“العين” في لبنان على تطبيق اتفاق وقف النار جنوبا، بعد اكتمال عقد لجنة المراقبة التي ستكون خلال الايام المقبلة امام اختبار إلزام العدو “الاسرائيلي” بوقف خروقاته ومحاولاته لفرض وقائع من خارج نص الاتفاق، وقد برز بالامس رهان لبناني رسمي على دور فرنسي فاعل في اللجنة، لايجاد التوازن المطلوب مع الفريق الاميركي – الفرنسي.
ماذا يجري في سوريا؟
تزامنا ارتفع منسوب القلق من الاحداث المتسارعة في سوريا، بعد نجاح المجموعات المسلحة باسقاط مدينة حماة بعد حلب، ما استدعى استنفارا للجيش على الحدود الشرقية وتعزيزات بشرية ولوجستية تحسبا للاسوأ، مع اقتراب الاشتباكات من محافظة حمص. وكان لافتا بالامس موقف حزب الله بشأن هذين التطورين حيث وضع الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حدا للمحاولات الاميركية و”الاسرائيلية” لتجاوز مضمون الاتفاق، مشددا على انه يدخل في اطار تنفيذ القرار 1701 ويعنى فقط بمنطقة جنوب الليطاني ولا شيء آخر، مانحا الدولة اللبنانية الفرصة اللازمة لفرض تطبيقه والزام “اسرائيل” باحترامه.
اما في الملف السوري المعقد لكثرة اللاعبين الاقليمين والدوليين، فهو يشهد محاولة متجددة لقطع “شريان الحياة” عن المقاومة من خلال قطع طريق طهران- بيروت، وربما الذهاب الى محاولة اسقاط النظام، فقد جدد الشيخ قاسم دعم حزب الله للدولة السورية، في مواجهة المد التكفيري المدعوم اميركا و”اسرائيليا”، دون ان يقدم اي تفصيل حول نوعية وكيفية هذا الدعم، علما ان لحزب الله بنية عسكرية وتنظيمية موجودة اصلا في سوريا.
رئاسيا، يبدو ان تصريحات مستشار الرئيس الاميركي الجديد مسعد بولس بعدم استعجال الاستحقاق، قد “دغدغ” مشاعر المعارضة، التي تدعي السيادة ولم يسمع لها صوت في انتقاد التدخل الاميركي الوقح في شأن لبنان داخلي، بل باتت اقرب الى نسف موعد الـ 9 من كانون الثاني، وهي تواصل “المراوغة” بوضع “فيتوات” على المرشحين المحتملين في محاولة مكشوفة لمسايرة رغبات ترامب.
بري يُحذر من المس بالسيادة
وعشية عقد اللجنة المكلفة الاشراف على وقف النار اولى اجتماعاتها في الايام المقبلة، استقبل الرئيس نبيه بري رئيس لجنة مراقبة إتفاق وقف إطلاق النار في لبنان الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز والوفد العسكري المرافق، بحضور السفيرة الاميركية ليزا جونسون والمستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان، حيث جرى عرض للأوضاع العامة، لاسيما الميدانية منها منذ بدء سريان وقف إطلاق النار ومهام اللجنة.
وعلم في هذا السياق، ان بري حذر في هذا الاجتماع من تمادي العدو “الاسرائيلي” في خروقاته، ما يمكن ان يؤدي الى نتائج سيئة على الارض، وعندها قد لا يمكن السيطرة على الاحداث. وطالب بري بالاسراع في اطلاق آلية عمل اللجنة، كي يتم البدء بالزام “اسرائيل” بتنفيذه، كما شدد على عدم قبول لبنان باي قراءة محرفة للاتفاق، بما يسمح لـ “اسرائيل” بهوامش تمس السيادة اللبنانية.
ماذا وعد جيفرز بري؟
ولفت بري الى ان ما تم الاتفق عليه مع المبعوث الاميركي هوكشتاين واضح، وهو تنفيذ القرار 1701 دون اي تعديلات، واشار الى ان المماطلة بالتنفيذ ستفقد اللجنة مصداقيتها، وهو امر غير مرغوب به على الاطلاق. وقد سمع بري من جيفيرز كلاما واضحا بانه مكلف بمراقبة تطبيق الاتفاق، والامر سيكون مهنيا وحرفيا بعد انطلاق اعمال اللجنة، التي ستلتئم يوم غد وتعقد اجتماعها الرسمي الاول خلال ايام.
