حدود مغلقة، عجلة التصدير متوقفة، خزينة خالية من القطع الأجنبي، عقوبات أميركية- أوروبية مازالت قائمة على سوريا، اضطراب سياسي، كلها أسباب يجب أن تقود في المحصلة لاستمرار انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، لكن المشهد في الأيام التي أعقبت سقوط نظام الأسد، كان عكس ذلك، حاملاً معه تساؤلات حول الأسباب، خاصة مع وجود توقعات بوصول سعر الدولار إلى 5 آلاف ليرة سورية، في قادم الأيام.
الدولار لـ5 آلاف ليرةوسجّلت الليرة السورية، اليوم السبت، تحسناً إضافياً، إذ وصل سعر مبيع الدولار إلى 11 ألف ليرة، والشراء إلى 12 ألفاً، في العاصمة دمشق، بينما سجل سعر المبيع في حلب، 11 ألفاً و500 ليرة، والشراء 12 ألفاً و500 ليرة. يضاف إلى ذلك، تحسن كبير في قيمة الليرة، امتد بصورة يومية على مدار الأيام الخمسة التي أعقبت سقوط نظام الأسد، بمقدار يزيد عن ألف ليرة يومياً. وبالعودة إلى الأيام الثلاثة التي سبقت إعلان إسقاط الأسد ونظامه، فقد وصل سعر مبيع الدولار الواحد إلى نحو 27 ألف ليرة في دمشق، ونحو 50 ألفاً في حلب، ما يعني أننا أمام ارتفاع كبير في قيمة الليرة. وبالأرقام، فقد تحسنت الليرة نحو 16 ألفاً في دمشق، ونحو 37 الفاً في حلب.إذا تم استثناء مرحلة أداء الليرة السيء حتى الساعات الأخيرة لما قبل سقوط الأسد، بسبب الاضطراب السياسي والمعارك والمستقبل المجهول للبلاد حينها، فنحن أمام أسباب يجب الوقوف عندها لتفسير الأداء الجيد لليرة، ذلك أن الليرة وصلت السبت إلى قيمة لم تصلها قبل أكثر من عام ونصف، عندما كان الجميع يعتقد أن الانفتاح العربي وبعده الأوروبي على الأسد المخلوع، سينعكس إيجاباً على قيمتها.ويشرح المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي أن إقبال السوريين على العودة من مناطق النزوح وبلدان اللجوء، خلق طلباً كبيراً على الليرة السورية، مع وجود تشجيع حكومي على التعامل بها، لافتاً إلى أن هؤلاء أدخلوا كميات من القطع الأجنبي ساهمت في إنعاش الأسواق، عدا عن دخول إغاثات ساهمت بدعم الليرة. ويتوقع القاضي في حديث لـ"المدن"، وصول الليرة السورية إلى 5 آلاف خلال أقل من شهرين، لكنه يشدد على أن الدعم الحقيقي يكون بدعم مصرف سوريا المركزي، من خلال ودائع متوقعة تقدمها الدول العربية، وذلك لن يتحقق بصورة واسعة إلا برفع العقوبات عن المصرف المركزي، خصوصاً إذ ما تم استبدال العملة بأخرى جديدة يكون الإقبال على تداولها مقبول بشكل أكبر.ارتفاع وهميوالحال أن ارتفاع قيمة الليرة، لم ينعكس بنفس الصورة على أسعار المواد الغذائية وعموم المنتجات في الأسواق، ولم يلمس السوريون ذلك التحسن بشكل ملحوظ كما هي الأرقام المتفائلة في النشرة، وبالتالي نحن أمام تساؤل حول حقيقة ذلك السعر اليوم، أهو وهمي أم حقيقي. ويعزز ذلك التساؤل، تصريحات رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير قبل أيام، حيث قال لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، إن خزائن المصرف المركزي لا تحتوي إلا على أموال بالليرة السورية، وتعادل قيمتها نحو 35 ألف ليرة مقابل الدولار الأمريكي.ويؤكد الخبير الاقتصادي فراس شعبو أن سعر الليرة اليوم، وهمي وليس حقيقاً. ويوضح أن ثمة طلباً كبيراً على الليرة السورية، نتج عن حرية دخول وخروج القطع الأجنبي، وتصريف السوريين لمدخراتهم من الدولار بعد انقطاع عن العمل لفترة طويلة، فضلاً عن توقف المصارف الخاصة. ويضيف شعبو لـ"المدن"، أن تلك الأسباب مع شعور السوريين بالأمان والحرية بتصريف الحوالات الخارجية التي تدفقت بشكل كبير بعد سقوط نظام الأسد، خلق ذلك الطلب على الليرة، وانخفاض الطلب على الدولار، وبالتالي فالسعر الحالي هو حالة ناتجة عن العرض والطلب، وليس هناك أي تغيير حقيقي بقيمة الليرة.بدوره، يشرح مدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم لـ"المدن"، أن التحسن عائد لعمليات المضاربة الكبيرة على الليرة السورية، تحسباً من دعم الدول الخليجية للمصرف المركزي، والحكومة السورية الجديدة.