2024- 12 - 30   |   بحث في الموقع  
logo السنة الخامسة والوجع أمي...حينما يصبح الرحيل رحمة!..(جهاد أيوب) logo البحث مستمر عن مفقودين.. انتشال جثّة شهيد في الخيام logo القاضي الحجار يتحرّك قضائياً بوجه موقوفين لمعاملتهما عناصر حرس السفارة السعودية بالشدة logo شو الوضع؟ في اليومين الأخيرين من ال2024 الحركة الرئاسية تلوذُ بالكتمان... ومواقف للرئيس عون الليلة logo النائب فياض: نؤكد تمسكنا بإرادة المقاومة وإطلاق مسار بناء الدولة logo نداءٌ من قوى الأمن إلى المواطنين.. شاهدوا الفيديو logo منبج: معارك ضارية للسيطرة على سد تشرين..و"قسد" تستميت بالدفاع logo سرقوا 3 ملايين دولار من داخل أحد المنازل في الروشة… هكذا تمّت العمليّة!
استبدال العملة السورية... بين رمزية التغيير وتحديات الاستقرار النقدي
2024-12-16 14:25:52


تصاعدت في الآونة الأخيرة الدعوات لتغيير العملة السورية التي تحمل صور بشار الأسد، كجزء من مطالب شعبية تسعى للتأكيد على القطيعة مع النظام السابق، وتجسيدًا لتحول سياسي جديد. ورغم أن هذا التغيير يحمل رمزية قوية تعكس إرادة التغيير وتلبية لمطالب المواطنين، إلا أن استبدال العملة الوطنية ليس مجرد خطوة رمزية؛ بل هو إجراء معقد يتطلب دراسة متأنية للإطار التنظيمي والقانوني، بالإضافة إلى معالجة التحديات الاقتصادية والمالية المرتبطة به.
عملية إصدار أو استبدال العملة تتطلب منظومة متكاملة من السياسات النقدية، والقدرة على إدارة الأثر الاقتصادي المتوقع. ومع ضعف البنية المالية في سوريا، وتفاقم التضخم، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، فإن تنفيذ هذه المطالب قد يحمل معه مخاطر حقيقية على الاستقرار النقدي والسياسة المالية في المرحلة المقبلة. لهذا، يتطلب الأمر نقاشًا شاملًا يوازن بين الرمزيات السياسية والحقائق الاقتصادية لضمان تحقيق نتائج مستدامة بعيدًا عن الانعكاسات السلبية.

في الأساس القانوني لاصدار النقد
-يعد التنظيم القانوني لإصدار النقد محوراً أساسياً في دعم استقرار النظام المالي وبناء الثقة بالعملة الوطنية. ولتأسيس إطار قانوني لإصدار العملة وإدارتها، على الأقل في الوضع الحالي وقبل تعديل وتطوير القوانين المالية في سوريا، ينبغي الانطلاق من توحيد القوانين المرعية الاجراء، بما في ذلك القانون رقم 23 لعام 2002، والمرسوم رقم 21 لعام 2011، والتحديثات ذات الصلة في إطار سياسة نقدية شاملة ومتكاملة.
-وفقاً للمادة 55 من القانون رقم 23، يتمتع مصرف سورية المركزي بامتياز لإصدار النقد، حيث يُمارَس هذا الامتياز نيابةً عن الدولة. ويُشترط لهذا الإصدار أن يكون مدعوماً بتغطية نقدية ملزمة تشمل الذهب والعملات الأجنبية القابلة للتحويل، مما يعزز استقرار القيمة الشرائية لليرة السورية.
أن عملية استبدال النقد تُمثل امتداداً لنظام الإصدار، حيث تُدار وفق معايير قانونية وتنظيمية واضحة، تشمل تقييم العملات التالفة وسحبها من التداول بقرارات إدارية، مع منح مهلة زمنية كافية لاستبدالها. أما إجراءات سحب النقد، فتتم عبر قنوات قانونية مُحددة لضمان خروج العملات التالفة أو المشوهة من التداول.
وعليه، هذه الإجراءات تنظمها رقابة دقيقة من مجلس النقد والتسليف، الذي يحدد أصول التعامل مع الأوراق النقدية، بدءاً من الإصدار وحتى السحب. مع التوضيح الى أن هذا الإطار القانوني التنظيمي لا يقتصر على كونه أداة تنظيمية، بل يمثل استراتيجية اقتصادية شاملة تجمع بين الحفاظ على الاستقرار النقدي وضمان فعالية السياسات النقدية أمام تحديات السوق. مما يجعل من النظام النقدي ركيزة أساسية في مواجهة التقلبات الاقتصادية.

