ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بسقوط بشار الأسد وهروبه. هنا بعض الفسبكات والتغريدات حول الحدث وأهميته في التاريخ الحديث، بعد الجزء الأول، والثاني، والثالث، والرابع، والخامس، والسادس، والسابع، والثامن، هنا الجزء التاسع:
برهان غليون
عقد اجتماع لجنة الاتصال حول سورية في "العقبة" بحضور عديد الدول التي لم تخف دعمها لنظام الأسد بدلاً من عقده في دمشق الحرة بمشاركة السوريين لا يبشر بخير ولا يطمئن حول نوايا اللجنة. إنه يوحي بالأحرى بإرادة فرض الوصاية، ويظهر كمؤامرة أكثر بكثير من رغبة في التضامن وتقديم الدعم للسوريين. نتمنى من أخوتنا العرب ان يدركوا ان التحديات التي يواجهها تحرير سورية من نظام الطاغية وحلفائه اكبر بكثير من مخاوفهم السياسية، وان سورية حرة ومستقلة وسيدة ستكون أكبر دعم لمنظومة دول الجامعة العربية والدفاع عن استقلال وسيادة جميع دولها.نواف القديمي
لضرورات الجغرافيا، يُقال دائماً: يجب أن تكون علاقة من يحكم غزة بمصر جيدة أياً كان من يحكم مصر، ويجب أن تكون علاقة من يحكم لبنان بسوريا جيدة أياً كان من يحكم سوريا. لذلك، حين أصبح سعد الحريري رئيساً للحكومة كان مضطراً لزيارة قاتل والده في دمشق.. لكن يبدو أن من يحكمون لبنان اليوم لم يستوعبوا بعد التغير السريع والمُربك لنظام الحكم في سوريا، الأمر الذي سينعكس بالضرورة على الداخل اللبناني وتوازنات السلطة فيه. لذا فقيام بعضهم بجعل لبنان ملاذاً آمناً لمُجرمي نظام الأسد، سينعكس بالضرورة سلباً على لبنان الذي لا يتحمّل مزيداً من الأزمات.مروان أبي سمرا
"المسيحية عبيروت والعلوية بالتابوت": هذا هو الشعار الذي كان الأسد وزعماء ميليشياته وشبيحته يروجون له منذ سنوات لترهيب الأقليات وتخويفهَا من سقوط نظام التوحش والإجرام. لحسن الحظ، برهن السوريون أن النبوءة الأسدية ليست إلا من باب الأكاذيب. لكن لسوء الحظ تمكن الأسد من الهرب إلى موسكو، ويبدو أن كثراً من كبار مجرميه تمكنوا من الهرب إلى بيروت. فهل ستكون بيروت ملاذا آمناً للقتلة والمجرمين الأسديين أم ستقوم السلطات اللبنانية بواجبها فتعتقلهم وتسلمهم إلى سوريا ليمثلوا أمام العدالة ويحاسبوا على ما ارتكبوه من جرائم لا تغتفر ولا تسقط بالتقادم؟حسن عباس
ليس سراً أن الوضع في سوريا "الجديدة" شديد الحساسية، والمستقبل غير معلوم ومليء مليء مليء بالتحديات، حتى لو أراد البعض تأجيل الأسئلة الصعبة لعدم تعكير الفرحة الحالية بإسقاط النظام الديكتاتوري. تجاوز إرث الأسديْن ونظامهما عملية صعبة، عليها عبور مطبّات كثيرة وإيجاد حلول لمسائل شائكة.
في مجتمع متنوّع كالمجتمع السوري لا يمكن تجاوز الانقسامات بين الجماعات المكوّنة لـ"الشعب السوري" بإنكارها واعتبارها أمراً مصطنعاً كما يذهب كثيرون، بينهم أحمد الشرع ومحافظ دمشق المؤقت محمد ياسر غزال حلبي، وناشطون كثيرون من خلفيات مختلفة، وهو منطق يقوم على أن المسألة الطائفية صنعها الأسد الابن بعد العام 2011 وقبلها كان السلام والوئام والغرام من طبائع العلاقة بين المجموعات السورية، وبالتالي فإن سقوطه سيجعل هذه المشاكل تحلّ نفسها بنفسها...
