درج بين السوريين خلال الساعات التي أعقبت الإطاحة بنظام بشار الأسد، مصطلح "التكّويع". وهو وصف أطلقوه على رجالات الرئيس المخلوع بشار الأسد، والذين سرعان ما بدّلوا جلدهم، وتحولوا إلى ثائرين، وحمامات سلامة تدعو للحمة الوطنية في "سوريا الجديدة"، وهم الذين كانوا الألسن السليطة التي دافعت عن الأسد وردّدت روايته، بل أن بعضهم كان يدعوا صراحة لقتل السوريين.
الجعفري طال انتظاره!
ويأتي على رأس هؤلاء "المكوّعين"، السفير السوري السابق في روسيا، والسفير السابق في الأمم المتحد، بشار الجعفري. ونقل موقع روسيا اليوم" عن الجعفري قوله إن "سوريا اليوم أصبحت لكل أبنائها السوريين"، داعياً إياهم للمشاركة في نقل البلاد لمرحلة الانتماء الحقيقي "بعد طول انتظار".
وأضاف أن منظومة الفساد في سوريا، في إشارة لنظام الأسد المخلوع، عانى منها السوريون "الوطنيون"، وعاثت خراباً في البلاد وباعت مقدراتها ودمرت مؤسساتها، ودفعت بالشعب السوري لسلوك النزوح واللجوء نحو المجهول.
وأشار إلى انهيار تلك المنظومة خلال الأيام، "يشهد على عدم شعبية هذه المنظومة وعدم وجود حاضنة مؤيدة لها في المجتمع وفي صفوف الجيش والقوات المسلحة". واعتبر أن فرار الأسد "بهذا الشكل البائس والمهين تحت جنح الظلام وبعيداً عن الاحساس بالمسؤولية الوطنية، يؤكد صوابية التغيير والأمل بفجر جديد وإعادة إعمار الإنسان والحجر". كما وصف الأسد، إشارة وليس صراحة، بـ"التاجر وهاوي التضليل وكذاب محترف".
واتهم الجعفري، الأسد الفار ونظامه، "ببيع كرامات الناس على مدى عقود، ساهموا خلالها الشعب أنواع الظلم كافة وكل أنماط العسف والجور ومحاربة الكفاءات وطرد النخب السياسية والمثقفة".
ويعرف السوريون، لا سيما المعارضون والثائرون على الأسد، الجعفري جيداً، وكيف كان يدافع عن الأسد بشكل مستميت في مجلس الأمن، وكيف أنه كان لسان الأسد ومروّج سرديته عن الثائرين والمتظاهرين في المحافل الدولية، مثل أنهم ارهابيون وسلفيون ويطمحون لإقامة إمارات سلفية، وعملاء لإسرائيل، وأيادٍ لتنفيذ المشروع الأميركي- الإسرائيلي وغيرها.
الخطيب الثائر
أما عبد الرحمن الخطيب، عضو مجلس الشعب الحالي والسابق، وعضو اللجنة المركزية لحزب "البعث"، ونائب رئيس اتحاد كرة القدم السوري، فقد تحوّل بعد إسقاط الأسد، إلى ثائر ومناضل ضد نظامه. وقام الخطيب بحذف جميع منشوراته وصوره مع الأسد، وداخل مجلس الشعب، من على صفحته الشخصية، ووضع علم الثورة السورية بدلاً منها.
وكتب في منشور مُذيل بمتظاهرين يحملون علم الثورة: "بداية أبارك للشعب السوري هذا النصر العظيم الذي لطالما طال انتظار، الحمد لله الذي سخّرني لخدمة أهلي في ريف دمشق بشكل عام، ومنطقتي بشكل خاص، طيلة الفترة الماضية منذ العام 2007".
وأضاف "اليوم، بزوال حقبة قاسية مؤلمة وبقدوم عهد سوري جديد يقوم على الحرية وحسن المواطنة لمستقبل سوريا وازدهارها، يملؤني الأمل بمستقبلٍ مشرقٍ لسوريا. عاشت سورية حرة أبية".
والخطيب، هو أحد أبرز رموز ورجالات نظام الأسد في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وشريك تجاري لزوجة الأسد، أسماء الأخرس، من خلال مشاريع "الوكالة السورية للتنمية"، الممولة من منظمات أوروبية. ويُتهم الخطيب، بسرقة ملايين الدولارات، من المساعدات الأممية التي كانت تأتي للنازحين في بلدته الحرجلة، إبان سنوات الحرب السورية. كما كان أحد المشاركين في تنفيذ اتفاق المدن الأربعة، كفريا والفوعة، الزبداني ومضايا في العام 2017.
الشهابي النووي
أما رئيس غرفة تجارة حلب، فارس الشهابي، والذي دعا الأسد مراراً لضرب المدن الثائرة على الأسد بالسلاح النووي والكيماوي، ودعا لقتل السوريين المعارضين، فقد كتب تغريدة قال فيها: "حان الوقت لأن نضع جميع خلافاتنا جانباً ونعمل معاً من أجل سوريا جديدة ومشرقة. دعونا ننسى الماضي الدموي ونتقدم معاً نحو المستقبل". وعاد الشهابي وحذف حساباته بشكل كامل، لكن صوره وهو يحمل السلاح، مازالت شاهدة عليه.
ملحم والفرا
وعلى ذات المنوال، فقد كوّع عضو مجلس الشعب وائل ملحم بعد سقوط نظام الأسد، قائلاً في حسابه على "فايسبوك": فجر جديد يطل على سوريا الحبيبة. عاشت سوريا وشعبها". كما قام بحذف جميع منشوراته التي تمجد الأسد وصوره معه، لكن البحث عن اسمه على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرها، وجاء في واحدة منها قبل نحو شهر: "من تمسك بيدك (الأسد) ما خاب. كأنما مسك الدنيا بكل ما فيها من عزة وشموخ وإباء. حماك الله سيداً وقائداً مغوار أبد الدهر".
وكذلك كان الحال بالنسبة لعضو مجلس الشعب الإعلامي نزار الفرا، مصدّر رواية النظام عن الثورة السورية لكل بيت سوري، لسنوات طويلة، ومروج سرديته واتهاماتهم ضد المتظاهرين منذ اليوم الأول للثورة السورية. وسار على درب هؤلاء، فنانون كانوا مدافعين شرسين عن الأسد، وشخصيات إعلامية وصحافيون موالون للأسد وسياسيون.