تتجه الأنظار نحو البرلمان اللبناني الذي سيعيد فتح أبوابه في التاسع من كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك بعد عامين وشهرين من الشغور في سدة الرئاسة الأولى، وفشل النواب في انتخاب خلف للرئيس السابق العماد ميشال عون.
وفقاً للمادة ٤٩ من الدستور اللبناني، يتولى الرئاسة مسيحي ماروني، ويشترط الحصول على أغلبية مؤهلة لثلثي أعضاء في الجلسة الأولى، وإذا لم يصل أي مرشح إلى هذا الحد، تعقد جلسات أخرى حتى يفوز احد المرشحين بأغلبية مطلقة، كما انه لا يجوز إعادة انتخاب الرئيس الحالي إلا بعد مرور ست سنوات على انتهاء ولايته.
غير انه وخلافا لما ينصّ عليه الدستور، فإن عدد المرات التي تم فيها انتخاب رئيس للبلاد بطريقة ديمقراطية لم يتخط عدد اصابع اليد الواحدة. نوردها فيما يلي:
– عام ١٩٥٢، فاز الرئيس كميل شمعون بـ ٧٤ صوتاً مقابل صوت واحد لمنافسه عبدالله الحاج. وكان عدد النواب الاجمالي يومها ٧٧ اما النواب المقترعين فبلغ عددهم ٧٦.
– عام ١٩٥٨، فاز الرئيس فؤاد شهاب بـ ٤٨ صوتاً مقابل ٧ اصوات لمنافسه ريمون إده. وكان عدد النواب الاجمالي يومها ٦٦ اما النواب المقترعين فبلغ عددهم ٥٦.
– عام ١٩٦٤، فاز الرئيس شارل حلو بـ ٩٢ صوتاً مقابل ٥ اصوات لمنافسه بيار الجميل. وكان عدد النواب الاجمالي يومها ٩٩ وقد حضروا جميعهم الجلسة واقترعوا.
– عام ١٩٧٠، فاز الرئيس سليمان فرنجيه بـ ٥٠ صوتاً مقابل ٤٩ صوتاً لمنافسه الياس سركيس. وكان عدد النواب الاجمالي يومها ٩٩ وقد اقترعوا جميعهم في جلسة لا زالت اصداؤها تتردد حتى الآن كونها انتجت رئيساً بفارق صوت واحد فقط وقد قيل عنه انه “رئيس من الشعب”.
اثنا عشر رئيساً تعاقبوا على الجمهورية اللبنانية منذ العام ١٩٤٣ وحتى سنة ٢٠٢٢، امتدت ولاية كل منهم ست سنوات بإستثناء الرئيسين الياس الهراوي الذي انتخب سنة ١٩٨٩ ومددت ولايته لثلاث سنوات في العام ١٩٩٨، والرئيس اميل لحود الذي انتخب سنة ١٩٩٨ وجرى تمديد ولايته حتى العام ٢٠٠٧. ولا نغفل ان الرئيس بشارة الخوري الذي انتخب للمرة الاولى قبل الاستقلال سنة ١٩٤٣ قد اعيد انتخابه في العام ١٩٤٩.
الى ذلك، شهدت البلاد شغوراً في سدة الرئاسة لثلاث مرات، الاولى عقب انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود وقد بقيت البلاد من دون رئيس خلال الفترة الممتدة من ٢٣/١١/٢٠٠٧ حتى ٢٥/٠٥/٢٠٠٨ تاريخ انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية عقب اتفاق جرى بين الاطراف السياسية برعاية قطرية في الدوحة.
اما المرة الثانية فكانت عقب انتهاء ولاية سليمان في ٢٤/٠٥/٢٠١٤، واستمرت لمدة سنتين ونصف حتى ٣١/١٠/٢٠٢٢ تاريخ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ومنذ انتهاء ولاية عون في ٣١/١٠/٢٠٢٢ وحتى يومنا هذا يواصل الشغور رئاسة قصر بعبدا من دون ان يدرك احد تاريخ تنحيه ليجلس مكانه الرئيس العتيد.
اذاَ، اثبتت التجارب ان انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية لطالما كانت “لقمة صعبة”، وهي تزداد اليوم تعقيداً لا سيما مع التطورات الاخيرة في المنطقة من فلسطين الى سوريا وما تبعها من ارتدادات طالت لبنان. اضف الى ان التوافق على مواصفات شخص الرئيس والاختلاف على الاسماء التي يمكن ترشيحها تزيد الطين بلة في مجلس نيابي لا اكثرية ترجح الكفة فيه، بل تركيبة “هجينة” حوّلت 12 جلسة انتخابية سابقة الى مسرحية هزلية. بيد ان اصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على انتخاب رئيس للجمهورية على ضوء المتغيرات الجديدة، والحراك السياسي الناشط والمستجد يوحيان بأن الحل بات قريباً وان اسم الرئيس العتيد بات قاب قوسين او ادنى من الاعلان. والى ان يقضي الله امراً كان مفعولا، فإن التاسع من كانون الثاني لناظره قريب.
موقع سفير الشمال الإلكتروني