أبدت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة أميركياً، تفاؤلاً حذراً برحيل رئيس النظام بشار الأسد، وقالت إنها "ترى أن هناك فرصة لبداية سياسية جديدة بعد رحيل الأسد". وأضاف مظلوم عبدي قائد "قسد" أن "هذا التغيير يوفر فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة، ويضمن حقوق جميع السوريين".
معضلة قسد
ويبدو أن "قسد" باتت أمام معضلة بعد سقوط نظام الأسد، لتبدو وكأنها وحيدة بمواجهة الفصائل السورية، خصوصاً أن الإدارة الأميركية المقبلة برئاسة دونالد ترامب لا تبدو في وارد الانخراط بأي صراع في سوريا. وتؤكد ذلك السيطرة "السهلة" من قبل فصائل الجيش الوطني السوري ضمن عملية "فجر الحرية" على مدينة منبج بريف حلب الشرقي، التي كانت خاضعة لسيطرة "قسد"، الأحد، بعد ساعات من سقوط نظام الأسد.
مأزق كبير
وبعد انتهاء الفصائل من مهمة إسقاط نظام الأسد، بات من الواضح أنها ستتوحد نحو "قسد"، ما يعني أن مواجهات جديدة قد يشهدها الشرق السوري. ومع سقوط نظام الأسد، شهدت الرقة ودير الزور تظاهرات تطالب بإخراج "قسد" من المدينة وبقية مناطق "الجزيرة" السورية، التي ترقد هي ودير الزور على صفيح ساخن.
ويرى الشيخ مضر حماد الأسعد المنسق العام لـ"المجلس الأعلى للقبائل السورية"، أن "الانتصار" على النظام أعطى دافعاً للفصائل حتى تواصل استعادة كل الجغرافيا السورية. وحسب الشيخ القبلي، فإن مفاوضات سُتعقد قريباً بين الفصائل و"قسد"، تبحث تسليم الأخيرة مناطق سيطرتها مقابل تعهدات من "الدولة" السورية الجديدة، معتبراً أن "فشل المفاوضات سيؤدي حكماً إلى نشوب معارك لن تكون صعبة على الفصائل". بذلك يعتقد حماد الأسعد أن "قسد" في مأزق كبير، وهي مضطرة إما إلى القبول بشروط الفصائل، أو خوض مواجهات غير متكافئة.
تركيا تملي شروطها
وبعد التطورات الأخيرة، باتت تركيا عدوة "قسد"، أحد أكبر الفاعلين في الشأن السوري، الأمر الذي يمكنها من فرض شروطها التي تتقاطع مع مصلحة حلفائها الفصائل على "قسد". لكن مصدراً من واشنطن، يقول لـ"المدن" إنه "رغم أن قرار سحب القوات الأميركية من سوريا يبدو وشيكاً مع تسلم إدارة ترامب البيت الأبيض، إلا أن واشنطن لن تُقدم على ذلك قبل أن تبحث مستقبل قسد، مع الأطراف السورية". واستدرك المصدر بقوله: "لكن لن تحصل قسد على ما كانت تتطلع إليه، أي نظام حكم لا مركزي، فمن الواضح أن كل الأطراف الدوليين، يريدون دولة موحدة، وفي مقدمتها تركيا حليفة الولايات المتحدة".إلى جانب واشنطن، تتمتع "قسد" بعلاقات مع روسيا التي لا تزال لاعباً مؤثراً في الشأن السوري، رغم سقوط نظام الأسد حليفها السابق. وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي المقرب من وزارة الخارجية الروسية، رامي الشاعر لـ"المدن" إن مسألة "قسد" قابلة للحل، إذ يبدو أن الفصائل لن تعارض منح أكراد سوريا بعض الحقوق "المشروعة" المتعلقة بالقومية الكردية. وأضاف الشاعر: "كنت حاضراً في كثير من الاجتماعات التي عقدتها قسد مع المسؤولين الروس في موسكو، ودائماً كانت قسد تنفي نيتها التأسيس لكيان انفصالي".وتسيطر "قسد" على مدن الحسكة والرقة ودير الزور، وهي المحافظات الغنية بالنفط والثروات الزراعية والحيوانية، ما يجعل التوافق معها من قبل الفصائل السورية حاجة لاستعادة التعافي الاقتصادي في بلاد أنهكتها الحرب.