كتبت صحيفة “اللواء”: وضع الملف الرئاسي اللبناني، في مرحلته الأخيرة على الطاولة، وجرت، وتجري حوله اتصالات ومشاورات، دخلت في تصفية الأسماء بين مدنيين وعسكريين، قبل ان يحاول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ابداء استعداده للترشح اذا ما قبلت به كتل معينة بالحد الأدنى.
ولئن كشف لقاء الرئيس نبيه بري مع سفراء اللجنة الخماسية العربية – الدولية حول الملف الرئاسي، غيوم الشكوك، وفتح المجالات امام اجواء جدية، وايجابية، وتبشر بانتخاب الرئيس في جلسة 9 ك2 المقبل، اي بعد اقل من شهر، فإن الانظار بقيت متجهة الى مراحل تنفيذ اتفاق وقف النار بين اسرائيل وحزب الله، مع تسجيل انسحاب الجيش الاسرائيلي من بلدة الخيام، التي شهدت معارك ضارية، ودخول الجيش اللبناني اليها.. على الرغم من عدم توقف الانتهاكات الاسرائيلية واستهداف تحركات المدنيين اللبنانيين باتجاه قراهم وبلداتهم في الوسط، وعلى مقربة من الحدود مع اسرائيل.
وفي الشق الامني، وتداعيات ما يجري اقليمياً وعلى المستوى السوري، تابع المسؤولون في لبنان ما يجري على الارض داخل سوريا، والذي بات شأناً سورياً، يخص الشعب السوري وحده، فضلاً عن استمرار حركة المغادرة للسوريين النازحين، عبر المعابر المفتوحة او غير الشرعية، وتدفق جماعات من السوريين، المتخوفين باتجاه الاراضي اللبنانية، عبر معبر المصنع الحدودي.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن المشاورات الجارية في الملف الرئاسي لم تصل بعد إلى إخراج الاسم التوافقي للرئاسة بعد، إذ أن ما يحصل في هذا الشأن ليس سوى بحث في بعض العناوين العريضة لاسيما مهمة الرئيس في المرحلة المقبلة.
وقالت ان الحديث عن مفاجآت في هذا الملف متوقع، إنما المؤكد أن جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل ستشهد انطلاقة الجلسات المفتوحة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، ما يعني أن الرئيس يُنتخب في مطلع العام المقبل.
إلى ذلك يواصل الجيش مهمته في الجنوب وفق قرار وقف إطلاق النار،وتحدثت أوساط مراقبة عن التزام قيادة الجيش بالخطة المرسومة للإنتشار كما لتطبيق ما ورد في الاتفاق.
ومع هذه الترقبات والانتظارات، ابلغ الرئيس بري سفراء الخماسية ان «الحاجة الوطنية ملحة لانجاز الاستحقاق الرئاسي، في هذه الظروف والمتغيرات المتسارعة في المنطقة، لا سيما ما يحصل في سوريا».
بري والسفراء
حضر الاجتماع مع بري في عين التينة سفراء الخماسية، السفير السعودي وليد بخاري، والسفير المصري علاء موسى، والسفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني، وسفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون، والسفير الفرنسي هيرفي ماغرو، والمستشار الاعلامي لرئيس المجلس علي حمدان.
وبدا من خلال الحراك الداخلي للكتل النيابية ولسفراء اللجنة الخماسية العربية – الدولية، ان التوجه لإنتخاب رئيس توافقي بات جدّياً، من خلال كلام السفير المصري علاء موسى، الذي ابدت اوساطه ارتياحاً لمسار الحراك الداخلي المكثف بإتجاه التوافق، مع بعض الحذر المفهوم والذي ينتظر تبلور اسس التوافق على شخص الرئيس الحيادي. «ولو تم التوافق لكانت الجلسة قد عقدت اليوم»، كما قال الرئيس بري.
وقالت مصادر متابعة لحراك الخماسية لـ «اللواء»: «: انها متفائلة لأن الرئيس نبيه بري اكد امام السفراء التزامه بتعهداته بعقد جلسات انتخاب بدورات متتالية في 9 كانون الثاني واستمرار التشاور للتوصل الى مرشح توافقي او مرشحين، وكلما قلّ عدد المرشحين كان ذلك افضل لتسهيل الاختيار. على ان يشمل التوافق قبل جلسة الانتخاب وخلالها ايضاً موضوع تشكيل الحكومة رئاسة واعضاء لإنجاح الرئيس والحكومة.
ونقلت عن بري قوله خلال الاجتماع الذي استغرق ساعة كاملة: انه اعطى مهلة اربعين يوماً بين صدور اتفاق وقف اطلاق النار وجلسة الانتخاب لأنها من مخرجات تحقيق التوافق المطلوب. واكد على التزامه بكل ما قاله حول التشاور مع كل الاطراف للتوصل الى توافق، موضحا ان التشاور يشمل حزب لله ايضاً.
