تصدر ملف المفقودين والمخفيين قسرًا المشهد اللبناني مجدّدًا، بعد أن تبيّن أن الرئيس المخلوع بشار حافظ الأسد قد اعتقل مئات اللبنانيين خلال العقود الماضية واحتجزهم داخل السجون السوريّة، فاتخذ القضاء اللبناني مجموعة من الإجراءات القانونيّة لمتابعة هذا الملف والحصول على معلومات تفصيلية حول أسماء المعتقلين ليتمكنوا من استعادتهم أو معرفة مصيرهم.
كُلّف وزير العدل هنري الخوري بمتابعة هذا الملف، وبعد اجتماعات مكثفة مع أعضاء لجنة المعتقلين في السجون السورية، باشروا تواصلهم مع القوى الأمنية (قيادة الجيش، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، أمن الدولة)، للكشف عن المعلومات المتوافرة حول ملف المعتقلين في السجون السّوريّة، والتأكد من أسماء المواطنين الذين تم تحريرهم من داخل السجون خلال اليومين الماضيين. وكُلف العميد علي طه لتقصي الحقائق ومتابعة كل التفاصيل المتعلقة بهذا الملف. الهيئة الوطنية للمفقودينوأصدر المدعي العام التمييزيّ، القاضي جمال الحجار، تعميمًا، اليوم الثلاثاء، طلب فيه من كافة النيابات العامة التقيد ببعض الإجراءات القانونيّة، و"إعلام الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرًا بكل ما له علاقة بهذا الأمر، وتزويدها بكل المعلومات القضائية المتوفرة، وتقديم كل الأجوبة المتوفرة حول مصيرهم عملاً بالمواد 2 و7 و22 من القانون". و"مساندتها ومواكبتها بكل ما تحتاجه من قبل الضابطة العدلية، وإحالة طلباتها إلى مكتب المختبرات الجنائية في قسم المباحث العلمية لإجراء عمليات المطابقة مع المعلومات المتوافرة لديه، إن كان لناحية التأكد من هوية رفات المفقودين والمخفيين قسرًا، وتأكيد مكان وجودهم وضمان تحديد الهوية القانونيّة من قبل السلطات المختصة". وتلقي النائب العام المختص معلومات من الهيئة حول توافر أدلة بوجود مدافن لمفقودين والإجراءات التي من المفترض اتخاذها لتحديد موقع المدافن. وطلب لذلك من النيابات العامة وضع اليد بعد الوصول إليها وتعيين حارس قضائي، والتعاون مع اللجان الخاصة لنبش مواضع الدفن، وملاحقة الجرائم التي يعاقب عليها القانون، والإلتزام بمبدأ الحصانة المنصوص عنه في المادة 17 من القانون، لأعضاء الهيئة الوطنية. وحول هذا التعميم لكافة النيابات العامة وقيادة الجيش والشرطة العسكرية، قوى الامن الداخلي، الأمن العام، أمن الدولة، الدفاع المدني، هيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرًا.
وأشار مصدر قضائي لـ"المدن" إلى أن القضاء اللبناني اتخذ الإجراءات الأولية لمتابعة ملف المفقودين في سوريا، بغية التأكد من مصيرهم. لافتًا إلى وضع خطة قضائية أوليّة لمتابعة الملف، وقال إن تنفيذها يحتاج إلى انتظام الأمور داخل سوريا ليتسنى للقضاة والقادة الأمنيين التواصل مع الجهات المعنية في سوريا ومن ضمنهم وزير العدل السوري. ولفت المصدر إلى أن القضاء اللبناني سيطالب بالجداول السورية التي تحتوي على كامل البيانات أو الـ "داتا"، وهي عبارة عن أسماء المعتقلين وجنسياتهم وتاريخ اعتقالهم وما إلى هنالك. كما أنهم بحاجة إلى متابعة ملف المحررين من السجون السورية، لمعرفة أسباب اعتقالهم والتأكد من جرمهم وتأمين وصولهم إلى لبنان في حال تواجدهم داخل المشافي، إضافة إلى أن السلطات القضائية ستطلب من سوريا تسليمها الموقوفين لمتابعة ملفهم القضائي في لبنان.
ورجحت مصادر متابعة لـ"المدن" احتمال زيارة وفد قضائي لسوريا خلال المرحلة المقبلة وذلك بهدف الحصول على كامل المعلومات المطلوبة ومتابعة تفاصيل القضية.
ومما لا شكّ فيه أن الحراك الرسميّ اللّبنانيّ يشكل بادرة إيجابية لمعرفة مصير العشرات من اللبنانيين المُغيبين وهو ما كان سبباً للوم لبنان الرسميّ على تقصيره حيال الملف رغم كل المناشدات لمصير المُغيبين على مدى أعوام.