أقل من شهر يفصل اللبنانيين عن جلسة 9 كانون الثاني التي من المفترض بحسب رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يخرج منها الدخان الأبيض بإنتخاب رئيس للجمهورية يُنهي الفراغ الحاصل ويؤسس لإعادة إنتظام المؤسسات الدستورية.
إصرار بري على إنعقاد الجلسة ووقوفه في وجه كل محاولات التعطيل الداخلي أو التأجيل الموحى به من الخارج، ذلّل من أمامها الكثير من العراقيل، ودفع الولايات المتحدة الأميركية الى إقتناعها بعدم جدوى تأجيلها وحرك اللجنة الخماسية التي زارته أمس وبحثت في تفاصيل الاستحقاق، كما أطلق حيوية سياسية تُرجمت بلقاءات بين الكتل النيابية، بهدف الوصول الى قواسم مشتركة عشية الجلسة الرئاسية المنتظرة.
جلسة التاسع من كانون الثاني تعيد الى الأذهان جلسة 31 تشرين الأول عام 2016 حيث تم إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية قبل نحو أسبوع من إنتخاب الرئيس الأميركي المنتخب حاليا دونالد ترامب، حيث تنعقد هذه الجلسة قبل 11 يوما من تسلم ترامب مهامه الرئاسية ودخوله الى البيت الأبيض.
لذلك، فإن إنتخاب رئيس للبلاد في هذا التاريخ قد يكون له الكثير من الايجابيات، لجهة أن هذا الاستحقاق يسبق بدء مهام الرئيس ترامب الذي قد يكون له رأي آخر خصوصا بعد الكلام الذي صدر عن مستشاره للشؤون العربية والشرق الأوسط بولس مسعد الذي دعا الى عدم التسرع في إنتخاب الرئيس ما يوحي بإمكانية ممارسة ضغط على اللبنانيين للركون الى مرشح بعباءة أميركية، كما أن الجلسة تسبق إنتهاء مهلة الستين يوما لوقف إطلاق النار، الأمر الذي يجعل وهج إنتخابه عربيا ودوليا كفيلا بإستمرار هذا التفاهم الذي بات يحتاج الى ترميم وتثبيت من الدول الراعية له بعدما مزقته إسرائيل بخروقاتها التي تجاوزت المئة من دون حسيب دولي أو رقيب أممي.
ولم يعد خافيا على أحد أن قسما من المعارضة لا سيما القوات اللبنانية التي كانت “أشد العشرة” لإنتخاب رئيس جديد، تبدو غير متحمسة للإستحقاق، إنطلاقا من طموحات رئيسها سمير جعجع الذي يُضمر غير ما يُعلن، ويُسرّ الى دائرته الضيقة أن “التطورات السياسية مؤاتية لكي يدخل الى قصر بعبدا، لكن الأمر يحتاج الى بعض الوقت لكي تنضج ظروف المنطقة”، ولم يُخف جعجع رغبته بذلك، حيث أكد إستعداده للترشح شرط أن يحظى بتأييد بعض الكتل النيابية.
وبالرغم من كل هذا الحراك والاستعدادات لجلسة التاسع من كانون الثاني المقبل، إلا أن أسماء المرشحين للرئاسة ما تزال غير جدية، باستثناء سليمان فرنجية الذي لم يُعلن أي موقف حيال إستمرار ترشيحه من عدمه بعد التطورات السياسية الأخيرة، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، حيث يكتفي المعنيون بسلسلة من التوصيفات والمواصفات، وتسريب بعض الأسماء التي بعضها للحرق وبعضها الآخر للمناورة السياسية.
واللافت، أن الرئيس بري يؤكد إتمام هذا الاستحقاق في الجلسة المقبلة، والنائب جبران باسيل يعلن أن الأمور جيدة جدا، وتكتل الاعتدال الوطني يؤكد أن جولته هذه المرة على الكتل النيابية ستخرج بنتيجة إيجابية، فضلا عن الكتل الأخرى التي تؤكد على وجوب أن يكون للبنان رئيسا يوم التاسع من الشهر المقبل، لكن من هو هذا الرئيس؟، ولماذا يتم التعاطي مع هذا الاستحقاق بمنطق “التهريب”؟، وهل ستكون فيه “الدجاجة قبل البيضة أو البيضة قبل الدجاجة”؟، وبالتالي، هل سيصار الى إختيار إسم مرشح توافقي ليقدم بعد ذلك برنامجه الرئاسي، أم أن مضمون البرنامج الرئاسي هو الذي سيدفع الكتل النيابية الى التوافق على أي مرشح؟.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن “ما يجري من لف ودوران حول الاستحقاق، بات يسيء الى مقام رئيس الجمهورية والى كل المرشحين ومن بينهم الرئيس المنتخب في حال حصل ذلك، والذي يجب أن يعرفة اللبنانيون شكلا ومضمونا قبل الانتخاب، وليس عبر الصورة بعد الانتخاب”.
The post إنتخابات رئاسية من دون أسماء.. وجعجع يجسّ النبض!.. غسان ريفي appeared first on .