وحسب المعلومات، تناوب السفراء الخمسة على الاشادة بدعوة بري لعقد جلسة الانتخاب «لأنها باتت أمراً ملحاً ولم يعد الوضع مناسباً لمزيد من التأخير في انتخاب الرئيس». ولم يدخلوا في اقتراح اسماء مرشحين وتركت اللجنة الامر«كحق حصري وصلاحية حصرية للبرلمان».
واكدت المصادر المتابعة ان بري متفائل بنجاح جلسة كانون الثاني في انتخاب رئيس للجمهورية. واكدت عدم وجود اسم جرى التوافق عليه حتى الان لا سيما لدى اطراف المعارضة لا إسم متوافق عليه لغاية الآن و«لو كان فيه كانت الجلسة صارت بكرا».
وأضافت: العمل اليوم هو على إيجاد إسم يحظى بتأييد ثلثي اعضاء المجلس إن امكن. لكن اجواء اطراف المعارضة لم تتضح بعد هل تسير بمرشح واحد مع الاطراف الاخرى ام يكون لديهم مرشحهم بوجه مرشح آخر.
واشارت معلومات «اللواء» الى ان المرشح التوافقي يطغى على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون نظراً لوجود كتل رافضة ترشيحهما.
واعرب سفراء الخماسية «عن تقديرهم لتعيين الرئيس بري جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية بتاريخ التاسع من كانون الثاني، وكذلك أبدوا ترحيبهم لإنجاز إتفاق وقف إطلاق النار والجهود التي بذلت للتوصل اليه».
واكد الرئيس بري «أن الإجتماع مع سفراء الخماسية كان جيداً، شاكرا لهم متابعتهم، ومغتنماً فرصة اللقاء لدعوتهم حضور جلسة 9 كانون الثاني المخصصة لإنتخاب الرئيس العتيد ولكي يشهدوا الحضور والنصاب والإنتخاب».
وقال السفير المصري: هناك أمور كثيرة كان يجب الحديث بشأنها مع دولة الرئيس، مررنا جميعاً بفترة كانت صعبة في الايام الماضية وصولاً الى وقف إطلاق النار، وأيضاً ما تبعه من دعوة دولة الرئيس الى عقد جلسة في يوم 9 كانون الثاني لإنتخاب الرئيس وتطورات في غاية الأهمية، كانت فرصة بأن نتبادل بعض الأفكار ونستمع منه إلى تقديره للمرحلة القادمة.
وأضاف: أيضا تناولنا أشياء محددة ألا وهي قناعتنا كلجنة خماسية بأهمية إنتخاب رئيس الجمهورية بأسرع وقت ممكن، وجهود تثبيت وقف إطلاق النار بإعتبارها مسألة في غاية الأهمية للدولة اللبنانية. وأيضاً تناولنا ضرورة تطبيق القرار 1701، وتحدثنا عن مواصفات الرئيس القادم التي إعتمدناها في لقاء الدوحة عام 2023.
وتابع السفير المصري : كما تناولنا أيضاً أن أحد هذه العناصر الى جانب عناصر أخرى لأهمية إنتخاب رئيس يجمع اللبنانيين وأيضا يدعم تطبيق القرار 1701 وتنفيذ الإصلاحات،كذلك تحدثنا عن التمسك بإتفاق الطائف وأهمية العمل على تطبيقه. وإستمعنا منه الى تقديره للخطوات القادمة في جلسة التاسع من كانون الثاني.
ورداً على سؤال عما اذا تم في اللقاء بحث بالاسماء؟
أجاب السفير المصري : منذ دعوة الرئيس بري لجلسة التاسع من كانون الثاني وصولاً الى اليوم، هناك مشاورات بين القوى السياسية ودولة الرئيس بري منخرط بشكل كامل بها، والهدف منها الوصول الى توافق على إسم أو عدد من الأسماء يتم طرحها خلال الجلسة، والحقيقة لم يتم في الجلسة تناول أسماء، تحدثنا عن المواصفات التي باتت واضحة للجميع وبشكل كبير وهو ما يعمل عليه الرئيس بري، أنما الامر الذي تأكدنا منه وكان الرئيس بري واضحاً بشأنه حرصه أنه في هذه الجلسة سيتم من خلالها الوصول الى إنتخاب رئيس للجمهورية، تحدثنا بشكل واضح وأكد دولته انها جلسة مفتوحة بدورات متتالية بمعنى أنهم مستمرون في الإنعقاد في البرلمان وصولاً الى إنتخاب رئيس للجمهورية، هذا الالتزام هام، وأيضا نأمل بأن المشاورات السياسيه تؤدي إلى الإسم أو الأسماء التوافقية بما تسهم في إنجاح جلسة 9 كانون الثاني.
الأسماء
ومع تحفُّظ السفراء والمصادر الاكثر احتكاكاً للملف الرئاسي، يجري التداول بالاسماء التالية: فئة اولى: النائب السابق سليمان فرنجية، الذي استشف احد اعضاء «اللقاء النيابي التشاوري» (يضم النواب: الياس بو صعب، ابراهيم كنعان، آلان عون، سيمون ابو رميا) ان فرنجية يدرس خياراته، ويجري المشاورات اللازمة مع حلفائه حول قراره الاخير، والعماد جوزاف عون، والسفير السابق لدى الفاتيكان العميد جورج خوري.
