ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالأحداث المفاجئة في سوريا، وأدت إلى سيطرة المعارضة المسلحة على مدينتي حلب وحماة.كتب الفنان التشكيلي المقيم في هولندا خيرالدين عبيد:لحظة عتاب. هاي ماهي عيشة، قدّامي حبتين غاز وكاسة مي، عشر دقايق بس.. وبودّع.لكان هيك بتساوي، خمسطعش يوم مختفي؟ طيّب قول في شعب عميستناك.. عميستنا يشوفك، يسمع كلمة منك، شرح.. ضحكة ع الأقل. شيلك من الشعب، أنا.. أنا اللي طول عمري بحبك وبتمثّل فيك.. بتتركني، وأيمت.. بهيك أوقات، معقول؟ بتعرف أشو صار بهل فترة؟ خربت الدنيا، فقت الصبح ولاّ الهيئة.. ماغيرا طالعة بشعار ردع العدوان، أيوة.. أشو القصّة، قال بدهن يرجعو الناس لبيوتها. دي حاج.وعينك تشوف، ساعة.. وإذ بقولو جوباس تحرّرت، اتصلت برفيق أسعد اللي صرلو ست سنين هوي وعيالو بالخيمة، أشو القصة يا أسعد؟ قلّي وهوي عبيبكي، أوّل مرة بيبكي، لك رجعت داري وأرضي ياخيييير رجعت. تاري الحكي جد، فتحت التلفزيون عقناة سوريا ولاّ عبصورو.. إهاي جوباس.. أنا بعرفها.. صحيح خرابة.. بس هاي هيي. وكرّت المسبحة، شوي وإذ تحررّت سراقب، هنن عبيستعملو هاي الكلمة مو أنا، وقال أشو.. مليانة إيرانيين. وخود بقا.. ناس راحو شمال صوب كفرنبل.. وناس صوب حلب.ساعتين تلاتة، وإذ إجا خبر كفرنبل، له له، المراسلين عبصورو من دوار السّاعة أو دوّار التحرير، هيك هنن مسمينو، وعينك تشوف.. مافي ولا سقف.. قال أشو.. الجيش هاددو وسارق سياخ الحديد، شوف على هل كذب، ليش الجيش دخل ليدمّر ويقتل ويسرق ولاّ ليلاحق الإرهابيين اللي عميكتبو لافتات؟ رجعت اتصلت بعبدالكريم من البارة.. اللي راح ابنو بالبرميل.. هيك قال.. ولا كمان عبيبكي. صارت الأجوبة دموع. المهم.. ما مضى هداك اليوم إلا بطلوع الروح. طبعاً.. كل هل الشي وانت غايب.. وأنا متل الأم اللي ابنها بالعملية، عبلوب.. لك وينك.. هيك لعرفت إنك بروسيا، هون برد قلبي.المهم.. تاني يوم الصبح، وبسمع هداك الخبر، حلب.زغللو عيوني، أنا بحلم ولا بعلم.. شوي ولا..... أشو بدي احكيلك.. بس لازم احكي، لازم كون صريح.. هاي اللحظات اللي بسموها اللحظات المصيرية، ولازم تكون بالصّورة. مدرّعة.. وكبيل وناس متجمهرة، ووين؟ قدّام تمثال الباسل، وقّف قلبي، شوي وبيطلع واحد عضهر الحصان، بلف الكبل ع.. سامحني.. بس لازم احكيلك.. عرقبتو.. وبيقول لأبو المدرعة عطيييا.. لك يا ولاد الهيك وهيك هاد الباسل.. هاد المهندس الطيار الفارس الذهبي ال.. ماحدا لحدا. ياياب راسي، معقول اسرافيل نفخ بالصور؟ طفيت التلفزيون وصرت دخّن، غبقت الغرفة ومرمر تمّي. رجعت شعّلتو، ويا ريتني ما شعّلتو، الشباب بالقصر، إي إي.. بقصرك، بغرفة نومك، لطشت حالي كف قرصت حالي.. والله أنا ماني حلمان.