بعد الاجتماع الأول للجنة مراقبة وقف النار، بدأت إسرائيل سحب قواتها تدريجياً من الخيام، وباشر الجيش انتشاره تمهيدا للتمركز في المدينة بعد إخلائها. لكن مباشرة اللجنة عملها لم يمنع مواصلة إسرائيل خروقاتها في الخيام وخارجها. ما يثر القلق من نوايا إسرائيل وغاياتها من المماطلة في وقت بلغت قواتها الحدود اللبنانية بعد استحداثها موقعاً على منحدرات جبل الشيخ من الجهة اللبنانية.
وجاءَ اجتماعها الأولى بتأخير أسابيع عن دخول الاتّفاق حيّزَ التنفيذ في 27 من تشرين الثاني الماضي، وبعد أخذٍ وردٍّ ومناشداتٍ رسميةٍ لبنانيّةٍ للإسراعِ في بدءِ الاجتماعاتِ والمباشرة بأعمال اللجنة، لا سيّما في ظلِّ الاعتداءات والخروقات الإسرائيليّة المتكرّرة، الّتي أودت بحياةِ 25 شخصًا على الأقلِّ منذ 27 من تشرين الثاني الماضي. ويضافُ إلى ذلك استمرار وجودِ الجيشِ الإسرائيليِّ في مناطق جنوبيةٍ عدّةٍ، واستغلال هذا الوجود في نسفٍ وتدميرٍ مزيدٍ من العقارات السّكنيّة والأحياءِ، ممّا حرمَ سكّانها من العودة إليها. ماذا بعد الاجتماع الأول وما هي الآلية المتبعة لعمل لجنة المراقبة؟ ومتى يمكن تلمس نتائج عملها لناحية وقف الخروقات الإسرائيلية؟ هي الأسئلة التي تحمل الإجابة عليها تحديات المرحلة المقبلة.
لتطبيق الاتفاق بطريقةٍ فعّالةتصف مصادرٌ عسكريّة رفيعة في حديثها لـ"المدن" الإجتماع الأول بـ"الناجح والمثّمر"، سادته "الإيجابيّة، وقد جرت خلاله مناقشة مختلف المسائل الميدانيّة". وبناءً على ذلك، "ستبدأ النتائج بالظهور تدريجيًّا، ومن بينها انسحاب القوّات الإسرائيليّة من بعض المناطق، بما فيها منطقة الخيام" والتي بدأت بالفعل عمليات الانسحاب الإسرائيلي التدريجي منها، ليباشر الجيش نشر قوّاته على حدود الخيام تحت مراقبة قوات اليونفيل. وتتابع المصادر قولها: "ان الجيش سيواصل نشر عناصره بعد انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل، ليبني نقاط تمركز ومراقبة".
إستُتبع الاجتماع بسلسلة لقاءات بين قيادة الجيش وممثّلي الأطراف المعنيّة، كان آخرها لقاء قائد القيادة الوسطى الأميركيّة، الجنرال مايكل كوريلا مع قائد الجيش العماد جوزف عون. ووفقًا لمصادر "المدن"، فقد "تناولت هذه الاجتماعات الأوضاع العامّة في لبنان، ولا سيّما على الحدود الجنوبيّة، مع التأكيد على استمرار التّنسيق ودعم الجيش في تنفيذ المهام الموكلة إليه، تطبيقًا للقرار 1701". أمّا التفاصيل العمليّة، "فتتولّى اللجنة المكلّفة بحثها على نحوٍ أكثر دقّة". وفي ما يتعلّق بآلية عمل اللجنة المتعلق بوقف الخروقات، لفتت المصادر إلى أنه "لم يُتّخذ بعد الموقف النهائي منها. فهذه اللجنة، التي أُنشئت أساسًا لمعالجة حالات الخرق، تحتاج إلى بعض الوقت لتعزيز الثقّة والعمل على تذليل العقبات تدريجيًّا. وقد يتطلّب الأمر نحو أسبوعين، سيجتهد خلالها جميع المعنيين في تهيئة الظروف المناسبة لتطبيق الاتفاق على نحوٍ فعّال ومستدام"، وتتابع قائلة: "بالطبع، ليس أمامنا البديل. هذه اللجنة هي الآليّة التنفيذيّة للاتفاق، ويجب تنفيذه. نحن، كممثّلين عن الطرف اللّبنانيّ، ملتزمون بالتطبيق. أمّا الآليّة التنفيذية ذاتها، فمن المفترض أن تتوضّح معالمها خلال الاجتماعات الّتي أشرنا إليها، لكن لا نملك فكرة دقيقة عمّا يدور من نقاشات. نحن نترقّب استمرار التواصل والاجتماعات لتذليل العقبات وحلّ المشاكل، حتى نتمكّن من استعادة مراكزنا".مستقبل الاتفاقونبهت المصادر العسكرية إلى أن سلوك الجانب الإسرائيليّ ونهجه يبرران التشكيك في نجاح تطبيق الاتفاق "نأمل أن تساهم المناقشات والاجتماعات الجارية في تحسين المواقف، أو على الأقلّ في بلوغ حدٍّ أدنى من الالتزام. إن فهم الإسرائيليون معنى الالتزام، فنتمنّى أن يلتزموا. لقد تحدّثوا بدايةً عن انسحابات ضمن مُهَل محدّدة، ثم تراجعوا، ثم انتقلوا للحديث عن مناطق مثل الخيام، وبعد ذلك أثاروا مسألة التأجيلات المتكرّرة. وكلّ يوم نسمع جديدًا".عمليات التطويعأمّا عن عمليّة التطويع لتأمين انتشار واسع لعناصرالجيش على طول الحدود، فتردّ المصادر: "عملية التطويع، تحتاج إلى بعض الوقت. لقد أعلنّا عنها وبدأنا بتلقّي الطلبات، لكن لم يَحِن بعد الوقت المناسب لاعتمادها. في الوقت الراهن، العناصر الموجودة قادرة على أداء المهمّات المطلوبة منها لهذه المرحلة". وبخصوص التسلّح وتعزيز قدرات الجيش، تتابع المصادر: "هناك الكثير من الأحاديث في هذا الشأن، لكن لم نرَ بعد التطبيق العمليّ. نأمل أن يتحقّق ذلك قريبًا".