تعمل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على حماية مكتسباتها العسكرية التي حققتها مؤخراً، في محافظة حلب، والتقدم في ريفها الشرقي، لتأمين خطوط إمدادها ونفوذها على ضفتي الفرات، من خلال السيطرة على المواقع الحيوية في المنطقة، بمساعدة قوات النظام والمليشيات الإيرانية، التي أخلت مواقعها لصالح قسد.
وتشهد القرى والمزارع القريبة من بلدة دير حافر، اشتباكات عنيفة وتبادل للسيطرة بين مجموعات محلية تابعة للجيش الوطني، وقوات سوريا الديمقراطية مدعومة بمليشيات إيرانية، التي تحاول التقدم واستعادة السيطرة على مطاري الجراح وكويرس العسكريين، بعد أيام من سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة، ضمن عملية "فجر الحرية" .
قسد تريد التحكم بموارد حلب
وأعلنت فصائل الجيش الوطني، أمس الخميس، استعادتها السيطرة على القرى الواقعة غربي بلدة دير حافر، بعد انسحابها منها تحت ضغط هجمات قسد والمليشيات الإيرانية، مع استمرار سيطرة قسد على مركز البلدة وأطرافها الشمالية والشرقية، وصولاً إلى محطة مياه الخفسة، بالتزامن مع استقدامها تعزيزات عسكرية للمنطقة.
وقال مصدر محلي لـ"المدن"، إن المعارك ومحاولات التقدم لقسد، تتركز في محورين رئيسيين، الأول، انطلاقاً من قرية قواص التابعة إدارياً لناحية مسكنة، بعد تحولها إلى نقطة التقاء التعزيزات العسكرية التي تستقدمها قسد، باتجاه قرية بابيري التي تضم محطة ضخ المياه إلى حلب.
أما المسار الثاني، بحسب المصدر، فهو الزحف باتجاه مطار كويرس العسكري والمحطة الحرارية، وهو المحور الذي تقوده فصائل موالية لإيران كانت قد انسحبت من ريف حلب الجنوبي، وتعمل تحت راية قوات سوريا الديمقراطية، وقد وصلت فعلياً إلى مشارف المطار الذي يشهد محيطه اشتباكات عنيفة، بعد وصول تعزيزات عسكرية من فصائل الجيش الوطني، أول من أمس الخميس.
ويضيف المصدر أن "هدف قسد السيطرة على المواقع والمنشآت الحيوية في المنطقة، التي تضم محطات ضخ وتنقية المياه المغذية لمدينة حلب ومعظم أريافها، إضافة إلى المحطة الحرارية المغذية للمدينة بالكهرباء، ما يتيح لها التحكم بموارد المدينة، إلى جانب تأمين خطوط إمدادها العسكرية المتوقع ربطها بمناطق تواجدها شرق سوريا، في ظل الانهيار الذي تعيشه قوات النظام".
وكانت فصائل ومجموعات محلية تابعة للجيش الوطني، قد أطلقت تحذيرات ومناشدات لتعزيز المنطقة، بعد تقدم قوات قسد وإعادة تجمع المليشيات الموالية لإيران في ناحية مسكنة، بريف حلب الشرقي، وتنفيذها هجمات متتالية قرب مطار كويرس العسكري.
الجيش الوطني يستعيد المبادرة
ويؤكد مدير المكتب الإعلامي لفرقة السلطان مراد، التابعة للجيش الوطني، محمد نور، تعاون المليشيات الإيرانية مع قسد في ريف حلب الشرقي، وتنفيذها هجمات متتالية ضد مواقع الجيش الوطني في المنطقة.
وبحسب نور، فإن فصائل الجيش الوطني قد استعادت زمام المبادرة قرب بلدة دير حافر، وتمكنت من صد محاولات تقدمها باتجاه مطار الجراح العسكري، والمحطة الحرارية، إضافة إلى استعادة مناطق وقرى كانت قد تقدمت إليها قسد خلال اليومين الماضيين.
ويوضح أن الفصائل العسكرية أرسلت تعزيزات عاجلة إلى نقاط الاشتباك شرق حلب، وعززت المواقع التي تقدم إليها الجيش الوطني خلال عملية "فجر الحرية" التي أطلقت قبل عدة أيام، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، لضمان استمرار سيطرتها على المحطة الحرارية ومطاري كويرس والجراح العسكريين.
معارك خطوط الإمداد
تقدم فصائل عمليات "فجر الحرية" نحو المواقع المذكورة، مكّنها من قطع طريق حلب-الرقة في بعض المناطق جنوب شرق حلب، وصولاً إلى بلدة دير حافر، بينما تحافظ قسد على القسم الآخر من الطريق قرب ناحية مسكنة بريف حلب، وصولاً إلى دبسي عفنان، ودبسي فرج، في ريف الرقة، والمنطقة الإدارية الواصلة بين الرقة وحلب، التي ما تزال تحتفظ ببعض الجيوب الخاضعة لسيطرة المليشيات الموالية لإيران.
ويقول محمد نور: "تحاول قسد الحفاظ على خطوط إمدادها التي تربط بين مناطق سيطرتها في منبج بريف حلب، ومدينة الطبقة بريف الرقة، ما يفسر استماتتها للحفاظ على مواقعها وقبولها باستمرار انتشار المليشيات الإيرانية في هذه المنطقة الحساسة، خصوصاً وأن الاتصال الجغرافي الأخير قد حقق لقسد توازناً أكبر منحها قدرة أوسع على المناورة خلال المعارك الجارية".
ويشير إلى أن "قطع خط الإمداد الحالي، يعني خسارة قسد لسانها البري القريب من حلب، وانتقال الخطر إلى مركز سيطرتها في منبج، فضلاً عن وقوعها تحت رحمة المليشيات الإيرانية، التي ما تزال تنتشر في منطقة مسكنة والبلدات الفاصلة بين حلب والرقة تحت راية قسد".
ورغم خطورة المعارك والاشتباكات الجارية بين فصائل الجيش الوطني وقوات سوريا الديمقراطية شرق حلب، يرى كثير من الخبراء العسكريين المتتبعين لسير المعارك والتطورات الأخيرة الحاصلة في سوريا، أن تهديدات قسد الحالية قد تنتهي بمجرد دخول الطيران التركي إلى المنطقة.