ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بسقوط بشار الأسد وهروبه، هنا بعض الفسبكات والتغريدات حول الحدث واهميته في التاريخ الحديث، بعد الجزء الأول، هنا الجزء الثاني:مروان أبي سمرا
شعلة الحرية والأمل التي التهبت في دمشق هي أيضا تحية لأرواح سمير قصير وميشيل سورا ولقمان سليم الذين كرسوا حياتهم للوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، فاغتالتهَم أجهزة القتل الحزبلهية - الأسدية - الإيرانية. وهناك من دون شك صلة وطيدة واحدة تجمع بين ميشيل سورا وسمير قصير ولقمان سليم: إنها الانهمام بمسألة الاستبداد، ولا سيما الاستبداد الأسدي، واعتبارها المسألة المركزية التي ينبغي لمجتمعاتنا التصدي لها إن لم تشأ أن تلتهمها "دولة البربرية".
فحزب الاغتيالات كان قد دشن مسيرته في بيروت باختطاف الباحث الفرنسي في شؤون الدولة الأسدية ميشيل سورا في 1985 واتخاذه رهينة لمصلحة نظام الملالي الإيراني، ثم بقتله في 1986. وقد بقيت أبحاث ميشيل سورا التي صدرت في كتاب بعنوان "دولة البربرية" أهم ما كُتب في تحليل نظام الاستبداد الأسدي إلى يومنا هذا.وفي الثاني من حزيران 2005 قامت المخابرات السورية- الحزباللهية بتفجير عبوة في سيارة سمير قصير، اللبناني السوري الفلسطيني. الذي كرس قلمه وصوته بشجاعة استثنائية وبصيرة فريدة لاستعادة الحرية في لبنان وسوريا من براثن "النظام الأمني السوري اللبناني" والذي كان له "أعظم الفضل على كل لبناني استرد حق التصرف بلسانه". وكان سمير قصير أكثر من شدّد على ترابط حرية سوريا وحرية لبنان كما تشير عباره الشهيرة: "إن ربيع العرب حين يزهر في بيروت، إنما يعلن أوان الورد في دمشق" .
وقبل ثلاث سنوات، في الرابع من شباط/فبراير 2021، قام حزب القتلة نفسه باغتيال أشجع الأصوات الشيعية اللبنانية المناهضة للاستبداد الأسدي والحزبلهي في سوريا ولبنان، لقمان سليم، وذلك في المنطقة التي يفرض فيها سلطته الأمنية من دون منازع.
وفي هذا اليوم، يوم سقوط بشار الأسد ونظامه، علينا أن نستعيد عبارة لقمان سليم التي كتبها في 2011 وهو يحلم بفجر مثل فجر يومنا هذا: "لطالما تَمَنَّيْتُ لَهُ أَنْ يَسْقُط ... لَمْ يَخْطُرْ لي أن سقوطهُ سَيَكونُ جَميلًا إلى هذا الحد".
فؤاد م. فؤاد
من الصباح وانا مشلول. لا أعرف ماذا أقول ولا كيف أتصرف. ستون عاماً وانا أنتظر هذا اليوم. ستون عاماً وأنا أفكر ماذا سأفعل في هذا اللحظة وكيف سيكون رد فعلي. ومع ذلك فشلت. لم أتوقف عن البكاء ولا عن الضحك الهستيري. في حياة 90 بالمئة من السوريين هذه أول لحظة حرية. القادم؟ هذا سيبدأ من الغد. أما اليوم فعلينا ان نسحب نفساً عميقاً حتى يتغلغل هواء الحرية الى أعمق خلية.. سنعود الى سوريا، سأعود الى حلب.عبد الرحمن أياس
كانت لنا إلى دمشق زيارات كثيرة برفقة الوالد والوالدة رحمهما الله خلال السبعينيات والثمانينيات، فجدتي لوالدي دمشقية (توفيت هي وجدي رحمهما الله قبل زواج والدي من والدتي)، وكان لنا أقارب من جهتها في دمشق. كذلك كان لوالدي صديق لبناني متزوج من سيدة لاذقانية فزرنا اللاذقية مرات عديدة خلال الفترة نفسها.
