عاد مذيعون وإعلاميون سوريون إلى وطنهم سوريا بعد سنوات قضوها في المنفى، إثر الثورة السورية التي طرد نظام الأسد المخلوع، على إثرها، وسائل الإعلام العربية والأجنبية متهماً إياها بـ"فبركة" الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالديموقراطية ضده.وشهدت دمشق لحظة تاريخية مع فرار الأسد، حيث أعلنت المعارضة سيطرتها على العاصمة يوم الأحد، لتنهي بذلك أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، ما أعاد الأمل لملايين السوريين الذين طالما حلموا بالعودة إلى وطنهم، وبينهم مئات الصحافيين الذين أُجبروا على المنفى هرباً من القمع والملاحقات الأمنية."دمشق... الأم الثانية"وفور إعلان سقوط النظام، عادت المذيعة ديما عز الدين، التي قضت 14 عاماً في المنفى، إلى دمشق ضمن تغطية شاملة بدأها "التلفزيون العربي" الذي يبث من الدوحة. وعلى الهواء مباشرة، لم تتمالك عز الدين دموعها وهي تعلن عودتها إلى العاصمة التي وصفتها بـ"أمها الثانية". في لحظة عاطفية، أكدت أن معاناتها لم تكن فردية، بل كانت قصة مشتركة لمعظم الصحافيين السوريين في الخارج.
وأوضحت عز الدين أن الصحافيين الذين بقوا في سوريا خلال حكم النظام السابق، عاشوا في صمت قسري، أو واجهوا القتل أو الاختفاء القسري، في حين وجد الصحافيون في الشتات ملاذاً. وقالت: "اليوم نعود إلى وطننا لنمارس عملنا بحرية، ونحمل أصواتنا مرة أخرى بين شعبنا". كما وجهت تحية إلى أرواح الصحافيين الذين فقدوا حياتهم دفاعاً عن حرية الكلمة.وأرسل "التلفزيون العربي" فريقاً كبيراً لتغطية الحدث من داخل سوريا بعدما تعذر عليه وعلى كثير من وسائل الإعلام تغطية الأحداث في سوريا خلال حكم الأسد.احتفالات في ساحة الأمويينفي تغطية ميدانية من ساحة الأمويين في دمشق، وصف زاهر عمرين، مذيع "التلفزيون العربي"، مشاعر السوريين الذين تجمعوا للاحتفال بفرار الأسد.وقال عمرين، الذي لم يعد إلى بلاده منذ 14 عاماً أيضاً، أنه يقف في الساحة للمرة الأولى بحرية، وسط هتافات المواطنين الذين رددوا شعارات الحرية. وأكمل: "اليوم أقول بفخر، ومن دون خوف: هنا دمشق"، مضيفاً أن هذه الجملة كانت مستحيلة في السابق.وأضاف عمرين، الذي عبر الحدود السورية آتياً من بيروت صباح الثلاثاء، أنه للمرة الأولى منذ سنوات، لا يشاهد أي مظاهر عسكرية أو حواجز أمنية على الطريق إلى دمشق. وأكد: "هذه لحظة فارقة في حياة السوريين، نحن أحرار في وطننا أخيراً".ذكريات المنفى والعودةمشهد آخر مؤثر وثقته عدسات الإعلام كان لحظة معانقة مراسل "الجزيرة"، عمر الحاج، والدته بعد سنوات طويلة من الفراق.وفي مشهد مشابه، وقف مراسل "التلفزيون العربي" عدنان جان، أمام سينما النجوم الشهيرة في حي طفولته بمخيم اليرموك، وقال: "هذا المكان كان نافذتي الأولى للحلم والانتماء"، مستعيداً ذكريات الطفولة التي ربطته بهذا المكان قبل أن يضطر لمغادرة وطنه قسراً.
مقتل أكثر من 700 صحافيوبينما يحتفل الصحافيون السوريون بعودتهم، يبقى شبح الخسائر البشرية حاضراً. ووفقاً لتقرير نشرته "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، قُتل ما لا يقل عن 700 صحافي منذ اندلاع الثورة العام 2011، معظمهم على أيدي عناصر النظام. وأكد أن سوريا كانت من أخطر الدول على الصحافيين في السنوات الماضية، وهو ما يتقاطع مع حلول سوريا في أدنى مراتب لائحة حرية الصحافة الصادرة عن منظمة "مراسلون بلا حدود" منذ العام 2011.نحو مستقبل مشرقووسط الزغاريد والهتافات، أعرب الصحافيون والمواطنون على حد سواء عن تطلعاتهم لغد أفضل. وقال زاهر عمرين: "اليوم، السوريون بكل أطيافهم يتطلعون إلى إعادة بناء وطنهم بحرية وعدالة.. لحظة الفرار التي غيرت مسار سوريا لم تكن فقط سقوط نظام، بل بداية أمل جديد لسوريا حرة".