لا يبدو أنّ الاسبوع الاخير ما قبل عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة سيحمل بشرى سارة للبنانيين، أقلّه لناحية بلورة أيّ توافق على مرشح أو عدد محصور من المرشحين، مع اقتراب موعد جلسة التاسع من كانون الثاني 2025.
لا موعد للقاء جعجع
كان المعنيون في المشاورات الرئاسية يترقّبون عودة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط من زيارته الباريسية، لمعرفة متى سيترجم ما أعلنه عن نيّته زيارة معراب وعقد محادثات رئاسية مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في محاولة لإقناع هذا الأخير بالذهاب إلى التوافق مع الثنائي الشيعي والقوى الأخرى على رئيس. لكنّ مصادر مطّلعة على موقف الاشتراكي كشفت لـ "المدن" أن "لا زيارة سيجريها وليد جنبلاط لمعراب في الوقت الراهن. وأنّ ما سيقوم به الزعيم الدرزي هو زيارة صديقه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة قريبًا جدًا وربّما في خلال ساعات".
لماذا لا موعد للقاء جنبلاط جعجع؟ وهل أُبلغ الاشتراكي أيّ رد سلبي من معراب؟
تقول المصادر إن التواصل عبر المكلفين من الجانبين لم ينقطع وليس هناك "من سلبيات في هذا التواصل ولم تنقطع أصلًا هذه الاتصالات، لكنّ الموعد لم يحدّد حتّى الآن. هذا لا يعني أنّه لن يتمّ الاتفاق على توقيته". وليد جنبلاط الذي يدرس خطواته بتأنٍّ ويُعتبر اليوم الأقدر على "جمع الأضداد"، يبدو أنّه يرى من الأفضل البدء بأيّ حراك رئاسي جديد بعد زيارة الرئيس بري، خصوصًا وأنّ الرئاسة كانت في صلب لقاءاته الخارجية.
الخارج مستعجل
ليس خافيًا أن الدوائر الخارجية المهتمّة بالشأن اللبناني مستعجلة على الحلّ وانتخاب رئيس، "طبعًا رئيس توافقي ومن خارج نادي الفساد المالي والسياسي"، بغضّ النّظر عمّا كان أعلنه مستشار الرئيس الأميركي المنتخب للشؤون العربية والشرق الأوسط مسعد بولس لناحية التروي لما بعد جلسة التاسع من كانون الثاني. استعجال تُرجم في لقاءات ودردشات رؤساء الدول المعنية بالملف اللبناني من جهة، وبين بعضها وبعض السياسيين اللبنانيين كوليد جنبلاط مؤخرًا من جهة أخرى.
وبالموازاة هناك حراك اللجنة الخماسية التي تكثف التواصل في ما بين أعضائها قبل عطلة الأعياد، ومع القوى اللبنانية أيضًا، محاولة الدفع باتجاه جمع أكثرية ناخبة لمرشح توافقي أو أكثر قبل جلسة التاسع من كانون الثاني. وبحسب مصادر مقربة من دائرة أحد القيادات السياسية "لا شيء واضحًا حتّى الآن، على الرّغم من بعض التفاؤل الحذر الذي تبديه بعض الأوساط. والعودة إلى فتح بازار الأسماء على مصراعيه خير دليل على أنّ الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح حتّى الآن".
الرئاسة تراوح مكانها
كيف يمكن البناء على تفاؤل وحسم في الجلسة المنتظرة سألت مرجعية سياسية رفيعة، "إذا كان الرئيس نبيه بري وخلفه حزب الله يصرّان على طرح اسم مرشح غير حليفهما سليمان فرنجية، هو العميد السابق جورج خوري، وهما يعلمان أنّه لن يحظى بأكثرية الـ65 في أيّ دورة اقتراع ثانية، ما دامت الكتل المسيحية لا تؤيّده، وأيضًا النوّاب السنّة الذين يعملون على تشكيل كتلة عريضة بإمكانها أن تشكّل بيضة القبّان في الجلسة المقبلة."
ليس هذا فحسب، إذ تابعت المصادر بالتساؤل: "كيف يمكن البناء على التفاؤل إذا كان سمير جعجع وماكينته الإعلامية ومن يدور في فلكه من القوات ومن خارجها من حلفاء يتأثّرون بتوجيهاته، يروّجون لاحتمال ترشّحه جديًا للرئاسة، وجعجع أكثر من غيره يعلم أن لا حظوظ له، وحتّى لو انتخب بأكثرية الـ65 من دون الصوت الشيعي، فإنّ عهده مات قبل أن يولد". هذه الصورة الضبابية، وبناء على ما سمعه وليد جنبلاط ونجله تيمور في لقائهما مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس لناحية أهمّية انتخاب الرئيس وليس أيّ رئيس، إنّما رئيس توافقي، إصلاحي، قادر على أن يجمع وأن يعيد للبنان علاقاته مع الغرب والشرق، كوّنت انطباعًا لدى قيادات وكتل تتحرّك في أكثر من اتجاه سعيًا لإنجاز أيّ توافق، أن ترى أنّ هناك من اللاعبين السياسيين من يحاولون " تفخيخ جلسة الانتخاب بداية العام المقبل."
ولهذا عود على بدء، فإنّ وليد جنبلاط "يرى أنه لا بد من حركة تعيد النقاش إلى منطق التفاهم، فهل في تأخير تحديد موعد له في معراب، لأنّه ربما في حسابات معراب وعين التينة وحارة حريك، هناك أثمان يجب أن تسدّد مقابل تسهيل الرئاسة. إنّها بوصلة جنبلاط الذي عاد ليلعب دور بيضة القبّان إن لم يكن صانع الرؤساء كما كان يأمل في وقت ما.