أعرف كثيراً من دمشق - الحميدية والبزورية والميدان والمهاجرين وساحات الأمويين والعباسيين والسبع بحرات وغيرها كثير. وأعرف بعضاً من اللاذقية وبعضاً من حمص التي كانت لنا زيارة يتيمة إليها. توفي أبي عام 1991 وانقطع التواصل مع الأقارب للأسف. زرت دمشق مع والدتي وأقارب للتسوق عام 1998 ثم عام 2003 مع صديق رافقته إلى السفارة الكندية حيث حصل على تأشيرة هجرة له ولأسرته.
وبعد، إن لي في دمشق وحمص واللاذقية ذكريات طفولة ومراهقة لا تنسى. اشتقت لرائحة البهارات والعطورات في البزورية وألوان الأقمشة في الحميدية وبوظة بكداش الشامية الأصيلة وللمأكولات الشهية في مطاعم دمشق والزبداني. اشتقت لعبارة "كرمالي هالكوساية" عند الأقارب دليلاً على الكرم الشامي، ولفتة المكدوس والجزمز وحراق اصبعه. اشتقت لأرض الديار (الحديقة) في البيوت الدمشقية حيث الياسمينة والقطط جزء لا يتجزأ من الصورة.
أزورك قريباً يا دمشق ويا حمص ويا لاذقية وأزور أماكن لم أزرها ولطالما رغبت في زيارتها، مثل تدمر وبصرى وحلب وحماة والقامشلي والرقة. مبروك حريتك يا سوريا وحريتنا. إنها لحرية واحدة في بلدين. كل الحب والوفاء لك ولأهلك، مردداً مع فيروز: "رد لي من صبوتي يا بردى / ذكريات زرن في ليا قوام".روزا ياسين حسن
صباح الحرية يا بابا يا حبيبي، حلمك عم يتحقق وسامعه ضحكتك وشامّة ريحتك. تحرّرنا يا بوعلي ياسين، يا ثائراً في زمن الخوف، يا حالماً في زمن الخراب. ما عاد في خوف يا بابا ورح نرجع نبني الخراب. ناطرة الآن المغيبين/ات والمعتقلين/ات اللي ما عرفتهم شخصياً وأصدقائي اللي عرفتهم شخصياً وبروحي: عبد العزيز الخير، إياس عياش، ماهر طحان، جهاد محمد، رزان زيتونة، سميرة الخليل، وائل حمادة، ناظم حمادي، فائق المير، خليل معتوق، زكي كورديللو ومهيار كورديللو، علي الشهابي، رامي الهناوي محمد عرب وأسماء كمان كتار كتار، انشالله تكونو بخير. وحاسة بأرواح اللي راحوا وبضحكاتهم حواليّ: مي سكاف، ناصر بندق، أسامة بركة، باسل شحادة، خلدون شقير، مشعل تمو، الأب باولو، يحيى الشربجي، غياث مطر، فاتن رجب، فدوى سليمان وأسماء كمان كتار كتار الرحمة والحب لأرواحكم.
عاشت سوريا حرة كريمة.فاروق مردم بيه
في العاطفة التي تحتضنني، أفكر في كل الأصدقاء الفرنسيين الذين تبنوا القضية السورية لسنوات طويلة جداً وخاصة منذ عام 2011. أعلم أنهم لا ينتظرون الشكر، لقد خطبوا لأنهم أحرار، لأنهم صالحون. أعلم أيضاً أن ما فعلوه سيواصلون فعله من أجل سوريا المستقلة والحرة والديمقراطية والعلمانية. سوريا لكل مواطنيها.غسان زقطان
الأمر ليس فقط الأرتال التي زحفت الى حلب ثم منها الى دمشق، الشعب السوري كان يمهد الطريق في كل قرية وبلدة، لم ينتظر السوريون وصول أبنائهم ليطرقوا أبواب البيوت، لم يسألوا ولم يحللوا ولم يصنفوا القادمين، وهم أولادهم، كانت الفكرة الخلاص من الكابوس الذي استغرق 54 سنة كاملة. معظم المحافظات والأرياف حررها أهلها قبل وصول المقاتلين، هذا ما حقن الدم، دم أبنائهم في الجيش وفي الأرتال، هذا النهوض هو ما أنهى 54 سنة من القهر في عشرة أيام، كان الأمر بحاجة الى الإشارة الأولى حتى تنهض سوريا. هل هناك مخاوف من المستقبل؟ نعم، ولكن هذا الشعب بخبرته وإرادته وثقافته التي علمت المحيط وحبه المدهش لبلاده يملك كل الأسباب التي تؤهله للذهاب نحو الحرية حيث يكمن مستقبله بثقة.نواف القديمي
ما كل هذه السجون في سوريا؟! لم يمض يوم على سقوط بشار إلا واكتشفنا عشرات السجون العلنية والسرية، ومازالت الاكتشافات لم تنته! ما كل هذا ياالله. ويكون تحرير مدن وتمشيطها أسهل من اكتشاف زنازين ضخمة ومخفية تحت طبقات الأرض في سجن واحد مثل صيدنايا.
