لم ينبع من فراغ تصريح رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، أمس، عندما أعرب عن اعتقاده أنّ “ما يجري في سوريا يُشكّل سبباً إضافياً لتحصين الداخل، وحافزاً إضافياً لنا في أن ننتخب رئيساً للجمهورية”، في إشارة منه إلى الجلسة الإنتخابية التي دعا إليها وحدّد 9 كانون الثاني المقبل موعداً لها.
فبعدما عيّن برّي موعد الجلسة، في 28 تشرين الثاني الماضي، بعد 24 ساعة من دخول إتفاق وقف إطلاق النّار بين لبنان وإسرائيل حيّز التنفيذ، إستنتج البعض أنّ برّي إلتقط إشارة خارجية ما، في ضوء التوصل إلى وضع حدّ للحرب، تدعوه للسير في هذا الإتجاه، بعد انقطاع عن الدعوة لعقد الجلسات الإنتخابية إستمر قرابة 18 شهراً، منذ آخر جلسة إنتخابية، حملت الرقم 12، عقدها مجلس النوّاب في 14 حزيران من العام 2023.
غير أنّ تطوّرات الوضع في سوريا منذ 28 تشرين الثاني الفائت وحتى يوم أمس، وانقلاب المشهد السّياسي فيها رأساً على عقب، جعل الأيّام الـ11 الماضية ترخي بثقلها على استحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية خاصّة، وعلى الوضع الداخلي عامّة.
التطوّرات السّورية المتلاحقة دخلت بشكل مباشر أو غير مباشر في حسابات القوى السّياسية وطريقة تعاطيها مع الإستحقاق الرئاسي، إلى حدّ جعل بعض هذه القوى تنظر إلى إنتخابات الرئاسة من زاوية مدى تناسب تداعيات التطوّرات السّورية مع مصالحها حيالها أو تعارضها معها.
ففي حين أكّد فريق السلطة، وعلى رأسه الثنائي الشّيعي، إلتزامه بدعم رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية مرشّحاً للرئاسة، واعتباره “عماد المرشّحين”، ما يزال فريق المعارضة يدور حول نفسه، مقابل عدم تقاطع مكوّنات المعارضة على إسم ما ترشّحه للرئاسة الأولى، ما يجعلها لا تنظر بارتياح إلى جلسة 9 كانون الثاني المقبل، وتفضّل ضمناً تأجيلها بانتظار ظروف أفضل لها.
لكنّ هذه الظروف الأفضل المُنتظرة من فريق المعارضة ليس مضموناً حصولها، ما يجعلها تمارس لعبة الإنتظار، برغم ما تحمله هذه اللعبة من مخاطر غير متوقعة ومن تطوّرات ليست في الحسبان، ويحوّلها إلى مغامرة غير مضمونة العواقب.
وإذا كانت مكوّنات المعارضة لم تربط بين التطوّرات السّورية واستحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، أقله علناً، فإنّها إلتقطت تصريح مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشّؤون العربية والشّرق أوسطية، واعتبرته “خشبة” خلاصها من ورطة الإستحقاق الداهم، عندما قال غداة تحديد موعد جلسة الإنتخاب إنّ “من صَبَر سنتين يمكنه أن يصبر شهرين أو ثلاثة أشهر بعد”.
فهل يمكن القول إّن هناك تقاطعاً ما لدى المعارضة بين التطوّرات السّورية وتصريح بولس، بهدف تطيير جلسة 9 كانون الثاني عبر قيامها بالعمل على فقدان نصاب الدورة الثانية من الجلسة، بانتظار ظروف رئاسية أفضل لها؟
الإجابة في الأيّام المقبلة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني