في مؤتمرٍ صحافيّ عُقد في نقابة الصحافة بمحلة الرملة البيضاء، أطلقت كتلة "نحو الإنقاذ" وثيقة سياسيّة وطنيّة بعنوان: "لبنان وطن نهائي، عربي الهويّة". وحضر المؤتمر عدد من الصحافيين والشخصيات السّياسيّة والثقافيّة، حيث أكدّت الوثيقة على أهدافها في بناء تحالفٍ سياسيّ لمواجهة التحديات في مختلف المناطق اللّبنانيّة.أهداف الوثيقة ورؤيتهاالوثيقة التي قُدمت خلال المؤتمر تحمل في طياتها رؤية لإعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس وطنية، بعيدًا عن سياسات المحاور والانقسامات الطائفية التي مزّقت النسيج الاجتماعي. ووفقًا لما أوضحه أعضاء الكتلة، فإن الهدف الأساسي من الوثيقة هو بناء تحالف سياسي قادر على مواجهة المرحلة المقبلة في الجنوب، البقاع، الضاحية، بيروت، الشمال، والجبل.
وافتتح المؤتمر الصحافي محمد بركات، الصحافي ومدير تحرير موقع "أساس ميديا"، الذي ألقى كلمة تضمنت قراءة للوثيقة، استهلها برسائل تضامن مع المتضررين من الأزمات الأخيرة، فقال: "نشد على أيدي من تدمرت بيوتهم في الجنوب والبقاع والضاحية وغيرها. نقدم أطواق الياسمين للشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن ما آمنوا به. جئنا اليوم لنحاول أن نبلسم جراح الناس، وندعو الجميع للتعاون بعيدًا عن لغة التخوين والتهويل".وشددّت الوثيقة على أهمية العودة إلى تطبيق الدستور واتفاق الطائف كإطار سياسي جامع، مشيرة إلى أن فشل تطبيق الاتفاق ساهم في الأزمات التي شهدتها البلاد منذ عقود. وقال بركات: "حرية لبنان لا قيامة لها إلا بتطبيق الدستور وبنود اتفاق الطائف. لقد آن الأوان، بعد سنوات من الترحال في محاور خارجية، أن نعود إلى بناء الدولة الوطنية الجامعة".
وأكدّت الوثيقة على أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء، وأن الدولة اللبنانية يجب أن تستعيد دورها كمنصة للسلام والتعايش والتعددية، لا كساحة للصراعات الإقليمية. كما دعت إلى التمسك بعروبة المصالح المشتركة والتنمية، بعيدًا عن النزاعات التي شلّت البلاد.انتقاد النظام السوري والتدخلات الخارجيةالوثيقة لم تغفل الحديث عن النظام السوري، حيث باركت "سقوط نظام طاغية الشام"، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل بداية لنهاية تأثيراته الأمنية والسياسية في لبنان، شددت على أن لبنان يجب أن يعود إلى دوره كدولة ذات سيادة تحترم قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 1701، الذي يحمي لبنان من عواصف المنطقة المستجدة.
وأشارت إلى ضرورة التكاتف بين اللبنانيين بمختلف أطيافهم، ودعتهم إلى تجاوز الطائفية والمذهبية التي أودت بالبلاد إلى المجهول. وقال بركات: "لبنان يحتاج إلى دولة واحدة، تقوم على القانون والعدالة والمساواة بين جميع أبنائه. نحن ندعو من يعتقدون أن طوائفهم أو مذاهبهم حبل الخلاص، إلى إدراك أن الحل الوحيد هو في الدولة الواحدة".
وتطرقت الوثيقة إلى الأخطاء التاريخية التي دفعت لبنان إلى الحروب والصراعات، مشيرة إلى أن محاولات الاستقواء بالطوائف أو بالدول الإقليمية لم تنتج سوى الخراب والموت. وقال بركات: "لقد جرب اللبنانيون مشاريع الطوائف طويلاً، وكلها باءت بالفشل. الحل الوحيد هو في الدولة الجامعة، التي تحمي أبناءها بالقرارات الدولية، وليس بالسلاح غير الشرعي".
كما وتضمنت خريطة طريق للخروج من الأزمات الحالية، بدءًا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة وطنية فعّالة، وتفعيل عمل المؤسسات. كما شددت على ضرورة إصلاح القضاء لمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين، معتبرة أن القضاء المستقل هو أساس بناء الدولة الحديثة.
وأشارت الوثيقة إلى أهمية العمل السياسي الميداني مع المواطنين في جميع المناطق، بهدف بناء قاعدة شعبية تدعم مشروع الدولة الوطنية. وقال بركات: "نحن طاولة من طاولات كثيرة يجمعها الهم الوطني. ندعو الجميع إلى الانخراط في ورشة وطنية ضخمة، تحتاج إلى عقولنا جميعًا فوق الحسابات الشخصية".تحديات المرحلة المقبلةوفي ختام المؤتمر، طرح الصحافيون مجموعة من الأسئلة حول الوثيقة وتأثيرها على التطورات السياسية المتسارعة، لا سيما ما يتعلق بتطبيق القرار 1701، ملف إعادة الإعمار، واستحقاقات دستورية مثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات.ورغم أن الوثيقة حملت رؤية طموحة، إلا أنها تواجه عقبات كبيرة في ظل الواقع السياسي المعقد. ومع ذلك، اعتبر المشاركون أن هذه الخطوة تمثل بداية ضرورية للنقاش الوطني الذي قد يساهم في إعادة بناء الثقة بين اللبنانيين.واختتم بركات المؤتمر بدعوة الحاضرين إلى اعتبار الوثيقة مقدمة لنقاش أوسع مع مختلف القوى الوطنية، قائلاً: "نرجو اعتبار هذه الوثيقة بداية لمسار وطني طويل، تمهيدًا للعمل الميداني مع أهلنا في كل المناطق".