ميقاتي يراهن على باريس
وفي الاطار نفسه، استقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي رئيس الوفد العسكري الفرنسي في اجتماعات “اللجنة الخماسية” المولجة مراقبة وقف اطلاق النار الجنرال غيوم بونشان، وشارك في الاجتماع سفير فرنسا لدى لبنان هيرفيه ماغرو. وفي خلال الاجتماع اكد ميقاتي ان اولويات الموقف اللبناني، هي وقف اطلاق النار والخروقات “الاسرائيلية” وانسحاب الجيش “الاسرائيلي ” من الاراضي اللبنانية، وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب.
ووفق مصادر مطلعة كان ميقاتي واضحا في تعويل لبنان على الجانب الفرنسي، لايجاد التوازن في عمل اللجنة مع الجانبين الاميركي و”الاسرائيلي”، وهو شرح مليا محاولات “اسرائيل” للتنصل من الاتفاق من خلال فرض الوقائع على الارض، وطلب من باريس التشدد في هذا السياق، لان مخاطر الفشل هذه المرة ستكون مدمرة.
استقرار طويل الامد
وكان ميقاتي قد اكد من وزارة الخارجية السعي للوصول الى استقرار طويل الامد، وان تكون المرجعية للدولة وحدها، وان يتولى الجيش السلطة الفعلية على الارض وأن نحميه”. وشدد على “ان التفاهم على وقف اطلاق النار هو نوع من الآلية التنفيذية لتطبيق القرار 1701، واولويتنا الوصول الى استقرار طويل المدى وانتخاب رئيس للجمهورية.
قاسم يثبت المعادلات
بدوره، قطع الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الطريق على المحاولات الاميركية- “الاسرائيلية” لتفسيرات محرفة لاتفاق وقف النار، واشار الى أن “اتفاق وقف إطلاق النار هو آلية تنفيذية للقرار 1701 وليس قائما بذاته، والقرار 1701 ينص على انسحاب “إسرائيل” ويمنع وجود المسلحين جنوب الليطاني، مشيرًا إلى أن “إسرائيل ارتكبت أكثر من 60 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار، والحكومة مسؤولة عن متابعة ذلك، لا علاقة لـ “إسرائيل” بعلاقتنا بالداخل وبالجيش اللبناني. كما أن القرارات ذات الصلة الواردة في القرار 1701 لها آلياتها، ومنها استعادة لبنان لحدوده خلال الفترة الزمنية المحددة.
الاستفادة من الدروس
ولفت الشيخ قاسم الى ان حزب الله يعمل على الاستفادة من الدروس في هذه الحرب، عبر التطوير والتحسين بكل المجالات، وقال “عشنا أياماً وأسابيع لمدة 64 يوماً بالتضحيات والآلام والشهداء والجرحى، بصبر وثبات وتوكل على الله، فالعدو أراد من خلال عدوانه سحق المقاومة فواجهته بمعركة أولي البأس، وقد لفت قاسم إلى أن “استعادة بنية القيادة والسيطرة في الحزب كانت عاملا مهما في الانتصار، وانتصرنا لأن العدو لم يحقق أهدافه وهذه هزيمة له”.
حزب الله يدعم سوريا
وبعد ان شرح آلية التعويضات على المتضررين من الحرب، رأى قاسم أن “العدوان على سوريا ترعاه أميركا و”إسرائيل”، فالجماعات التكفيرية في سوريا كانت أدوات لـ “إسرائيل” وأميركا، وأعلن الأمين العام لحزب الله أنه “سنكون في حزب الله إلى جانب سوريا لإحباط هذا العدوان، فالجماعات التكفيرية تريد نقل سوريا من الموقع المقاوم إلى موقع يخدم العدو الإسرائيلي”.
الخروقات على حالها
ميدانيا، استمرت خروقات جيش الاحتلال، فيما واصل الدفاع المدني اللبناني عمله في البحث وتفقد عدد من قرى وبلدات قضاء صور، حيث تمكن من انتشال تسعة شهداء من بلدة شمع، وستة من بلدة البياضة، وشهيد من الناقورة .