وفي مقابل هذا المنطق التبسيطي يظهر لدى البعض منطق يبالغ في صناعة التعقيدات، ويخلص مسبقاً إلى استحالة العيش المشترك بين المجموعات السورية المتنوّعة، وكأنّ حتمية التقاتل هي في جوهر كل مجتمع متنوّع إثنياً ودينياً ومذهبياً.
المنطقان المذكوران كلاهما يذهب إلى الحلول السهلة، حتى ولو كان تبنّيها أو العيش في ظلها مستحيل، فالمنطق الأول يتأسس على غضّ النظر عن حقوق الجماعات السورية غير العربية وغير السنّية، والمنطق الثاني يريد أن يسوق سوريا بالـ"سلبطة" نحو التقسيم، على أساس أنه الخاتمة المنطقية للأمور، مهما تأخرت.
في ظل كل هذه التعقيدات والتشظّيات في تقييم الحالة السورية، وفي ظل صعوبة تصوّر الحلول الأنسب، وفي ظل صعوبة تطبيق الحلول المتصوَّرة بسبب موازين القوى على أرض الواقع، سيفكّر السوريون بمستقبلهم وسيصيبون حيناً وسيخطئون أحياناً إلى أن يصلوا، كما أتمنى لهم، إلى صيغة تضمن لهم أفضل عيش ممكن.
أما نحن، المهتمين بسوريا، وهذا ينطبق أيضاً على السوريين، فعلينا التروّي في إطلاق الأحكام والوصفات، والأهم علينا التفكير مرات قبل أي كلمة نكتبها عن حال المجتمع السوري كي لا نقوم، عن علم أو عن جهل، في النفخ في بوق التحريض، وهو بوق يكثر النافخون فيه ولا يحتاج إلى زيادة عدد "المنافخ".حبيب عبد الرب
حتى لا نخلط: عدد ضحايا نظام الأسد وجرائمه كان الأكبر فعلاً. لا مجال لمقارنته بكل الأنظمة الدموية الفتاكة في العقود الأخيرة، مثل نظام صدام، داعش…(إذا استثنينا فقط نظام بول بوت في كمبوديا). طوبى لكل من تجرأ على مقاومته قولا وكتابة وفعلا، لكل من عبّر عن رفضه الدائم له، دون توقف. أعطى بذلك لحياته معنى وقيمة، وهذا الأهم والأخلد.
النظام الحالي في سوريا ليس نهاية التاريخ طبعاً. مجرد مرحلة انتقالية عابرة، على طريق الحرية والمجتمع المدنيّ المتطور الحر، كما أتمنى. يلزم التعامل معها على نحو بناء، لكن بروح نقدية صارمة لا تهادن. على أمل أن تفتح الحرية والديمقراطية والمدنية في سوريا القادمة آفاقا وآمالا ودحرجات جذرية جديدة في كل البلدان العربية، وفي طهران أيضاً، منبع نصف كوارث مجتمعاتنا.يزن الحاج
لطمتنا حالات تبرئة نفس من العلم بوجود سجن مثل صيدنايا في سوريا ممن كانوا حتى أمس مطبّلين لعبقرية القائد. هذا كذب بكل بساطة، جميع السوريين يعرفون بوجود سجون مرعبة، ويعرفون معنى قبضة الأمن التي تخنق البلاد. هل كنا نتخيل مدى السوء؟ هذه مسألة أخرى، بخاصة أن صيدنايا كان يُعرَف - حتى إغلاق سجن المزة عام 2000 - بكونه "سجن 5 نجوم"، بالمقارنة مع جحيم تدمر والمزة.
دشَّن بشار الأسد حُكمه بـ"ربيع" لم يستمر أكثر من أشهر، أغلق فيه سجن المزة في بادرة حسن نية وانفتاح نحو الشعب. ربما لم يكن ليفعلها لولا أن والده كان قد سُجن هناك أيام الانفصال. حينها درجَ ترتيب جديد للسجون في سوريا: تدمر أولاً، كونه الجحيم الذي يكاد لا ينجو منه أحد، ثم صيدنايا بوصفه السجن الذي يضمّ السياسيين الأقل خطراً، أو الذين أكلوا نصيبهم في تدمر وآن أوان التخفيف عنهم قليلاً، ثم سجن عدرا الذي كان المتنفَّس الأخير قبل أن يمنّ الله على المعتقلين بموت سريع، أو يمنّ بشار بعفو رئاسيّ، أيهما أسرع.