تشهد بلدتا نبل والزهراء شمال حلب، عودة مستمرة للنازحين بعدما عملت "إدارة العمليات العسكرية" على تسهيل عودتهم والتكفل بنقلهم من منطقة السفيرة، جنوب شرقي حلب، ومن منطقة السيدة زينب في العاصمة دمشق، وفرضها حالة الاستقرار في البلدتين من خلال تأمين مداخلهما بحواجز أمنية وإعادة الحركة إلى الأسواق، وتوزيع المساعدات الإنسانية على الأسر المحتاجة.
تشجيع على العودة
بعد تقدم الفصائل في معركة "ردع العدوان"، نحو حلب نهاية الشهر الماضي، شهدت بلدتا نبل والزهراء نزوحاً جماعياً للأهالي، سالكين الطرق الفرعية شمال وشرق حلب، وصولاً إلى منطقة السفيرة قرب معامل الدفاع، بعضهم أكمل طريقه نحو السيدة زينب في دمشق، وهؤلاء من أصحاب المركبات وميسوري الحال، في حين بقيت مئات الأسر الفقيرة التي أقام بعضها في مبانٍ غير مأهولة ومداجن، وبعضها الاخر استقبلهم الأهالي.
ومع وصول الفصائل إلى السفيرة، تمت طمأنت النازحين ودعوتهم للعودة إلى بلداتهم. وقالت مصادر من أهالي نبل لـ"المدن"، إنه تم بالفعل تأمين حافلات للعائلات القليلة التي استجابت، وهؤلاء كانوا في ما بعد سبباً في زيادة أعداد العائدين، بعدما نُقل لهم واقع البلدتين في ظل سيطرة الفصائل، والتي بدأت بعد دخولها مباشرة العمل على تفعيل الخدمات العامة، وتوزيع المساعدات الإنسانية العاجلة".
وتضيف المصادر أن "الترحيب بعودة الأهالي، وغياب المضايقات والانتهاكات، والحفاظ على ممتلكات الأهالي ومنازلهم في غيابهم، وعدم وجود مراكز إيواء بديلة، كل ذلك شجع باقي النازحين في السفيرة والسيدة زينب على العودة".
تفعيل الخدمات وإنعاش البلدتين
عينت "إدارة العمليات العسكرية" مسؤولاً تابعاً لها لإدارة شؤون بلدتي نبل والزهراء، والذي دعا لعودة موظفي الدوائر الخدمية، كالمجلس المحلي وباقي المراكز الخدمية (الخدمات البلدية والتعليم والصحة والكهرباء والمياه والاتصالات. وقالت مصادر محلية في البلدتين، إنه "تم العمل على إصلاح شبكات التغذية الكهربائية لمحطات ضخ المياه، لتأمين مياه الشرب للأهالي، ومن المفترض أن يتم لاحقاً العمل على ترميم الشبكة الكهربائية الواصلة إلى المنازل، كما تم تفعيل عمل المركز الصحي في نبل".
وأضافت المصادر لـ"المدن"، أن مسؤول المنطقة المنتدب من إدارة العمليات اجتمع مع موظفي الدوائر الخدمية في نبل والزهراء، وحثّهم على الإسراع في عمليات تأهيل الخدمات الضرورية للأهالي.
وأوضحت أن الاجتماعات شملت أيضاَ العاملين في التعليم، وقد تقرر عودة المدارس للعمل اعتباراً من الأحد المقبل، وتقرر أيضاَ الاعتماد على الكوادر التعليمية من أبناء البلدتين، بما فيهم الذين كانوا يعملون في سلك التعليم خارج البلدتين، هؤلاء تم تعيينهم في مدارس البلدتين أيضاَ. ومع زيادة أعداد النازحين الواصلين الى نبل والزهراء، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى الأسواق، والتي باتت تتوفر على مختلف أنواخ الخضار والفاكهة، والمواد الغذائية، والمحروقات ومواد التدفئة.
صفحة جديدة
بعد عودة القسم الأكبر منهم، يتبنى أهالي البلدتين خطاباً ودياً يدعوا إلى تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة في العلاقة مع أهالي البلدات المجاورة، وهي حريتان وحيان وبيانون وماير وعندان، والتي كانت كخط أول في المواجهة مع قوات النظام المخلوع والمليشيات الإيرانية، التي كانت تتخذ من البلدتين معقلاً لها طيلة سنوات الثورة. أهالي البلدتين من المدنيين يحمّلون شخصيات نافذة كانت مقربة من حزب الله والنظام المخلوع وإيران، مسؤولية منعهم من المشاركة في الثورة، وجرهم إلى فريق الموالاة منذ العام 2011، وجعل بلداتهم معقلاً عسكرية تنطلق منه الهجمات نحو جيرانهم.
البلدات المذكورة المحيطة بنبل والزهراء، هي اليوم شبه مدمرة بفعل القصف والمعارك طيلة السنوات الماضية، لذا لم تشهد عودة كبيرة للأهالي النازحين منها حتى الآن، وما يزالون يعيشون في المخيمات شمالي أعزاز وإدلب قرب الحدود مع تركيا.
كفريا والفوعة
لم يصدر عن "إدارة العمليات العسكرية" حتى الآن، أي معلومات بخصوص إمكانية عودة نازحي بلدتي كفريا والفوعة، في ريف إدلب، فالبلدتان اللتان هُجّر منهما سكانهما بموجب اتفاق المدن الأربعة في العام 2018، تقطنهما منذ ذلك الحين عائلات مهجرة أتت من ريفي دمشق وحمص، معظمها عائلات مقاتلي الفصائل، ومن المفترض أن تعود تلك العائلات إلى مناطقها بعدما سقط نظام الأسد، ويبدو أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت لتصبح البلدتان خاليتان، وحينها من المتوقع أن يتم الإعلان عن السماح بعودة الأهالي الأصليين إلى منازلهم.
تفرق أهالي بلدتي كفريا والفوعة بعد خروجهم في أكثر من محافظة، بعضهم جرى إيواؤه في أحياء حلب الشرقية (باب النيرب والمرجة والفردوس)، برعاية مليشيات إيرانية وعشائرية موالية لها، وقسم آخر جرى إيواؤه في منطقة حسياء بريف حمص، وفي مدينة اللاذقية، وبعضهم استقر في منطقة السيدة زينب، في ريف دمشق. ومع سقوط النظام، غيّر القسم الأكبر من العائلات مناطق سكنه، وبالأخص التي كانت تقطن أحياء حلب الشرقية، هؤلاء استقروا في منطقة السيدة زينب، وأحياء في مدينة حمص.