وتعرضت فرق الدفاع المدني في الناقورة لقصف مدفعي خلال عملها، كما اقدمت القوات المعادية على تفجير “درون” مفخخة بالقرب منهم ، مما دفعهم الى الإنسحاب. وتوجهت صباح امس فرق الدفاع المدني الى تلك البلدات مصطحبة آليات ضخمة لاستكمال عملية البحث عن شهداء . واستهدفت مدفعية جيش العدو الطريق العام في بلدة عين عرب . وعمد جيش الاحتلال الى تفجير منازل في منطقة الحرش في بلدة يارون- قضاء بنت جبيل.
وتقدمت قوة مشاة “اسرائيلية” بمواكبة جرافة ودبابات ميركافا الى الطرف الغربي لبلدة شبعا، وعملت على اقامة سواتر ترابية قطعت عبرها الطريق التي تربط بلدة شبعا بمحور بركة النقار.
مهمات للجيش جنوباً وشرقاً
في المقابل، وعشية جلسة لمجلس الوزراء التي ستعقد جنوباً يوم غد ، بمشاركة قائد الجيش العماد جوزيف عون، اعلنت قيادة الجيش ان “الجيش يواصل تعزيز انتشاره في الجنوب إضافة إلى تعزيز الانتشار على الحدود الشمالية والشرقية تحسبًا لأي طارئ، بخاصة خلال هذه المرحلة الاستثنائية التي تتطلب من جميع الفرقاء التعاون من أجل المصلحة الوطنية.
المعارضة لا ترغب بالانتخابات الآن؟
وفي الملف الرئاسي، يتكرر مشهد عام 2016 حين تزامن انتخاب الرئيس ميشال عون مع دخول ترامب الى البيت الابيض، لكن حتى الآن لا تزال الصورة ضبابية في السباق الرئاسي، الذي يشهد حرقا للاسماء، والاوراق، في الوقت الضائع، بانتظار موعد الجلسة المقبلة، حيث تراجع التفاؤل نسبيا في امكانية ان تشهد “الولادة” المنتظرة.
ووفق مصادر سياسية بارزة، فان رئيس مجلس النواب نبيه بري جاد للغاية في تحديد موعد الاستحقاق، وهو يلتقي مع رغبة فرنسية جامحة لتمرير الاستحقاق في موعده، لكن من الواضح من خلال بعض المعطيات ان المعارضة تعمل على التسويف، بانتظار دخول ترامب الى البيت الابيض.
واذا كانت كتلة “الاعتدال” ستتحرك الاسبوع المقبل تجاه “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” للخروج من الدائرة المغلقة ازعور – فرنجية، فقد كان لافتا ما نقله زوار “معراب” عن جعجع، الذي اعتبر انه لم تختمر بعد اسم الشخصية التي ستتبناها المعارضة، وقال ما الضير من التأخير بعض الوقت لننتظر ما لدى ترامب؟
جنبلاط في باريس
وفي سياق متصل، وصل الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط إلى باريس امس، حيث من المتوقع أن يلتقي عددًا من المسؤولين الفرنسيين ،لمناقشة التطورات السياسية والأمنية في لبنان.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الزيارة تأتي في وقت حساس على صعيد الاستحقاقات السياسية في لبنان، خصوصًا مع اقتراب موعد انتخابات رئاسة الجمهورية في 9 كانون الثاني المقبل. ولن تقتصر لقاءات جنبلاط على الأوضاع الداخلية اللبنانية، بل ستشمل أيضًا تطورات الوضع في جنوب لبنان، ويسعى جنبلاط إلى الحصول على اجوبة واضحة من الجانب الفرنسي، ويستعد للعب دور الوسيط لايجاد مخرج للاستحقاق الرئاسي.
المطار يعود الى نشاطه
في هذا الوقت، عاد مطار رفيق الحريري الدولي الى نشاطه، وأظهر جدول رحلات الطائرات الواصلة والمغادرة من والى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أن 14 شركة طيران عربية وأجنبية تستأنف تسيير رحلاتها إلى مطار بيروت حتى 6 كانون الأول الجاري، “والحبل على الجرار”.
وكانت شركات طيران عربية وأجنبية أخرى، قررت استئناف رحلاتها قبل 15 من الجاري، في حال صمد اتفاق وقف إطلاق النار، على رغم الخروقات “الاسرائيلية” المتواصلة منذ ان دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي. كما أن رئيس مطار بيروت فادي الحسن، كان أعلن ان كل شركات الطيران العربية والأجنبية ستستأنف رحلاتها من والى مطار بيروت في الفترة ما بين 5 و15 الجاري.