فئة ب: وتضم الوزيرين السابقين: زياد بارود، وناصيف حتي، والنائب نعمة افرام، والاقتصادي سمير عساف.
وحضر الاستحقاق بين بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي وصف الجو بعد اللقاء: بالايجابي وهناك شغل جدي جداً، وإن شاء لله في جلسة 9 ك2 يكون لدينا رئيس للجمهورية.
ويعارض باسيل ترشيح العماد عون، قائد الجيش، الذي يقول ديبلوماسيون إن الولايات المتحدة وفرنسا تعتبرانه مرشحًا جادًا»، معتبرا إن «تعيين جوزيف عون سيكون مخالفًا للدستور، وأنه لم يكن لديه إجماع بين جميع الفصائل اللبنانية». وقال : «نحن ضده لأننا لا نراه مناسباً للرئاسة». وأضاف: «نحن بحاجة إلى مرشحين يمكنهم جمع اللبنانيين معًا»، رافضاً تسمية أحدهم.
والتقى باسيل وفدا من كتلة الإعتدال الوطني في منزله في البياضة بحضور نواب من تكتل لبنان القوي. ثم النائب فريد هيكل الخازن.
موسى عند جعجع
وكان السفير المصري قد زار صباحاً، رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع، في المقر العام للحزب في معراب، السفير المصري قال بعد الاجتماع أنه تناول مع جعجع العديد من الملفات وكان أهمها استقرار الأوضاع الأمنيّة في لبنان وتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، بالإضافة إلى الإستحقاقات الدستوريّة وعلى رأسها انتخاب رئيس الجمهوريّة وجلسة التاسع من كانون الثاني، ولقد استمعت من «الحكيم» إلى أفكار جيّدة ومبشِّرة وتوجّه إيجابي للغاية، ونأمل، بإذن لله، أن نتمكن من البناء على هذه التوجهات والأفكار مع القوى السياسيّة الأخرى وصولاً إلى الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس، فنحن نعتبر أن هذه الجلسة هي خطوة ستستتبع خطوات كثيرة متعلّقة بمستقبل لبنان وازدهاره وتجاوزه الكثير من العقبات، وبالتالي أتصوّر أن في الفترة الممتدة من اليوم إلى التاسع من كانون الثاني سيكون هناك حوار مستمر ما بين القوى السياسيّة في لبنان،وأيضاً ما بين أصدقاء لبنان وهذه القوى وصولاً إلى تحقيق ما يصبو إليه الجميع في انتخاب الرئيس.
اكتظاظ عند المصنع
واستمرت الزحمة على الطريق الدولية بين سوريا ولبنان عند نقطة المصنع، ووصف الامن العام اللبناني ما يحدث بالاكتظاظ الشعبي ليس فلتاناً وفوضى، بل نتيجة للتشدد في الاجراءات المتخذة قبل الوصول الى مركز الامن العام.
واعتبر الامن العام ان ما يحصل هو نتيجة الوضع المستجد، ويقوم الجيش والامن العام باتخاذ الاجراءات لمنع وصولهم الى الحدود قبل التأكد من استيفائهم شروط الدخول الى لبنان.
عون وقائد القيادة الوسطى
الى ذلك، اجتمع قائد الجيش العما دعون مع قائد القيادة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال ميخائيل كيورايللا (Michael E. Kurialla)، وتطرق الحديث الى سبل دعم الجيش اللبناني بعد البدء بتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب، حيث يرأس جنرال اميركي اللجنة المكلفة مراقبة وقف النار.
يشار الى ان الزائر الاميركي وصل الى بيروت بعد ان قام بزيارة الى اسرائيل.
الجيش واليونيفيل في الخيام
في التطورات الجنوبية، الخيام على طريق العودة الى عهدة الدولة، عملاً باتفاق وقف النار، بعد ان دخل اليها فوج الهندسة في اللواء السابع في الجيش بقيادة قائد اللواء العميد طوني فارس برفقة عناصر من اليونيفيل لفتح الطرقات وازالة مخلفات العدو من ذخائر وصواريخ غير منفجرة.
سبق ذلك، استطلاع وحدة من اليونيفيل الحيين الشمالي والغربي للتأكد من اتمام الجيش الاسرائيلي انسحابه منها، قبل دخول الجيش وانتشار وحداته هناك.
واعلنت قيادة الجيش ان وحدات من الجيش تمركزت في خمسة مواقع حول بلدة الخيام – مرجعيون بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان –اليونيفيل، ضمن إطار المرحلة الأولى من الانتشار في المنطقة، بالتزامن مع انسحاب العدو الإسرائيلي منها، وذلك بعد الاتصالات التي أجرتها لجنة الإشراف الخماسية.
وفي مجال متصل، لم تتوقف الخروقات والاستهدافات، حيث سقط 5 شهداء من المدنيين بغارات من مسيَّرات على بيت ليف وعيناتا، فيما استمر تفجير المنازل في غير قرية.