بعد الإعلان عن سقوط النظام السوري وتحرير آلاف المعتقلين السوريين من سجون الأسد، أبرزها "سجن صيدنايا العسكري" الذي اشتهر بلقب "المسلخ البشري". خرج هؤلاء الناجون في حالات نفسية وجسدية مروعة، حيث عانى الكثير منهم من صدمات نفسية عميقة بسبب ما شهدوه خلال سنوات اعتقالهم من تعذيب جسدي ونفسي وانتهاكات لحقوق الإنسان.
ووثقت مقاطع الفيديو التي انتشرت على نطاق واسع لحظات خروج المعتقلين المحررين، حيث ظهر كثير منهم في حالة من الهزال والصدمة النفسية. بعضهم لم يصدق ما يجري، وآخرون ترددوا في الخروج من زنازينهم خوفاً من أن تكون هذه الخطوة مجرد خدعة نفسية من قبل النظام لاختبار ردود أفعالهم.ورأى معلقون في بعض تلك التسجيلات مشكلة أخلاقية، من ناحية عدم الاهتمام تحديداً بحالة المعتقلين النفسية، فور خروجهم من السجون سيئة السمعة، بما في ذلك ما نشره ناشطون إعلاميون ومراسلون صحافيون لوسائل إعلام محلية وعربية وعائلات الضحايا أنفسهم، حيث لا يعرف أولئك ربما أساسيات التعامل الصحافي مع هذه النوعية من الأنباء الحساسة.وانتقد ناشطون وأطباء نفسيون الطريقة التي يتم بها التعامل مع هؤلاء الناجين، حيث تم إجراء مقابلات فورية معهم رغم حالتهم النفسية الهشة، أو إحاطتهم بعشرات الأشخاص ولمس أجسادهم، والتحقيق معهم إلى حد سؤالهم على الهواء مباشرة: "أخبرنا كيف كان يتم تعذيبك؟"، وكلها كوارث في التغطية الإعلامية وفي التعامل مع قضية المعتقلين ككل التي تميزت بالفوضى. واعتبر الخبراء في شهادات عبر مواقع التواصل أن هذه التصرفات ستزيد من معاناتهم على الأغلب وتساهم في تعميق صدمتهم بدلاً من مساعدتهم على التعافي.وهنا، انتشرت نصائح توعوية توضح الخطوات الصحيحة للتعامل مع المعتقلين المحررين. أبرزها: احترام خصوصية الناجين، وتجنب طرح أسئلة مباشرة حول تجربتهم في السجن، وتقديم الدعم النفسي واللوجستي لهم بحذر وتعاطف، حيث يعاني المحررون من سجون الأسد، مشاكل نفسية عميقة تتطلب تدخلاً فورياً من مختصين وأطباء نفسيين. ومن الضروري أن تتضافر جهود المجتمع الدولي والمحلي لتوفير بيئة آمنة لهؤلاء الأفراد ودعمهم في استعادة حياتهم الطبيعية.واللافت هنا هو غياب دور منظمات المجتمع المدني والجمعيات والهيئات الإغاثية التي كانت تعمل سابقاً داخل سوريا وحتى خارجها، ممن كانت تقول طوال سنوات أنها دربت كوادرها من أجل اللحظة التي يخرج فيها المعتقلون من السجون لتقديم الدعم لهم. وتساءل ناشطون عن مساهمة تلك المنظمات حالياً في توفير الدعم النفسي واللوجستي لهؤلاء الناجين؟ وكيف يتم التعامل مع المعتقلين الذين خرجوا ليجدوا أن أسرهم قد فقدت أو أن أهاليهم قد قتلوا أو هاجروا خارج البلاد؟ فيما تساءل آخرون عن سبب غيابهم عن المشهد، سواء بسبب التمويل أو بسبب ضغوط سياسية محتملة، خصوصاً أن "هيئة تحرير الشام" التي تتصدر مشهد المعارضة اليوم، حاربت لسنوات منظمات المجتمع المدني في إدلب وقامت بالتضييق عليها واعتقال واغتيال أفراد عاملين فيها أيضاً، بتهم وذرائع مختلفة بحسب تقارير حقوقية ذات صلة.