في الترابط بين إصدار النقد ونظام سعر الصرف في سوريا:
أهمية الاحتياطي من العملات الأجنبية في استقرار الاقتصاد. يشكل الترابط بين إصدار العملة الوطنية ونظام سعر الصرف محورًا أساسيًا في صياغة السياسات النقدية الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي. وفي الأنظمة النقدية التي تعتمد على نظام سعر الصرف المُوجه الذي تتم إدارته من قبل المصرف المركزي، كما هو الحال في سوريا، يصبح الاحتياطي من العملات الأجنبية عاملًا حاسمًا في دعم عملية إصدار النقد وضبط قيمة العملة الوطنية. وهذا ما حددته المادة 25 من القانون رقم 23، بحيث يتحمل المصرف المركزي مسؤولية ضبط أسعار الصرف وفقاً لما يحدده مجلس النقد والتسليف، وضمن حدود محددة لضمان استقرار القيمة الشرائية للعملة الوطنية.
كذلك، يتطلب أي إصدار جديد للنقد، وفقًا للمادة 21 من القانون رقم 23، تغطية نقدية ملزمة تشمل الذهب والعملات الأجنبية القابلة للتحويل. هذه التغطية، التي تُفصلها المادة 24 من القانون، تُعد ضمانة أساسية لتوازن الكتلة النقدية مع الأصول المتاحة، مما يعزز ثقة الأسواق بالعملة الوطنية. علاوةً على ذلك، يُحدد المرسوم التشريعي رقم 21، لا سيما في المادتين 8/1/أ و12، أهمية الاحتياطي الأجنبي كأداة استراتيجية للتدخل في أسواق الصرف عند الحاجة. لذلك، أن الاحتياطي المُكون من الذهب والعملات الأجنبية يُمَكن المصرف المركزي من حماية العملة من التقلبات الحادة وضمان استقرار سعر الصرف.
أخيراً، ولتبيان أهمية الربط وأنعكاسه على النظام المالي، توضح المادة 26 من القانون رقم 23 لعام 2002، أن الأرباح أو الخسائر الناتجة عن تعديلات أسعار الصرف تُسجل ضمن ميزانية الدولة، مما يعكس أهمية إدارة الاحتياطي الأجنبي بعناية لضمان استقرار النظام النقدي.
وعليه، وبناءً على ما سبق، يصبح الترابط بين إصدار النقد ونظام سعر الصرف أداة رئيسية في يد السياسة النقدية لتحقيق أهدافها الاقتصادية والتنموية. وهنا طبعاً الإشارة الى اصدار النقد الورقي، دون التطرق الى اصدار السندات، أو العملة الالكترونية، او خلق النقد ضمن النظرية الاقتصادية الحديثة.

في المخاطر الاقتصادية والمالية وتعقيدات عمليات المصرف المركزي
إن استبدال بعض من فئات العملة الوطنية السورية ليس مجرد إجراء تقني؛ بل هو مهمة ضخمة محفوفة بالمخاطر على الاستقرار الاقتصادي. فالتكاليف المالية واللوجستية وحدها هي تكاليف ضخمة، وتشمل طباعة وتوزيع الأوراق الجديدة وسحب الأوراق القديمة ووضع آليات لإدارة الانتقال دون التأثير على السيولة في الاقتصاد. ومع الانخفاض الحاد في قيمة الليرة السورية، والتضخم المفرط الذي يستنزف قوتها الشرائية، فإن إدخال أوراق جديدة في هذا السياق قد يؤدي إلى تفاقم التضخم.
ان الإيرادات التي يجنيها المصرف المركزي من الامتياز الممنوح له بإصدار النقد السيادي -Seigniorage تعتبر مصدر دخل أساسي للمصرف المركزي. إلا ان التضخم يضعف قيمة النقد وقوته الشرائية مقابل العملات الاجنبية، وهذا ما يؤدي إلى تقليل هذا المصدر من الإيرادات السيادية ويزيد الأعباء على المصرف المركزي السوري.
تعتبر إدارة السيولة - Liquidity Management عامل أساسي للحفاظ على أستقرار النقد، وتلعب دوراً محورياً في تمكين المصرف المركزي السوري من التدخل في الأسواق لضبط سعر الصرف بشرط التغطية بالعملات الأجنبية، كما أشرنا سابقاً، وهي بدورها ايضاً ترتبط بآليات تحديد سعر الصرف وتسعيره - Exchange Rate Pricing Mechanism. من جهة أخرى، فإن سعر الفائدة يمثل أداة نقدية تُستخدم لضبط السيولة المحلية، حيث يؤدي رفع أو خفض سعر الفائدة إلى التحكم في تدفق الأموال داخل الاقتصاد. وعليه، فإن آليات تسعير سعر الفائدة وسعر الصرف تعملان معاً كجزء من السياسة النقدية لتحقيق استقرار السيولة والنقد، وهذا ما يعقد عملية الإصدار، ويتوجب دراسته بشكل دقيق.

في الدروس المستفادة من الحالات المقارنة
تقدم تجارب المصارف المركزية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، رؤى قيمة حول المخاطر والإمكانات المرتبطة باستبدال النقد. تجربة العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 تمثل تحديًا غير مسبوق في هذا السياق، حيث نجح البنك المركزي في تنفيذ عملية استبدال العملة، لكن العبرة الحقيقية تكمن في تحقيق الاستقرار النقدي، وليس في أتمام عملية استبدال النقد. بحيث شكل الوضع الأمني والاقتصادي الهش والفساد المستشري تحديات كبيرة حالت دون تحقيق النتائج المرجوة على الصعيدين النقدي والاقتصادي.
بالمحصلة، استبدال النقد السوري يواجه تحديات كبيرة تتطلب رقابة تنظيمية صارمة، ودعمًا دوليًا لا غنى عنه، وهو رفاهية تفتقر إليها سوريا حاليًا. هناك ضرورة وواجب على المصرف السوري المركزي للتواصل وضمان فهم الجمهور للأسباب والفوائد والمخاطر وبشكل دقيق ومدروس، مع البدء في وضع خطة استراتيجية لتعافٍ اقتصادي مستدام.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top