دقّقت.. ولاّ واحد معو صورتك.. بالزلط، بقصد بالكيلوت، بدّك الصراحة، بهل لحظة انبسطت، ماشاء الله عليك متل غصن البان، تاريك عايش إيّامك، أشو هل غرفة والجاكوزة والتخت، آه منّك آه عبترشرش هل ياسمينة عالتخت وبتلعبطو.. لك روح الله يبسطك.بس شوي وبرجع بصحا.. وبصيح.. عيب.. هاد كيلوت الرئاسة. آه.. آه. كل هل شي وانت مختفي، تاركني لحالي بأحلك الظروف، لا ليلي ليل ولا نهاري نهار. أتاري كل شي صار ماش. إجا دور حماة. حماة اللي بتحبها.. أباً عن عمْ.ودارت هديك المعركة، صحي نسيت قلّلك.. قالو جماعتك أنو حلب راحت غدر، ووصلولهم رسالة للإرهابيين إنّو إن كنتو زلم تعو ع حماة. بتعرف أشو ردّو عليهم، رح قلك بس سامحني كرمال ال الأوليا.. قالو جايين وغير ندحش شوارب معلمّكن بط... مارح كمّل، صح اللحظة مصيريّة ولازم حطك بالجو بس سامحني. قلت لهون وبس، اليوم يوم الجيش والقوات الرديفة، وستنيتك، ستنيتك تطلع.. تبرّد قلوب الجماهير اللي بتحبّك، الجماهير اللي من أول يوم.. من وقت ماسمعنا المستشار عبقول لمحمد منصور أنّك بتمتلك نقائبية وشمائلية تربيت عليها وتخرّجت من مدرسة القائد المحنّك اللي بيشهد الو العالم كله وشربت من وقت كنت صغير من كأس قدرتو السياسية.. من هداك اليوم اللي مات فيه القائد الخالد وهيي عبتكحّل عيونها بطللتك. بس وينك، مو بالليلة الظلماء يفتقد البدر؟ في أحلك من هيك إيّام. كسرتني، والله كسرتني، لكا هيك بتتركني لحالي شوف كل أهالي حماة عبيرقصو وبياكلو حلاوة بجبن. لك ياكلو.. آخر همّي، بس لحالي متل البس قاعد وعمشوف الوالد الخالد، محاوطينو الإرهابيين.. وقدامو الرافعة.. وعبيدفشوه، لك إي إي.. الإله الخالد.. اللي واصل لسابع سما، لحالو، طيب ظهار وبان مو مشاني، بالناقص منّي، مشان أبوك اللي خلفلك أحلى مزرعة وأحلى مرابعين، دفشوه.. ما تحمّل دفشة، رغم وزنو السياسي العربي والإقليمي والدولي، وطب... اندج هديكي الدجّة وانقرفت رقبتو. لك يقرفو عمري قرف عود اليابس على هل موقف.طفيت التلفزيون وانطفت الدنيا بعيوني. أنا رح اشرب الحبتين. لحظة.. لحظة.. سمعللي هل رسالة الصوتية اللي اجتني عل واتس، إ أنا ناقص، مرة حلبية عبتشرحلها لبنتا صفاء عن الإرهابيين أشو عبساوو بحلب، الحكي من تمها.. والله يا صفاء ومالك عليي يمين، عبوزعو الخبز والخضرة والبيض وإش بدّك.. كلشي. وسائل تدفئة، جابو موظفين عبنضفو الشوارع، جابو فضائي اسمو سيريا فون وعبركبو عالاسطحة بكل مكان مشان مابقى نعبّي وحدات.. إلكاا. إي والله ياصفاء، وهلق عبصلحو الكهربا مشان تجي ٢٤ ساعة، إلكااا.إش د قولّك، خدمة ممتازة، وشغلة تانية.. حطّو شرطة مهندمة، وكل شي عبّمشي متل الليرة. يوم الجمعة إجو.. ويوم السبت والله يابنتي بتلاقي الشمس الصبح غير شكل، بتحسّي حالك عيد يوم الفطر السعيد، إلكاا. حااااج. أنا تعبت، تعبت كتير، الحبتين بإيدي، وقبّل ماودّع الي عندك طلب. عبقولو بدهن.. بدهن.... يبعتلو القطع للسيني، آل بدهن يعدموك، وقال شو.. رقبتك طويلة.. وبدون يحطو الحبل الو عقدتين تحت دقنك، موعقدة وحدة. آآآآآآه. بس أنا شربت الحبتين، وما بعرف إذا بلحق أكتب هل كم كلمة.