أعتقد من المهم الاحتفاظ بكل وثائق السجون، ومعرفة أسماء الضباط والسجانين الذي تولوا كل هذا العذاب والإجرام على مدى عقود. هؤلاء يجب محاسبتهم وألا يفلتوا من العقاب. هذه نفوس مطموسة مشوهة تمرست على الإجرام وخطرة على الناس وستكون عناصر فساد وتخريب وفوضى في المجتمع إذا ما تُركت بدون حساب.عباس بيضون
54 عاما تحت جزمات آل الأسد.هذا هو الأبد السوري. كان علينا بالطبع أن لا نقول ذلك. الجزمات هي المعادل القومي، انها العروبة والانبعاث والسيادة والرسالة والسمو والأمة الخالدة. علينا أن نعرف كم يكلف كل من ذلك. ما المقدار الكافي من السجون والإعدامات والجوع والإهانات اللازم لكل من هذه. هناك دائماً من يعتبرون أن الأمر منوط بتقبيل أحذيتهم.. أن الحقيقة هي منصتهم وهي أيضا هديتهم للشعب، هي ما ينبحون به وينبح كلابهم ولا بأس أن نسمي ذلك روح الامة، لا باس أن نعبد قيئنا وان نسميه مجدنا، أو على الأقل تراثنا. الطريقة التي انتهى بها النظام الاسدي، ترينا كم تأخر ذلك، لكنها ترينا كم أن ذلك ممكن. يبقى علينا أن نفكر أنها قد تكون أيضاً فرصة لنتعرف على يومنا وعالمنا، فرصة حقيقية لصناعة الأمة وابتكار المجتمع، أي اللحاق بالتاريخ.حازم صاغية
لماذا يقاوم المرء دمع عينيه وهو يشاهد الصور السوريّة؟
البكاء، في هذا الحدث الكبير، يحضر كما لم يحضر في حدث سابق. ذاك أنّنا، في تجربة سوريّا، نجدنا أمام حالات مؤسِّسة للمشاعر الكبرى الأولى: مصائر غامضة وبحث عن أحياء بين الأنقاض، تشريد جماعيّ من صنف توراتيّ وفصل للبشر عن البشر وسلخٌ لهم عن الأرض، نساءٌ يلدن أبناءهنّ وبناتهنّ في السجون، قوّة محض للوحش المحض في عالم من القتل المفتوح، ومواجهة يأس الاستحالة التي تبدّى أنّها لم تكن استحالة. هكذا بدا الأمر كأنّه نجاح للبشر، بعد طول انتظار وكثير من اليأس، في مغادرة الغابة.
وقبل هذا كلّه وبعده، هناك الدفاع عن الصدق الذي أراد الكذب أن يمنعه ويُسكته. لقد طُلب من السوريّ، سنة بعد سنة، أن يعتذر عمّا نزل به، أو أن يخجل بجرحه، أو أن يتنصّل من أحبّائه المغيّبين. وأريد للسوريّ أن يستمع، وهو باسمٌ ممتنٌّ، لصرخات تمجّد نظاماً يعرفه جيّداً، يعرفه بأسنانه، بأظافره، بخُصل شَعره، وبالدهاليز والزنازين والكرابيج...
لقد بكي السوريّون، وبكينا معهم، لأنّنا شعرنا بأنّ "سوريّا الأسد" تُرينا ما نراه في الأفلام وكتب التاريخ، ولأنّنا أحسسنا بأنّ إنسانيّتنا لم تؤخَذ منّا كما حدث هناك، لكنّ فرصةً لاحت أخيراً للردّ على تلك الإهانة الكبرى، ولردّ الاعتبار لكلّ ما هو حقّ وحقيقة.