحايا أجانب يحملون الجنسيات الأميركية والبريطانية.
إلا أن بعض الناشطين شكك في صحة الأرقام التي طرحها مصطفى حول عدد الجثث داخل المقبرة المكتشفة. وأشاروا إلى أن تقدير أعداد الجثث في مقبرة جماعية يحتاج إلى عمليات استخراج وتحليل معمقة. وكتب المدير التنفيذي لـ"المركز السوري للعدالة والمساءلة"، محمد العبدالله: "100 ألف جثة في مقبرة القطيفة!! لا معلومات أو خبرة علمية يمكن أن تحدد عدد الجثث بمجرد النظر إليها أو عبر روايات الشهود".
ووفقاً لسائق الجرافة المسؤول عن دفن الجثث، استمرت عمليات الدفن نحو خمس سنوات، إذ كانت تنقل عشرات الجثث أسبوعيأً إلى الموقع. وفي شهادته، أوضح أن عمليات نقل الجثث تمت باستخدام برادات للخضار والفاكهة كانت تحضر ثلاث مرات أسبوعياً محمّلة بما يقارب 70 جثة في كل براد، آتية من مشفى تشرين. وأضاف أن سيارات نقل جثث أخرى كانت تصل من سجن صيدنايا مرتين أسبوعياً، وكل سيارة تحمل حوالى 100 جثة، معظمهم ضحايا إعدامات أو تعذيب.
وأثارت الصور المنتشرة موجة واسعة من الاستياء. وكتب الناشط نادر رنتيسي في فايسبوك: "ثمانمئة جثة أسبوعياً كانت تُدفن في مقبرة القطيفة بين العامين 2012 و2018. المشهد مروع ويعيد إلى الذاكرة الجرائم التي حاول النظام إخفاءها عن العالم".ومع استمرار عمليات البحث، يخشى المراقبون أن تكشف الأيام المقبلة المزيد من المقابر الجماعية التي قد توثق الجرائم التي ارتكبها النظام السوري على مدار 13 عاماً. ويعيد اكتشاف هذه المقبرة تسليط الضوء على ضرورة المحاسبة الدولية للمتورطين في هذه الجرائم، والعمل على تحقيق العدالة للضحايا.منظمة "الطوارئ السورية" دعت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل للتحقيق في هذه الجرائم، مؤكدة أن الكشف عن هذه المواقع يمثل خطوة مهمة نحو محاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع. كما جددت المنظمة دعوتها لإجراء تحقيق دولي مستقل يسلط الضوء على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري.