كل الحب للموسيقى. ذلك الحب، الذي يجتاحنا في الإيقاع والغناء في مهرجان "بيروت ترنم"، الذي ولد لتأجيج طاقة الحب بدفئها وديناميتها، وإشعاع السلام في بلد هّشم بالخيبات والقلق.
وفي نسخة هذه السنة، فعل مقاومة جديدة أرادها المهرجان في نسخته الـ17، في أمسيات كلاسيكية وأوبرالية ومشرقية شرقية من 4 كانون الأول الى 23 منه موزعة بين مناطق مونو والتباريس والجميزة وأكاديمية الفنون الجميلة -البا في سن الفيل، وصولاً إلى مناطق خارج العاصمة، وهي تحولت ولما هي عليه فعلياً إلى لغة مشتركة بين ناسه، لغة مضادة للعنف، للحرب، وممتدّة على وسع المدى لتعزيز التنوع الثقافي للبنان الآتي إلينا.
"لا شىء يعلو على صوت الموسيقى"، قالت رئيسة المهرجان ومؤسسته ميشلين أبي سمرا لـ"المدن". إعتبرت أن "تنظيم هذا المهرجان، الذي تحول غذاء روحياً لرواده، بات موعداً ثابتاً في روزنامة اللبنانيين، ما دفعنا رغم الظروف الأمينة والإقتصادية الصعبة، أن نلتزم مع اللبنانيين بإعداد أجندة ثقافية موسيقية على مستوى عال من الجودة والإحتراف". وأضافت: "أكد المساهمون في دعم المهرجان وعلى رأسهم المغترب اللبناني كميل سابا ومجموعة الداعمين المحليين في لبنان والسفارات الأجنبية- منها سفارة إسبانيا و بلجيكا إضافة الى سفارة سويسرا واليونيسكو الداعمة لبرنامج El Sistema، الجهوزية للمضي قدماً معنا في تنظيم هذه الروزنامة الثقافية الموسيقية كالمعتاد من دون أي تأخير على اللبنانيين".
(من حفلة برنامج El Sistema)
وأثنت أبي سمرا على "نجاح المهرجان كعادته منذ تأسيسه الى اليوم في توفير الدخول المجاني إلى الأمسيات، التي توزعت غالبيتها في الكنائس، لأن دور العبادة تجمع الناس وهم من الطوائف والأديان المختلفة للمشاركة في رسالة سماع الموسيقى وتذوق الغناء".
أما المدير الفني للبرنامج الأب توفيق معتوق فقد أكد لـ"المدن" أن "البرنامج الحالي مختلف عن الروزنامة التي كنا أعددناها قبل نشوب الحرب والتوتر في لبنان، لا سيما أننا كنا سنستضيف في هذه النسخة 10 مشاركين عالمين من الصف الأول في الموسيقى والغناء"، وتابع: "فرض الواقع مشاركة محدودة للموسيقيين والمغنين الأجانب ومنهم عازف الكمان الإسباني فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا إضافة الى عازف البيانو البلجيكي فلوريان نواك وسواهم".
وتوقف معتوق عند "التحدي الكبير، الذي رافق إعداد هذا المهرجان وإرادة المشاركين فيه، لا سيما أعضاء جوقة الجامعة الأنطونية وعازفي الأوركسترا اللبنانية الوطنية، الذين إنكبوا على التمارين لحفلة الإفتتاح بقداس التتويج لموتسارت بمشاركة كل من السوبرانو ميرا عقيقي، والميزو سوبرانو غريس مدورن والباس باريتون سيزار ناعسي، وهم تحت هول الحرب ونكبة، فبعضهم خسر بيته أو أجبرته الظروف على مغادرة منزله"، مشيراً إلى أننا "نختتم المهرجان في 23 الجاري بتحية لبوتشيني مع التينور بشاره مفرج، وذلك تزامناً مع إحياء العالم ذكرى 100 عام على وفاته، مع العلم أننا حرصنا على هذا التكريم في النسخة الماضية من المهرجان حيث خصصنا برنامج الإفتتاح لبوتشيني، الذي حفر بصمات جوهرية في مسار الأوبرا في العالم".
(المدير الفني للمهرجان الأب توفيق معتوق) واعتبر معتوق أن حفلات "بيروت ترنم" باتت أيضاً منصة لبنانية تعكس نتاج الجوقات المحلية، مثل جوقة الجامعة الأنطونية وجوقة فيلوكاليا مثلاً، إضافة الى فرق لبنانية على غرار كورال الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان، والشرقي مع زياد الأحمدية وإيقاعات فراس عنداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو خاضر، وصولاً الى أمسية الموسيقى (الكنَسية) المارونية مع غادة شبير".
(*) لمزيد من التفاصيل عن البرنامج، النقر هنا.