قبل أيّام إلتقى متابع لبناني مهتم بالشّأن الإنتخابي، خارج لبنان، مسؤولاً في دولة خليجية معنية بالوضع في لبنان، ودار الحديث بينهما حول الوضع في لبنان خاصّة وفي المنطقة عامّة.
ولدى سؤال المتابع اللبناني المسؤول الخليجي عن الإستحقاق الرئاسي في لبنان، ومسعى بلاده مع آخرين لملء الفراغ في منصب الرئاسة الأولى، أجاب المسؤول الخليجي: “هناك عدّة أسماء مطروحة لانتخابها، لكن المشكلة تكمن أنّه كلما وافق طرف داخلي رئيسي في لبنان على أحد الأسماء إعترض الطرف الآخر، ما ترك إنطباعاً أنّ كلّ طرف يريد رئيساً محسوباً عليه أو مقرّباً منه، من غير أن يبالي بأن يكون هذا الرئيس مطمئناً للطرف الآخر، ولو ضمن حدود مقبولة”.
يشي ما يحصل خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة بعيداً عن الأضواء من تحرّكات هامّة لا يمكن تجاهلها عن جديّة في التعاطي مع الإستحقاق الرئاسي، هذه المرّة أكثر من المرّات السّابقة، وأنّ جهوداً داخلية وخارجية تبذل في هذا السياق في سبيل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وسط تحذيرات يُطلقها البعض من أنّه في حال فشل جلسة 9 كانون الثاني المقبل في انتخاب الرئيس العتيد، وإنهاء الفراغ في قصر بعبدا الذي مضى عليه قرابة سنتين وثلاثة أشهر، فإنّ “فخامة” الفراغ سيبقى مقيماً في القصر الرئاسي فترة أطول لا يعلم أحد متى تنتهي.
جملة عوامل وتطوّرات أعطت الزّخم للإتصالات داخلياً وخارجياً بخصوص إنتخاب الرئيس المقبل، وبعض الأمل في أن تكون الجلسة المقبلة التي تحمل الرقم 13 “مثمرة” وفق قول رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، وأن لا تُخيّب آمال اللبنانيين وتتركهم معلقين مع بلدهم على قارعة الطريق وسط عواصف هوجاء وتطورات متلاحقة في المنطقة، وتجنيب لبنان ما أمكن ما ينتظرهم من مرحلة مقبلة صعبة وبالغة الخطورة إذا بقي الوضع فيه على ما هو عليه من إنقسام وفراغ.
عاملان رئيسيان كانا الدّافع وراء إندفاع أطراف في الدّاخل والخارج وراء إيجاد مخرج “توافقي” ينهي الفراغ الرئاسي، بعدما وجدوا أنّ الظرف مناسب أكثر من أيّ وقت آخر، واقتناص فرصة إنتخاب الرئيس قبل فواتها.
العامل الأوّل تمثل في العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي انتهى بعد مضي أكثر من سنة عليه، مع استمرار تداعياته واحتمال إندلاعه مرّة ثانية بعد انتهاء الفترة الإنتقالية نهاية الشّهر الجاري، ما يحتم برأي المندفعين وراء إنتخاب رئيس بضرورة إنجاز الإستحقاق الرئاسي، واغتنام فرصة قد لا تتكرر في المدى المنظور.
أمّا العامل الثاني الذي لا يقلّ خطورة فمتعلق بتطوّرات الوضع في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السّابق بشّار الأسد، واستلام المعارضة السلطة، وهو وضع يفترض أن يتعامل معه لبنان سياسياً وأمنياً بوجود سلطة مكتملة يكون رئيس الجمهورية مُنتخب وحكومة جديدة على رأسها، وليس بالفراغ، لأنّ تجاهل ما حصل في سوريا يعني أنّ لبنان مُقبل في القريب العاجل على تحديات كبيرة ومُعقّدة لن يقوى على مواجهتها ولا التعاطي معها، ويضع مصير البلد في مهبّ الريح.
موقع سفير الشمال الإلكتروني