تقدّم الحدث السوري على كل ما عداه من ملفات، فالتطورات الدراماتيكية التي تشهدها سوريا والانهيارات الميدانية السريعة في أكثر من محافظة يوحي بمشهد جديد بدأ يرتسم، وإن كان لا يزال غير واضح المعالم.
وتتجه الأنظار الى الاجتماع الوزاري المرتقب في قطر، بعد اللقاء الثلاثي أمس في بغداد، لالتماس بعد الإشارات حول ما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من تطورات. إلا أن الأرض تنبئ بتحوّلات كبرى من حلب إلى حماة ودرعا، وصولاً إلى السويداء، لتصبح حمص هي المعركة الفاصلة والتي ستحدّد اتجاه الحرب الدائرة ومستقبلها.
وفي السياق، أشار الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد ناجي ملاعب في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أن “ما كنا نتوقعه أمس الأول غير ما توقعناه امس، وما قد يحصل غداً وبعد غد”، مستغرباً الانهيار الحاصل بهذه السرعة أمام المهاجمين.
ورأى ملاعب أن “الوضع اليوم مختلف عن الماضي، فالروس منشغلون بالحرب مع أوكرانيا، والإيراني غير مستعد لخوض حرب لم يحضّر لها، وحزب الله منهمك بما جرى في الجنوب، وهو غير مستعد للحلول مكان الجيش السوري. فالأخير بحالة يرثى لها نتيجة العقوبات وقانون قصير، وراتب الجندي السوري ﻻ يزيد عن 40 دولاراً. لذلك شهدنا قوة للمعارضة وضعف الجهة المقابلة. وقد زوّدها التركي بالأسلحة الحديثة التي يفتقر لها الجيش السوري من مسيّرات بيرق دار، وصواريخ أميركية الصنع… وكان الهجوم”.
ملاعب اعتبر ان سقوط حماة قلب المعادلة إذ ﻻ يُعقل سحب 200 آلية عسكرية من المدينة، وكذلك قيام الجيش الروسي بقصف جسر الرستن. وسأل: “أي جيش يقصف جسر بلاده؟ لذلك ما يحصل كان مخططاً له، والأمور ستتابع الى الأمام ولن تكتفي المعارضة بسقوط حمص بل هدفها دمشق التي ستكون الهدف الثاني”. وقال: “لست أدري اذا كان بإستطاعة الروس والإيرانيين والأتراك الوصول الى حلول دبلوماسية تنقذ بشار الأسد لانه لا يستطيع إنقاذ نفسه”.
إلى ذلك، ونتيجة التطورات السورية واقترابها من لبنان فقد أقفل الامن العام اللبناني، أسوة بالأردن، كل المعابر الحدودية البرية في الشمال حتى إشعار آخر. وأبقى على معبر المصنع أمام حركة الدخول والخروج. وكان الجيش قد أرسل تعزيزات كبيرة الى المناطق الشمالية على حدود لبنان مع سوريا، خوفاً من تقدم جماعات مسلّحة الى مناطق قريبة من الحدود اللبنانية.
جلسة صور
لبنانياً، وفي خطوة وُصفت بالتضامنية مع أهالي الجنوب، وللتأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار وانتشار الجيش جنوب الليطاني، يعقد مجلس الوزراء عند الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم السبت اجتماعاً لمجلس الوزراء في ثكنة بنوا بركات في صور.
وأكدت مصادر حكومية لجريدة الأنباء الالكترونية حضور قائد الجيش العماد جوزيف عون الجلسة للبحث في خطة انتشار الجيش في منطقة جنوب الليطاني، بالإضافة الى البحث في الترتيبات والإجراءات المتعلقة بعملية مسح الأضرار ورفع الانقاض، لإعادة إعمار ما تهدم جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان. وقد ألمحت المصادر إلى قرارات سارّة قد تصدر عن الجلسة.
هذا ومن المقرّر أن تعقد اللجنة المكلفة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار اجتماعاً اليوم في الناقورة، إذا لم يطرأ اي تعديل على موعد انعقادها.
وعزت مصادر مراقبة تأخر مباشرة اللجنة بعملها إلى تأخر وصول الجنرال الفرنسي وكذلك الجنرال الاميركي واستقبالهم الرسمي وضياع الوقت. وأشارت المصادر إلى احتمال تأجيل الاجتماع الى الثلاثاء المقبل، لافتة الى خلاف ظهر حول مكان الاجتماع لان لبنان ﻻ يرغب بحضور ضابط اسرائيلي الى الناقورة. وهذا التأخير أعطى العدو الإسرائيلي فرصة لمتابعة تهديم البيوت السكنية وتنفيذ بعض الغارات والخروقات المتعددة.
جلسة انتخاب الرئيس
بالتزامن، لا يزال الاستحقاق الرئاسي على الطاولة بانتظار جلسة 9 كانون الثاني التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، وإن كانت المصادر السياسية تتجنب المبالغة في التفاؤل بامكان انتخاب رئيس خلال هذه الجلسة.
ورغم تراجع منسوب التفاؤل، أكدت مصادر نيابية عبر الأنباء الالكترونية ان جلسة انتخاب الرئيس باقية في موعدها ولن تؤجل. وأنها ستكون مفتوحة حتى انتخاب رئيس جمهورية لأنه من غير المقبول أن يستمر البلد من دون رئيس جمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تأخذ على عاتقها انتشال لبنان من الانهيار واعادة تفعيل مؤسسات الدولة.
ورأت المصادر أن انتخاب رئيس الجمهورية أكثر من ضروري لأن هناك اتفاقيات وتفاهمات تتطلب أن يكون على رأس الدولة رئيس جمهورية يحمي البلد ويحافظ على الدستور.