أخيرًا تحقق الحلم السوريين، وسقط النظام الذي هجّرهم وجحولهم إلى نازحين في الخيم. كانت سوريا وجهة اللبنانيين والسوريين معًا، منذ صبيحة الأحد. ومع إعلان سقوط النظام السوري وهروب بشار الأسد، ودخول الفصائل المعارِضة عمق دمشق، همّت العائلات السورية النازحة إلى عكار وطرابلس ومناطق شمالية أخرى بالدخول إلى سوريا.
مواطنون لبنانيون، من طرابلس وعكار والمنية والضنية، قصدوا سوريا هم أيضاً، للاحتفال بسقوط نظام الأسد، في حين أنّ عدداً من السوريين أرادوا مع الإحتفال تفقّد بلداتهم وقراهم ومنازلهم التي لم يروها من أكثر من 10 سنوات.معابر العريضة والعبوديةمن معابر العريضة والعبودية سيراً على الأقدام باتجاه البقيعة في وادي خالد دخل النازحون إلى الأراضي السورية. تلك المعابر التي استولت عليها المعارضة من الجانب السوري، كما استولت على أجهزة الكمبيوتر والملفات الموجودة في المراكز الحدودية. تطور دفع بالجيش اللبناني للتوجّه نحو المعابر لضبط الأمن والتمركز من الجهة اللبنانية للحدود، لتتحول الحركة باتّجاه معبر وادي خالد في البقيعة، السالك للسيارات، بالإضافة إلى بعض المعابر الضيقة وغير الشرعية التي تعتمدها العائلات، لاسيما منها تلك العائلات النازحة إلى مناطق وادي خالد، وهي عائلات تتحدّر من مناطق سورية كالعريضة، المشيرفة النورة، تلكلخ وغيرها.دخول مؤقت ودائموبحسب ما أفادت العائلات السورية "المدن" فإن بعضها ينوي الدخول إلى سوريا بشكل نهائي للإستقرار من جديد في مناطقهم، لاسيما أولئك الذين منعوا من الدخول لأسباب أمنية لمعارضتهم نظام الأسد. بينما يشير البعض الآخر إلى أن الدخول إلى سوريا يأتي بعد اشتياق، ومن أجل تفقّد الأهل والأقارب والمنازل بعد سنوات طويلة. سعيد كلزلي النازح إلى عكار والذي دخل مع عائلته إلى منطقته "تلكلخ" أكد لـ"المدن" أنه وبعد بزوغ فجر التحرير لم يعد هناك ما يمنعهم من العودة إلى سوريا. ويضيف: "نعم سأستقر الآن في سوريا وسأعود للعمل في أرضي ريثما أتدبّر أموري وأعود لافتتاح محلي ومهنتي التي كنت أعمل فيها قبل الحرب وهي ميكانيك السيارات".
من جهته يشير رامي الجاسم، نزح من تلكلخ إلى عكار، إلى أنه "استطاع رؤية بيته وأهله بعد أعوامٍ من الظلم. سأبقى في سوريا لبضعة أيام وسأعود إلى لبنان، فأنا أقيم بشكل نظامي فيه وأولادي في المدارس اللبنانية، أما مسألة العودة النهائية إلى سوريا فهي مسألة حتمية بدون شك في الفترة المقبلة".لا إجراءات رسميةوبحسب مصادر "المدن" في أحد مراكز عكار التابعة للأمن العام اللبناني، فإن الأعداد التي دخلت إلى سوريا من معابر عكار، تقدّر بشكل أولي ما بين 500 و 800 سورياً. ويضيف المصدر "ليس لدى الأمن العام اللبناني حاليًا الأرقام الرسمية، لاسيما وأن عملية الدخول هذه لا تخضع لأي اجراءات أمنية رسمية، أو عمليات تدقيق، من الجانبين السوري واللبناني. حتى الجيش اللبناني الذي وصل إلى المعابر وتمركز فيها، بعد استيلاء المعارضة السورية على معابرها، لا يمنع العائلات التي تعبر إلى سوريا من الدخول طالما هي ترغب بالعودة، والأهم الحفاظ على الأمن لاسيما في الجانب اللبناني".نزوح عكسيوكما من لبنان فكذلك من سوريا، إذ أشارت معلومات حصلت عليها "المدن" إلى دخول أشخاص من سوريا إلى لبنان، لاسيما من قبل المحسوبين على النظام السوري أو أولئك الخائفين من الأوضاع والمستجدات السورية. وهؤلاء يتخوّفون من الوضع الأمني، فقرروا الهروب إلى لبنان في الوقت الحالي ريثما تتضح الصورة.إحتفالات وإجراءات للجيشإلى ذلك شهدت مناطق عكار احتفالاتٍ شعبية في كل اتّجاه بسقوط بشار الأسد ونظامه. في الأثناء أقام الجيش اللبناني حواجز ثابتة ومتنقّلة في أكثر من منطقة من عكار، وعلى الطرق المؤدّية إلى المعابر المعروفة. وحرُصت وحداته على التدقيق بهويات المارّة وأوراق السيارات في محاولة منها لفرض الأمن ومنع الفوضى في مثل هذه الظروف.
وبانتهاء نظام الأسد ورحيله تنتهي مرحلة سنوات طويلة من معاناة السوريين. تبقى العين في المرحلة المقبلة على مناطق الشمال (عكار، طرابلس، المنية، الضنية ... ) التي تستقبل مئات آلاف النازحين من السوريين منذ بداية الثورة السورية في الـ 2011، وليس معلوماً ما اذا كانت عودة هؤلاء إلى ديارهم في سوريا ستكون دائمة ام مؤقتة لاسيما بعد انتفاء أسباب تهجيرهم. وما هي خطة الحكومة اللبنانية للعودة بعد هذه المستجدات؟