قرر الطالب الجامعي، شادي، ملازمة منزله في عطلة نهاية الأسبوع، لمتابعة الأخبار المتسارعة، مع تقدم فصائل معارضة الى مدن رئيسية خلال الأيام الماضية، ما يعكس قلقاً يتشاطره كثيرون من سكان العاصمة.
وقال الشاب الذي تحفظ عن ذكر اسمه الكامل: "لم أرغب في الخروج من المنزل، والجميع فضل أن يتابع الأخبار داخل منزله وأن يبقى قرب عائلته"، مضيفاً بينما تصل إشعارات متلاحقة الى هاتفه الخلوي تثير قلقه: "لم نعد نفهم شيئاً، فتطورات الأخبار أسرع من قدرتنا على استيعاب كل ما جرى خلال أسبوع واحد فقط"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".ومنذ أيام، يعيش سكان دمشق، على غرار مدن سورية أخرى، على إيقاع الأخبار والرسائل النصية حول التطورات الميدانية التي لم تشهد البلاد لها مثيلا منذ سنوات. فمنذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، تشن فصائل مسلحة تقودها "هيئة تحرير الشام"، هجوماً غير مسبوق ضد جيش النظام السوري، بدأته في شمال سوريا. وتمكنت تلك الفصائل من التقدم الى مدينتي حلب وحماة بعد إعلان الجيش السوري إعادة تموضعه في المنطقة، مع مواصلة استهدافه لـ"المجموعات الإرهابية"، في إشارة الى الفصائل المعارضة.واقتربت الفصائل من مدينة حمص وسط البلاد، حيث أكد جيش النظام السوري أنه موجود "لصد أي هجوم إرهابي"، في حين أعلنت "قوات سوريا سوريا الديموقراطية"، وعمادها المقاتلون الأكراد، انتشارها في مناطق في محافظة دير الزور كانت تحت سيطرة النظام.وقال شادي: "القلق مُعدٍ لكنه لا يفيد في أوقات مماثلة، ومن الأفضل الحفاظ على الهدوء"، بينما شددت الحواجز الأمنية المنتشرة في محيط العاصمة خلال الأيام الماضية إجراءات التفتيش والتدقيق. وشهدت مطاعم ومقاهي منطقة باب شرقي في المدينة القديمة حركة محدودة للغاية، بينما أغلقت بعض المحلات أبوابها باكراً في ظل نقص عدد الزبائن.وتغذي التطورات وحالة القلق انتشار الشائعات والأخبار المضللة. وانتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر تصاعد الدخان قرب ساحة الأمويين في دمشق، مرفقاً بتعليق يفيد عن اشتباكات قرب مبنى الأركان. لكن تبين أن المقطع المتداول قديم ولا علاقة له بالأحداث الحالية.وفي وقت لاحق، نبهت وزارة الدفاع في حكومة النظام من مقاطع فيديو "كاذبة ومفبركة حول حدوث انفجارات في مقر الأركان". ودعت المواطنين "إلى الوعي بهذه الأكاذيب ومعرفة أبعادها التي تستهدف نشر الفوضى والذعر في صفوف المدنيين".وقالت جورجينا (32 عاماً)، من دون ذكر عائلتها أيضاً: "أسمع كثيراً من الشائعات. نزلت إلى دمشق القديمة ووجدت أن الحركة روتينية.. لكن الجميع يتابعون الأخبار". ونقلت وكالة أنباء "ريا نوفوستي" الروسية عن مراسلها أن "الوضع هادىء في دمشق ولا انفجارات أو قتال"، فيما ذكرت وكالة أنباء النظام "سانا" الجمعة عن خطباء المساجد في دمشق دعوتهم الى "عدم الهلع والخوف والوقوف صفاً واحداً خلف الجيش العربي السوري للدفاع عن الوطن".وعلى وقع التطورات الميدانية، أرجأت "جامعة دمشق" الامتحانات إلى موعد يحدد لاحقاً. كما أرجأ "الاتحاد السوري لكرة القدم" مباريات الدوري المحلي "حتى إشعار آخر" بسبب "الأوضاع الأمنية الراهنة". وعلى وقع التطورات الأمنية، توقفت بعض الإذاعات المحلية عن بث البرامج الترفيهية وحولت برامجها إلى نشرات أخبار وأغان وطنية.وخصصت قنوات التلفزيون الرسمية تغطيتها لاستقبال محللين سياسيين ومراسلين من مناطق تدور فيها المعارك. وبين وقت وآخر، تبث لقطات من ساحات رئيسية وتنفي "الشائعات" عن سيطرة الفصائل المسلحة على مناطق إضافية، ما أثار سخرية واسعة.وفي موازاة ذلك، سجل سعر صرف الليرة مقابل الدولار مستوى غير مسبوق، إذ بلغ 19 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وفق التجار. وقال أمين (56 عاماً)، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية: "يندفع الناس لشراء الخبز والأرز والسكر ومواد التنظيف. اليوم طلبت من المستودعات مرتين إحضار بضاعة لتلبية الطلب المتزايد".