مو كوهين من زمان وقت عدموه لزقو عصدرو ورقة. بدي منك تنسخ هل الرسالة وتحطها عصدرك. ودّعناك.كتب مصطفى تاج الدين الموسى:كانوا أطفالاً صغاراً يوم طردتهم من بيوتهم المتواضعة أيها الطاغية.وهناك، في الشمال، دفنوا بصمت أهلهم الذين قتلتهم. واشتغلوا، حفاة يبيعون على أطراف الدروب الوعرة، سوس أو بسكويت أو ورود ذابلة أو طفولة شاحبة... ومرت السنوات، وكبر الأطفال... خرجوا اليوم يطاردون روائح بيوتهم القديمة، من أعمق نقطة في الذاكرة. رجعوا إليكَ من برد المخيمات. رجعوا إليكَ من قهر المخيمات. رجعوا إليكَ من طين المخيمات. رجعوا إليكَ من جوع المخيمات. رجعوا إليكَ فقط ليحرموكَ أيها الطاغية، حتى من أن يكون لك مجرد قبر، في هذه البلاد، في بلادهم... ينتهي الطاغية مع نهاية آخر خيمة...وقالت الكاتبة السورية الفلسطينية وسام الخطيب:
أنا الهاربة "رقم 10 مليون" من سورية
ونقطة هروبي كانت حلب
عبرت سبعة بلدان خلسة كما يليق بلصة
واختبأت في ألمانيا
سرقت أشياء ثمينة قبل أن أهرب:
مثل تاريخنا المكدس في ذاكرتي
والذي كان بالمناسبة ضخماً وثقيلاً
فحرم اللغة الألمانية من مساحاتها المستحقة
فتقت جلدي قبل الهرب
ووضعت تحته اختلاسات تافهة
لا تعني أحداً غيري:
ضحكة أمي وأبي
اللذين فقداها للأبد بسبب هوسي التافه بالامتلاك
مخطوط لم يكتمل لرسالة ماجستير في جامعة حلب
وجه صديق أحبه في دمشق
ولأنني لا أتقن الخياطة جيداً
غرقت اختلاساتي في بحر إيجة
عندما شارفت على الغرق
لكنني نجوت مع التاريخ!
لن أقول لكم إن قلبي كان لهوى البلاد
فهذه أسطوانة مشروخة مللتم سماعها
ومع أنني لصة كبيرة
لكني تركت لشركائي في الوطن كل عطوره
رائحة التراب بعد المطر
ورائحة الكرز والليمون والرمان التي أحبها
وروائح التوابل في أزقة المدن العريقة
أنا الآن امرأة بلا رائحة
وبالطبع
أنا الهاربة "رقم 10 مليون" من سورية
إلا أنني أملك رقماً إضافياً
الهاربة "رقم 5 مليون وخمسمئة ألف" من فلسطين
أورثني هذا الرقم جدي الهارب عن طيب خاطر
فقد كان ملماً بميولي التراجيدية
وعلق على رقبتي من بين كل أحفاده
قرية أم الزينات
كان مظهري مريباً في سورية
رقبة غريبة مليئة بالشجر
تفهم بعض شركائي في وطني الجديد
تلك الأمانة المعلقة في عنقي
وفر مني كثيرون
في أوروبا تحولت إلى مسخ
أمشي في شوارعها الفاخرة برقبة مهولة
تحمل على وجهها الأمامي قلعة حلب
وتحمل على وجهها الخلفي شجر القرية
يهرب مني الغربيون بفزع
مع أنني أقسمت لهم مراراً
أني أنا نفسي هاربة
كما يهرب مني الآن شركائي في الوطنين
ليس لأنهم يخافون من مظهري
هم فقط يخافون
أن أرمي نصيبي من القلعة والشجر لهم أيضاً
وأمشي في أوروبا خفيفة.